أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن رؤية القيادات السياسية من أهم العناصر التي تؤثر علي السلام سواء الداخلي أو بين الدول وبعضها البعض. مشيرا إلي أن إرساء السلام يعتمد علي قدرة القيادات السياسية في كل دولة في قراءة الموقف بشكل حقيقي. وقال الرئيس السيسي في مداخلة خلال جلسة »دور القادة في بناء واستدامة السلام» ضمن فعاليات منتدي شباب العالم المنعقد في شرم الشيخ إن رؤية الرئيس الراحل أنور السادات للسلام كانت مبنية علي تجربة وقراءة نتيجة استمرار الصراعات. مؤكدا ان بناء السلام الاجتماعي داخل الوطن قد يجنب الدولة الدخول في الصراعات.. وشدد علي أن للمرأة دورا مهما وفعالا في المجتمع. مضيفا: اتخذنا خطوات حقيقية لتفعيل دور المرأة في مصر. وقال الرئيس إن الكثير من الموضوع »دور القادة في بناء واستدامة السلام» يرتبط برؤية القيادات السياسية في العالم أو لكل دولة، وقدرته والمجموعة التي تقوم بتشكيل وصياغة الرأي والقرار والذي قد يؤدي في النهاية إلي الدخول في الصراع سواء كان ذلك علي الصعيد الداخلي او الخارجي. الشعوب تختار قاداتها وتابع :إن كل دولة من خلال شعبها تختار الحاكم بالانتخابات أو بأي اسلوب آخر، وبالتالي أصبح يمتلك رؤية وقدرات دولته، خاصة أنه لا أحد يستطيع أن يتدخل في اختيار الشعوب لقاداتها. وقال السيسي إن هذا الحاكم يمتلك أدوات وقدرات دولته، وهو حسب قناعته وتوجهاته ورؤيته أظن سيتأثر السلام بهذا العامل وهو قادة الدول وقناعتها وتوجهاتها في حل القضايا. وأكد الرئيس السيسي أن قدرة القيادات علي قراءة الموقف والقراءة الحقيقية له سواء كانت علاقات مع دول أو مواقف داخل دولته بالفعل تختلف من شخص لآخر أو من قائد لقائد أو حاكم لحاكم أو من رئيس لرئيس حسب الخلفية الثقافية والفكرية والبناء العلمي الذي تم إعداده به إلي جانب التجربة التي يمتلكها سواء كانت تجربة تاريخية قرأها أو عاشها أو من خلال المساعدين المتواجدين حوله. وقال السيسي عندما نتحدث عن رؤية الرئيس السادات في السلام نري أنها كانت مبنية علي تجربة الصراع وأثره، حيث أخذ الرئيس السادات هذا التوجه في بناء السلام الذي نعتبره عملا متفردا في عصره». مؤتمرات الشباب وأشار الرئيس السيسي إلي أن فكرة تنظيم مؤتمر للشباب لتبادل الحديث مع الشباب عن الواقع الذي نواجهه، اقترحها أحد الشباب في أول لقاء في نوفمبر 2016. وقال الرئيس السيسي: »الحقيقة نتائج المؤتمر كانت هائلة، وقلنا نكمل وننظم مؤتمرات متواصلة كل شهر ونصف أو شهرين لشباب مصر، ثم تطور الموضوع ونظمنا منتدي شباب العالم الأول في 2017، ثم المنتدي الثاني الذي نتواجد فيه الآن من أجل بناء السلام الاجتماعي.. وأنت كمسئول في الدولة أو مسئولين يجب أن توجد منصات للحوار والتواصل وبناء الوعي الحقيقي الذي دائما أتكلم عنه، صحيح أن شبكات التواصل الاجتماعي والثورة التي تحدث في وسائل الاتصال كان لها عوامل إيجابية، لكن كان لها بعض السلبيات التي يجب أن نتجاوزها.. ولكي نتجاوز تلك السلبيات، كان لابد أن يكون هناك اتصال مباشر بين المسئولين والشباب من خلال هذا المؤتمر، لكي نسمع بعضنا البعض ونشرح القضايا ونقول التحديات التي تقابلنا ونسمع رد الفعل من شبابنا». وأضاف : بالمناسبة أي إنسان سواء كان شابا أو كبيرا في السن، طالما أنك ستعقد معه حوارا منطقيا وموضوعيا ستجد أنه علي استعداد للتجاوب ويتحمل معك.. ونحن تكلمنا عن البطالة، وصحيح هي في بلدنا لها عامل مهم جدا لأننا عندنا تحت سن ال 40 ما يقرب من أكثر من 65 مليون نسمة، وهو رقم كبير جدا. البطالة وتابع :»إذا كنا نتكلم عن البطالة، والعالم كله يتكلم أن أحد أسباب عدم الاستقرار الداخلي في بعض الدول أو الهجرة غير الشرعية هي البطالة، فهل يا تري الدول المتقدمة مستعدة تتشارك مع الدول التي ليست لديها الفرصة والقدرة، وتعطيها جزءا من الفرصة المملوكة لديها في السوق العالمي لتوفر لأبنائنا وشبابنا وبناتنا فرصة عمل.. أم إذا كان الموضوع يرتبط بالمصالح نجد ردود الأفعال تكون مختلفة. وقال الرئيس السيسي : أنا بطرح هذا الطرح لنا جميعا.. وإذا كان أنا عندي في مصر هنا تقريبا 800 أو 900 ألف، وقد يصل إلي المليون شاب كل سنة وشابة يخرجون إلي سوق العمل، فهل تتصور أن فرص العمل التي من الممكن أن تتوفر لهم كيف ومن أين، هل الدول المتقدمة التي ليست لديها تلك المشكلة، ولديها 4 % أو 5% نسبة بطالة فقط، عندها استعداد للمنح أو أن تتشارك مع الدول الأخري مثل مصر وأفريقيا، بأن تعطيها الفرصة بأن يكون لديها مشروعات تشغل فيها شبابها وشاباتها من أجل حل المسألة. قال الرئيس عبدالفتاح السيسي : »إن الأمل لن يبني فقط بالكلام، ولا نستطيع أن نقول لشباب مصر اطمئن كل شئ سيكون علي ما يرام ولكن اصبر معنا قليلا.. أنا ممكن أصبر معك قليلا ولكن لا أستطيع الصبر معك للنهاية». صراعات مصالح وأضاف السيسي: »أن المصالح الخاصة بالدول تدفعها إلي أن تتدخل في صراعات لأسباب خاصة بمصالحها ؛ وهذا أمر يجب وضعه في الاعتبار، ومصالح الدول التي تري أن الصراعات في الدول قد تكون مفيدة لها حتي لو كان ثمن ذلك بشرا». وحول الآليات الحالية لحل الصراعات.. قال السيسي : »تكلمت في هذه النقطة مع شباب مصر في مؤتمر سابق وقلت إنه قبل 1945، كان العالم مختلفا وكان القوي يستطيع أن يفعل أي شئ، ولكن اليوم بعدما تم تشكيل آليات الأممالمتحدة وأصبحت متواجدة، هذا الأمر تم السيطرة عليه بشكل كبير، وهذا يعد تطورا كبيرا في الإنسانية». وتابع الرئيس : »خلال ال 40 عاما الماضية كنا بحاجة إلي تطوير آليات العمل التي تعمل من أجل منع الصراعات وإحلال السلام في العالم، أنا لم أتحدث عن المعايير المزدوجة والتي من الممكن أن تؤدي إلي نشوء الصراعات» .. لافتا إلي أن ازدواج المعايير والالتفاف علي آليات العمل الدولية لحل الصراعات يسهم في تناميها..معتبرا أن آليات حل الصراعات في العالم تحتاج إلي تطوير والقوة لم تعد المعيار الوحيد لحلها. وتابع : »أريد أن أختم كلامي بشأن الوضع في مصر، لكل الموجودين معنا في المنتدي.. أنا تكلمت عن بناء السلام الاجتماعي.. أنا أريد أن أقول لكم منذ 5 أعوام كان المجتمع المصري في حالة انقسام شديد ولكن تجربتنا أثبتت أن حقيقة التآخي والعيش المشترك والتعامل بشكل متساو مع كل المجتمع هو أحد عناصر بناء السلام الاجتماعي الحقيقي». وأشار الرئيس إلي حادثة أمس الأول وهي الاعتداء علي الأشقاء والمواطنين المصريين.. قائلا: »نحن في مصر لا نميز بالدين بين مسلم ومسيحي ولكن هو مصري، وعند سقوط اي مصري في حادث إرهابي يؤلمنا ويؤلم كل المصريين، وأنا علي استعداد أن تتجهوا للرأي العام في الشارع المصري وأن تسألوه عن رد فعلهم عن أية حادثة تستهدف أشقاءنا ومواطنينا من المسيحيين».. مشيرا إلي أن استهداف مسجد وكنيسة رد الفعل والتأثير واحد علي الاثنين وهذا الموضوع لم يكن موجودا قبل ذلك. وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي حين تكون هناك رؤية مبنية علي قيم ومبادئ وقناعات لقيادات الدول بأن تتعامل مع مواطنيها دون تمييز سواء بين رجل وامرأة وبين الأديان الكل سواء وهو ليس بمجرد كلام ولكنها ممارسات يجب أن تنفذ وتتحول إلي سياسات وآليات عمل مستقرة في الدولة حتي يكون لها الاستدامة ولا تنتهي بانتهاء أحد». وأضاف السيسي : »لدينا قوانين تنظم البناء الموحد من بينها بناء الكنائس في مصر، حيث مضي 150 عاما قبل أن نخرج هذا القانون حتي نعمل استقرارا في هذا الأمر وننهيه قبل ذلك، لم تكن هناك دولة وأقصد هنا مصر تفكر في بناء دور عبادة للمواطنين غير المساجد، والآن أصبحت الدولة معنية في أن تبني في كل مجتمع جديد كنائس لمواطنيها لأن لهم الحق في العبادة كما يعبد الجميع». تطوير الخطاب الديني وتابع : »لو في مصر أديان أخري كنا سنقوم ببناء دور عبادة لهم، لو في يهود سوف نبني لهم معابد وأية ديانات أخري سنفعل لأن ذلك من حق المواطن أن يعبد كما يشاء أو لا يعبد، ذلك أمر لا يجوز التدخل فيه». وقال : »حين أطلقنا في مصر تصحيحا أو تصويبا للخطاب الديني تكلمت علي أن الصراعات كلها متمركزة في هذه المنطقة، بغض النظر عن فكرة المؤامرة، لابد من أن نتوقف عن هذا الحجم الضخم من الصراعات في المنطقة وأكبر نسبة للاجئين والضحايا».. مضيفا أن الرؤية ومشاهدة الواقع بدون أي غرض وراء إطلاق مبادرة تصويب الخطاب الديني. وأضاف : »إن تصويب الخطاب الديني أحد أهم المطالب التي تحتاجها المنطقة وفي العالم الإسلامي علي الإطلاق لا يمكن أن تكون مفردات وأفكار كان يتم التعامل بها من ألف سنة وكانت صالحة في عصرها، ونقول أنها يمكن أن تكون صالحة في هذا العصر». وتابع : »إننا لا نتحدث عن تغيير دين ولكن عن كيفية إقناع أصحاب العقول والرأي والمعنيين بهذا الأمر بأن هناك مشكلة حقيقية في خطابه وفهمه للدين الذي يتعامل به في هذا العصر، لابد من إيجاد مفردات لخطاب ديني تتناسب مع هذا العصر، ويمكن بعد مرور 50 عاما نحتاج إلي تطويرها أيضا بتطور المجتمعات». وفي نهاية كلمته.. قال السيسي: »سعدت للغاية بهذا الحوار الثري وأشكر الجميع».