ترتبط مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية بعلاقات أخوية أزلية تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، وتشهد تقدمًا وازدهارًا كأنموذج يحتذى به فى التعاون بين الأشقاء على أسس متينة من الود والتفاهم والاحترام المتبادل، وما يجمعهما من أواصر الوحدة العربية والروابط الدينية والثقافية والمصير الواحد المشترك. وتتسم هذه العلاقات بالقوة والعراقة استنادًا إلى تاريخ مشترك يمتد لأكثر من خمسة آلاف عام بين حضارة مملكة السلام والتسامح، وأقدم حضارات العالم قاطبة فى مصر هبة النيل وكنانة الله فى أرضه، فى ظل تمتع البلدين بموقع جغرافى استراتيجى متميز وسط قارات العالم، وما يجمعهما على مر الحقب والعصور من صلات إنسانية وثقافية واجتماعية، وقيم حضارية وأخلاقية راقية، ودور محورى مؤثر ينشد الأمان والرخاء فى العالم العربى والإسلامي، ويدعم السلام والاستقرار فى المنطقة والعالم. ولقد كانت لمصر العروبة مواقفها الحضارية والقومية والإنسانية الراسخة فى وجدان كل بحرينى وعربي، ولا ننسى إسهاماتها فى تدعيم نهضتنا التنموية والتعليمية والصحية منذ بدايات القرن الماضي، ووقوفها الدائم إلى جانب أمن وعروبة البحرين والخليج العربى فى مواجهة الأطماع الإيرانية، ومشاركتها العسكرية فى حرب تحرير دولة الكويت الشقيقة، وتضحياتها فى سبيل نصرة القضايا العربية والإسلامية، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، وانتصاراتها المشرفة فى حرب أكتوبر المجيدة التى صانت للأمة عزتها وكرامتها، حيث نحتفل هذه الأيام بذكراها الخامسة والأربعين. واكتسبت العلاقات البحرينية المصرية أهمية استراتيجية متزايدة فى ظل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل مملكة البحرين المفدى، وأخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، والتزامهما العميق بدفع مسيرة العلاقات الأخوية التاريخية إلى أعلى المستويات وفى المجالات كافة، بما يحقق المصالح المشتركة لكلا البلدين والشعبين الشقيقين، وحقوقهما وشع`r bوب المنطقة فى الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار. ولقد عبر جلالة الملك عن تقديره لمكانة مصر كركيزة لأمن واستقرار المنطقة، وحصن منيع للأمة العربية والإسلامية وذلك فى لقاءاته العديدة والمتواصلة مع أخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لاسيما منذ مشاركته فى تنصيبه رئيسًا للجمهورية فى يونيو 2014، واستقباله فى زيارته الأخيرة إلى المنامة فى أغسطس الماضي، وسط اعتزاز بحرينى على المستويات الرسمية والشعبية كافة بالمواقف الحكيمة والثابتة لفخامته فى الوقوف إلى جانب أمن البحرين والخليج العربي، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من أمن مصر القومي، ورفضه القاطع لأى محاولات للتدخل فى شئون الدول العربية أو المساس بأمنها واستقرارها. هذا، وتتميز البلدان بتطابق مواقفهما الدبلوماسية الحكيمة إزاء القضايا الإقليمية والدولية، من خلال التزامهما بصون الأمن القومى العربي، ودعم السلام العادل والشامل فى المنطقة، واحترام الشرعية الدولية فى الحرص على أمن الدول واستقرارها وسيادتها وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وتكريس الفكر الدينى المستنير، ونبذ الكراهية والتعصب والتطرف والغلو، والعمل على تعزيز الجهود الدولية فى محاربة الإرهاب، واجتثاثه من جذوره الفكرية والتنظيمية والتمويلية. وتأكيدًا على عمق الشراكة الأخوية التاريخية والاستراتيجية بين البلدين الشقيقين، تأتى مبادرة مؤسسة الأهرام الصحفية العريقة وبالتعاون مع وزارة شئون الإعلام البحرينية بتنظيم مهرجان الأهرام الثقافى فى جامعة البحرين الوطنية تحت شعار «مصر العروبة وبحرين الوفاء.. حضارتان ومصير مشترك»، لتعكس إدراكنا المشترك لأهمية دور الإعلام الوطنى فى التنوير وإثراء الإبداع الفكرى والحضاري، ومد جسور التواصل والتعاون بين الأشقاء، وتوحيد الصف العربى فى مواجهة التهديدات التى تستهدف أمننا واستقرارنا، وهويتنا الثقافية والعربية، والتمسك بالقيم الإنسانية فى نشر السلام والتسامح والتعايش المشترك بين جميع الثقافات والحضارات والأديان. وستبقى مصر بقيادتها الحكيمة وشعبها الأبى غالية فى قلوبنا، عزيزة على أنفسنا، شامخة بتاريخها وتراثها وحضارتها وعراقتها، ورمزًا للعروبة والإسلام المعتدل فى احتضانها للجامعة العربية والأزهر الشريف ونصرتها لقضايا أمتها، ومواقفها القومية البطولية المشرفة، وستظل مملكة البحرين وفية لمبادئ الأخوة، وبانتمائها للوطن العربى الكبير، مؤمنة أن مصر القوية المزدهرة مصدر فخر وأمان واستقرار للأمة العربية، داعية إلى تعزيز التآخى بين الأشقاء العرب لما فيه الخير لشعوبنا فى حاضرها ومستقبلها، انطلاقًا من وحدة الهدف والمصير. لمزيد من مقالات ◀ على بن محمد الرميحى