* نواجه التطرف بحرص حتى لا تكون هناك تأثيرات جانبية * بناء السلام الاجتماعى يجنب الدول الدخول فى الصراعات * نقدر المرأة ونحترمها ونستهدف الدفع بها لما تستحقه * تصويب الخطاب الدينى ضرورة لمواكبة متغيرات العصر * المسئول يجب أن يصنع منصات للحوار والتواصل وبناء الوعى * الشباب المصرى نقى وقوى ولديه إقدام شديد على التغيير
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن رؤية القيادات السياسية تمثل أهم العناصر التى تؤثر على السلام سواء الداخلى أو بين الدول وبعضها البعض، مشيرا إلى أن إرساء السلام يعتمد على قدرة القيادات السياسية بالدولة فى قراءة الموقف بشكل حقيقي. وقال الرئيس فى مداخلته خلال جلسة بعنوان «دور القادة فى بناء واستدامة السلام» ضمن فاعليات منتدى شباب العالم إن رؤية الرئيس الراحل أنور السادات للسلام كانت مبنية على تجربة وقراءة نتيجة استمرار الصراعات، مؤكدا أن بناء السلام الاجتماعى داخل الوطن قد يجنب الدولة الدخول فى الصراعات. وأضاف الرئيس أنه عندما نتحدث عن رؤية الرئيس السادات فى السلام نرى أنها كانت مبنية على تجربة «الصراع وأثره»، حيث أخذ الرئيس السادات هذا التوجه فى بناء السلام الذى نعده عملا متفردا فى عصره. وأضاف أنه لم يتصور البعض عندما طرح الرئيس السادات فكرته للسلام أنها قد تكون مقبولة من الرأى العام فى المنطقة، حيث إنه تحرك بإيجابية لرؤيته مدى خطورة الحروب على الدول ومستقبلها. وقال الرئيس السيسى: إن الرئيس السادات دفع ثمن رؤيته لتحقيق السلام، من خلال جهده حيث ظل يثابر عدة سنوات حتى توصل إلى اتفاق سلام مستقر وثابت، وليس باغتياله كما يعتقد البعض. وأضاف أن «التجربة والقناعات التى تتشكل لدى القادة نتيجة تجربة الرئيس السادات قد تكون السبب فى إيجاد الحلول أو فى أن يكون السلام من أهم أجزاء البناء الإنسانى لهذا القائد». واضاف الرئيس أن دور القادة فى بناء واستدامة السلام يرتبط برؤية القيادات السياسية فى العالم أو لكل دولة، وقدرتهم والمجموعة التى تقوم بتشكيل وصياغة الرأى والقرار الذى قد يؤدى فى النهاية إلى الدخول فى الصراع سواء كان ذلك على الصعيد الداخلى او الخارجي.مؤكدا أنه لا أحد يستطيع التدخل فى اختيار الشعوب لقادتها، وأن كل شعب يختار حاكمه وبالتالى يصبح هذا الحاكم ممتلكا لرؤية وقدرات دولته، حسب قناعته وتوجهاته ورؤيته فى حل القضايا، الأمر الذى قد يتأثر به السلام. وأكد الرئيس السيسى أن قدرة القيادات على القراءة الحقيقية للموقف سواء فى العلاقات بين الدول أو مواقف داخل دولته تختلف من شخص لآخر أو من قائد لقائد أو حاكم لحاكم أو من رئيس لرئيس حسب الخلفية الثقافية والفكرية والبناء العلمى الذى تم إعداده به إلى جانب التجربة التى يمتلكها سواء كانت تجربة تاريخية قرأها أو عاشها أو من خلال المساعدين الموجودين حوله . وأشار الى أن بناء السلام الاجتماعى داخل الوطن الواحد يجنب الدولة الدخول فى صراعات أخرى، فقد يلجأ الحاكم من أجل توحيد الرأى العام الداخلى فى بلده أو لاكتساب مكانة أن يدخل فى صراع، مشيرا إلى أنه من المهم أن يكون المسئول أو الرئيس أو الحاكم حريصا جدا على تنمية وتطوير بناء السلام الاجتماعى داخل بلده. فعندما واجهت مصر التطرف والإرهاب، كان هناك حرص شديد على ألا يترتب على هذا الاجراء بناء عدائيات بقدر الإمكان، وذلك باستخدام وسائل المواجهة فى أقل الحدود، حتى لا يكون لها تأثيرات جانبية». جانب من جلسة دور قادة العالم فى بناء السلام وخلال المناقشات التى دارت بالجلسة حول دور المرأة والشباب فى المجتمع قال الرئيس إنه عندما يتحدث عن دور المرأة فى مصر، فإنه لا يتحدث بصيغة القوانين والإجراءات، ولكن يتحدث بممارسات تستهدف المحاولة بالدفع بالمرأة للمكان الذى تستحقه، ونخطو خطوة حقيقية قوية نحو تقدير واحترام المرأة فى مصر». وتابع: « لدينا على سبيل المثال، 8 أو 9 سيدات مشاركات فى الحكومة، وسنسمح ونتيح الفرصة للمزيد، ونسعى إلى بناء وعى حقيقى بعدم التمييز بين الرجل والمرأة. وأردف الرئيس قائلا: عندما نقوم بهذا الأمر بالشكل المناسب على مدى سنوات متصلة، يترتب عليه أن ينمو ويزيد السلام الاجتماعى داخل المجتمع، والأمر نفسه بالنسبة للشباب، مشيرا إلى أن الشباب المصرى، نقى وقوى ولديه إقدام شديد على التغيير، ويسعى إلى تغيير الواقع الذى يراه «سيئا». وأوضح الرئيس أنه يجب على أى مسئول صنع منصات للحوار والتواصل وبناء الوعى الحقيقى مع الشباب، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن شبكات التواصل الاجتماعى والثورة التى حدثت فى وسائل الاتصال كان لها عوامل إيجابية، فإنها كانت لها بعض السلبيات التى يجب أن نتجاوزها.. ولكى نتجاوز تلك السلبيات، كان لابد أن يكون هناك اتصال مباشر بين المسئولين والشباب من خلال هذا المؤتمر، لكى نسمع بعضنا البعض ونشرح القضايا ونتحدث عن التحديات التى تواجهنا ونسمع رد الفعل من شبابنا». وحول قضية البطالة أكد الرئيس أنها أحد أسباب عدم الاستقرار الداخلى فى بعض الدول وانتشار ظاهرة الهجرة غير المشروعة، ووجه خطابه للدول المتقدمة مطالبا إياها بتحمل مسئوليتها بالتشارك مع الدول التى ليست لديها الفرصة والقدرة، بإعطائها جزءا من الفرصة المملوكة لديها فى السوق العالمية لتوفر لأبنائنا وشبابنا وبناتنا فرصة عمل، مشيرا إلى أن الأمور عندما ترتبط بالمصالح نجد ردود الأفعال تكون مختلفة من الدول الكبري. وأضاف الرئيس أن نحو مليون شاب وفتاة يخرجون إلى سوق العمل فى مصر كل سنة، فهل تتصور فرص العمل التى من الممكن أن تتوافر لهم؟ كيف ومن أين؟، وهل الدول المتقدمة التى ليست لديها تلك المشكلة، ولديها 4 % أو 5% نسبة بطالة فقط، لديها استعداد للمنح والتشارك مع الدول الأخرى مثل مصر وإفريقيا، بأن تعطيها الفرصة بأن يكون لديها مشروعات تتيح فرص العمل للشباب من أجل حل المسألة؟. وقال الرئيس: «إن الأمل لا يبنى فقط بالكلام، ولا نستطيع أن نقول لشباب مصر اطمئن كل شيء سيكون على ما يرام ولكن اصبر معنا قليلا.. ممكن أصبر معك قليلا ولكن لا أستطيع الصبر للنهاية. وأوضح الرئيس أن المصالح الخاصة بالدول تدفعها إلى أن تتدخل فى صراعات لأسباب خاصة بمصالحها، وهذا أمر يجب وضعه فى الاعتبار، ومصالح الدول التى ترى أن الصراعات فى الدول قد تكون مفيدة لها حتى لو كان ثمن ذلك البشر». وحول الآليات الحالية لحل الصراعات.. قال الرئيس السيسى إنه تحدث فى هذه النقطة مع شباب مصر فى مؤتمر سابق وأكد أنه قبل عام 1945، كان العالم مختلفا وكان القوى يستطيع أن يفعل أى شيء، ولكن اليوم بعدما تم تشكيل آليات الأممالمتحدة، هذا الأمر تم السيطرة عليه بشكل كبير، وهذا يعد تطورا كبيرا فى الإنسانية. وتابع الرئيس: «خلال ال 40 عاما الماضية كنا بحاجة إلى تطوير آليات العمل التى تعمل من أجل منع الصراعات وإحلال السلام فى العالم، أنا لم أتحدث عن المعايير المزدوجة التى من الممكن أن تؤدى إلى نشوء الصراعات».. لافتا إلى أن ازدواج المعايير والالتفاف عن آليات العمل الدولية لحل الصراعات يسهم فى تناميها.. معتبرا أن آليات حل الصراعات فى العالم تحتاج إلى تطوير والقوة لم تعد المعيار الوحيد لحلها. وأوضح الرئيس أنه منذ 5 أعوام كان المجتمع المصرى يعيش فى حالة انقسام شديد ولكن تجربتنا أثبتت أن حقيقة التآخى والعيش المشترك والتعامل بشكل متساو مع كل المجتمع من أهم عناصر بناء السلام الاجتماعى الحقيقي. ووجه الرئيس حديثه إلى ضيوف مصر بالمنتدى قائلا: إننا فى مصر لا نميز بالدين بين مسلم ومسيحى ولكن هو مصرى ، وسقوط أى مواطن مصرى فى حادث إرهابى يؤلمنا ويؤلم كل المصريين ، وأنا على استعداد أن تتجهوا للرأى العام فى الشارع المصرى وأن تسألوه عن رد فعلهم عن أى حادثة تستهدف أشقاءنا ومواطنينا من المسيحيين.. مشيرا إلى أن استهداف مسجد وكنيسة رد الفعل والتأثير واحد على الاثنين . وقال الرئيس: «حين تكون هناك رؤية مبنية على قيم ومبادئ وقناعات لقيادات الدول بأن تتعامل مع مواطنيها دون تمييز سواء بين رجل وامرأة وبين الأديان الكل سواء وهو ليس بمجرد كلام ولكنها ممارسات يجب أن تنفذ وتتحول إلى سياسات وآليات عمل مستقرة فى الدولة حتى يكون لها الاستدامة ولا تنتهى بانتهاء أحد». وأضاف أن مصر الآن لديها قوانين تنظم البناء الموحد من بينها بناء الكنائس فى مصر، حيث مضى 150 عاما قبل أن نخرج هذا القانون حتى نحقق استقرارا فى هذا الأمر وننهيه، مشيرا إلى أنه قبل ذلك لم تكن الدولة تفكر فى بناء دور عبادة للمواطنين غير المساجد، والآن أصبحت الدولة معنية فى أن تبنى فى كل مجتمع جديد كنائس لمواطنيها لأن لهم الحق فى العبادة كما يعبد الجميع. وتابع الرئيس: «لو فى مصر أديان أخرى كنا سنقوم ببناء دور عبادة لهم ، لو كان هناك يهود سوف نبنى لهم المعابد ، وأى ديانات أخرى سنفعل لأن ذلك من حق المواطن أن يعبد كما يشاء أو لا يعبد، ذلك أمر لا يجوز التدخل فيه». وقال الرئيس إنه عندما أطلقنا فى مصر تصحيحا أو تصويبا للخطاب الدينى تكلمت على أن الصراعات كلها متمركزة فى هذه المنطقة، بغض النظر عن فكرة المؤامرة، لابد من أن نتوقف عن هذا الحجم الضخم من الصراعات فى المنطقة وأكبر نسبة للاجئين والضحايا.. مضيفا أن الرؤية ومشاهدة الواقع دون أى غرض وراء إطلاق مبادرة تصويب الخطاب الديني. وأردف قائلا «إن تصويب الخطاب الدينى أحد أهم المطالب التى تحتاجها المنطقة وفى العالم الإسلامى على الإطلاق لا يمكن أن تكون مفردات وأفكار كان يتم التعامل بها من ألف سنة وكانت صالحة فى عصرها، ونقول إنها يمكن أن تكون صالحة فى هذا العصر». وتابع: «إننا لا نتحدث عن تغيير دين ولكن عن كيفية إقناع أصحاب العقول والرأى والمعنيين بهذا الأمر بأن هناك مشكلة حقيقية فى خطابه وفهمه للدين الذى يتعامل به فى هذا العصر، لابد من إيجاد مفردات لخطاب دينى تتناسب مع هذا العصر، ومن الممكن بعد مرور 50 عاما أن نحتاج إلى تطويرها أيضا بتطور المجتمعات».