47 عاما مضت على رحيل كوكب الشرق ومازالت حاضرة بيننا ليس فى مصر وحدها، بل وسائر البلدان العربية والأجنبية أيضا، حيث تواجدت فى مهرجان فينسيا السينمائى الدولى العام الماضى، من خلال فيلم عنها بعنوان "البحث عن أم كلثوم" للمخرجة الإيرانية شيرين نشأت. أم كلثوم لم تكن أبدا مجرد مطربة عادية، ولا هي أيقونة الغناء والطرب في العالم العربي فقط، وإنما هي حالة استثنائية فريدة استطاعت أن تجمع أطياف الشعوب العربية، حتى ممن فرقتهم السياسة، فالجميع كان على موعد ليلة الخميس الأخير من كل شهر للاستمتاع بحفلاتها. أدوارها الوطنية أيضا لا تخفي علي أحد من خلال دورها الاستثنائي للمجهود الحربي بعد نكسة 67، سواء بحملة جمع التبرعات التي تبنتها، أو ما خصصته من إيرادات حفلاتها دعما لإعادة بناء الجيش، ولأنها تعلم أن الفن هو أكبر سفير لأى بلد، لذلك وبذكائها المعهود حرصت على أن تجوب بصوتها سائر أنحاء العالم حتى صارت أهم سفيرة لبلادها، وهذا فى حد ذاته هو أقصى دعم ممكن أن تقدمه فنانة لبلدها. الآن "أم كلثوم" وبعد ما يقرب من نصف قرن على رحيلها تعود من جديد لتحيى حفلاتها الشهيرة وعلى الهواء مباشرة، ولكن هذه المرة ليس في مصر، بل فى المملكة العربية السعودية، حيث أعلن هناك مؤخرا عن تنظيم حفل غنائى لها بطريقة تكنولوجيا "الهولوجرام" أو التصوير التجسيمى. وجاء في برومو الحفل أنه: "قبل 47 عاما ودع العالم الأسطورة أم كلثوم. الآن وفى 2019 السعودية على موعد جديد مع الأسطورة أم كلثوم فى حفل هولوجرام وهو الأول من نوعه". وبمجرد الإعلان عن هذا الخبر حدثت ضجة كبرى داخل المملكة، ودشن المغردون هشتاج تصدر تويتر بعنوان "أم كلثوم في السعودية"، وأبدى الآلاف إعجابهم بالفكرة، كما وعدوا بحضور حفل سيدة الشرق الأولى التى وصفوها ب"هرم مصر الشامخ". نعم نحن فخورون بها، ليس كمصريين فقط بل وكعرب أيضا، ويكفى الرسالة والمعنى بأن الفن أو الفنان الحقيقى لا يموت ولا يفنى، بدليل أنهم عندما يقررون فى المملكة عمل حفل غنائى بخاصية تكنولوجية جديدة، فلم يجدوا أجدر من قيمة وقامة غنائية كبيرة مثل أم كلثوم ليخوضوا من خلالها تجربتهم الجديدة. ليت مطربينا الحاليين يتمعنوا قليلا أمام ما يحدث مع سيدة الغناء العربي، فربما لو حذوا حذوها وساروا على دربها يجنوا فيما بعد ولو جزء صغير من قدرها الكبير وقيمتها العظيمة التى مازالت باقية فى قلوبنا. [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى