القبط، رفقاء رحلة العمر، أصحاب الطفولة والشباب والكهولة، يا من شهدت ارض مصر صدق محبتنا وعمق صداقتنا، وتقاسمنا مع بعضنا خيراتها، وسمع نيلها الخالد رنات ضحكاتنا، يا إخواني خالص الاعتذار، وشعور بأسف عميق لاعتذار عن جرم ارتكبه في حقكم، همج مآلهم النار، مأوي كل آثم جبار. ولخوارج العصر الذين يتخذون من سفك دماء الناس حرفة، ويجرمون في حق دينهم ونبيهم وإخوانهم في الوطن الواحد، أسألهم من القائل : " اوصيكم بأقباط مصر خيراً فان لنا فيهم نسباً وصهرا " ؟!، ومن القائل : " من آذي ذميا فأنا خصمه " ؟! ومن الذي قال لأصحابه الذين رأوه يقف لجنازة يهودي : " أوليست نفسا ؟ " ؟! ومن بعده غير العادل عمر بن الخطاب، حافظ وصايا نبيه السمحة، الذي أعطي إبن قبطي سوطا يضرب به ابن عمرو بن العاص، حاكم مصر، الذي لقب نفسه ابن الأكرمين، ردا بالمثل علي ظلم أنزله به ؟! وقوله الشهير : " متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ فإن كان من يرتكبون هذه الجرائم الوضيعة ضد أبناء الوطن من أقباط أو مسلمين، في جهالة عن وصايا رسولنا الكريم، فهم أبعد ما يكونون عنه، بل وعن كل رحمة أنزلها الله العلي لا علي البشر أجمعين فحسب بل علي ما هو أوسع وأبرح، وهو القائل سبحانه في كتابه العظيم : " قل لمن ما في السموات والأرض قل لله كتب علي نفسه الرحمة " الأنعام 12 وعندما يقول عز وجل : " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " النحل 90 ، فهو لا يقصد إن تقتصر هاتان الصفتان علي بشر دون بشر أو ملة دون أخري، بل إن رحمته وعدله وإحسانه يطولان كل مخلوقاته من ناس ودابة، فما بال أولئك القتلة لا يفقهون سعة رحمة الباريء الأكبر وإرادته التي لا راد لها في ترتيب الكون ومن فيه كما بينه في قوله : " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " هود 118 / 119، و " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة " المائدة 48 . وقتل النفس بدون حق كفر مؤكد بالله تعالي واستهانة بخلقه، ولا يعتقدن من يفعل ذلك، مهما هئ له، إنه داخل في رحمة الله، بل ينطبق عليه قوله العزيز : " الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما " . النساء 18 ، وليس لهم أن يحوزوا بأية حال رضاء نبينا الكريم ولا شفاعته، وكيف يتأتي لهم الغفران وهو القائل : " أفاضلكم عندي أحاسنكم أخلاقا "، فهل قتل نفس بدون نفس، يحتسب من مكارم الأخلاق ؟