تستضيف قاعدة محمد نجيب العسكرية بنطاق المنطقة الشمالية العسكرية، أضخم مناورة على مستوى العالم فى الوقت الحالى وذلك نظرا لعدد الدول المشاركة فى المناورة، وايضا عدد الدول المراقبة لها، وهى النجم الساطع 2018 بمشاركة كل من الولايات المتحدةالأمريكيةوفرنسا، وبريطانيا، وايطاليا، والمملكة العربية السعودية، ودولة الامارات، واليونان، بجانب مصر، بالاضافة الى دول لبنان، رواندا، العراق، باكستان، الهند، كينيا، تنزانيا، أوغندا، الكونغو الديمقراطية، تشاد، جيبوتي، مالي، جنوب إفريقيا، النيجر، السنغال وكندا، كمراقبين للمناورة. وإذا نظرنا فى البداية الى التوقيت الذى تتم فيه المناورة ورغم أنه محدد من العام الماضي، ولكنها تأتى فى وقت تشتعل فيه منطقة الشرق الاوسط بسبب الصراعات والحروب، وايضا تغلغل الارهاب العابر للحدود الذى أصبح مهددا رئيسيا لمعظم دول العالم، بالاضافة الى أن وجود دول كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، يؤكد أن هناك دعما حقيقيا من تلك الدول للقوات المسلحة وايضا للدولة المصرية فى حربها ضد الارهاب التى تخوضها القوات المسلحة نيابة عن دول العالم على أرض سيناء، ويجب فى البداية أن نحدد المكاسب الحقيقية من اجراء تلك المناورة الاضخم ، وأهمها : أولا: وجود كل تلك الدول وعلى الارض المصرية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أمام العالم أن مصر دولة آمنة وأن القوات المسلحة المصرية هى التى تحقق الامن والاستقرار على جميع الاراضى المصرية. ثانيا: وجود دول مثل» الولايات المتحدة وبريطانيا «حيث كانت لوقت قريب ضد ثورة 30 يونيو وضد ارادة الشعب المصري، دليل واضح على ان تلك الدول تعلم جيدا ان مصر هى القوة الفاعلة الوحيدة فى المنطقة ولا يمكن ان يتم التخلى عنها، وان كل الحسابات التى كانت موضوعة سابقا والخطط ضد الدولة المصرية اعتبارا من احداث يناير لما بعد 30 يونيو باءت جميعها بالفشل، و ان الجيش المصرى لا يمكن مقارنته بأى جيش فى المنطقة. ثالثا: مشاركة كل من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية تؤكد التنسيق والتكامل بين مصر وتلك الدولتين حيث ان هناك تحالفا عربيا لعودة الشرعية فى اليمن بقيادة السعودية وتشارك فيه مصر بقوات بحرية، اذن فالمشاركة لها دلالات على ان هناك تنسيقا كاملا فى جميع المواقف، وايضا الدول الثلاث داعمة لبعضها لحماية الامن القومى العربي. رابعا: استبعاد مصر لتركيا من المشاركة فى النجم الساطع، رغم انها كانت عنصرا أساسيا حتى عام 2009. خامسا: اذا نظرنا الى الدول المراقبة سنجد أن أغلبها من الدول الافريقية، وذلك فى اطار السياسة المصرية الحالية بالعودة مرة اخرى الى العمق الافريقي. سادسا: احتضان قاعدة محمد نجيب التى تعد الاضخم فى منطقة الشرق الاوسط، تأكيد أن تلك القاعدة قادرة على استضافة هذه الاعداد من القوات ووصولها الى المستوى العالمى فى اماكن التدريب واللوجيستيات، وغيرها من الشئون الادارية، التى تتطلبها مثل تلك المناورة الضخمة. سابعا: مسرح العمليات الذى تقام عليه المناورة فى الوقت الحالى ورغم انه المسرح نفسه فى جميع المناورات السابقة، الا انه فى الوقت الحالى أصبح مجالا حيويا لبعض العمليات الارهابية بخاصة الحدود الغربية المصرية مع الجانب الليبى، وايضا البحر المتوسط، الذى تسعى من خلاله بعض الدول لنقل التنظيمات الارهابية الى ليبيا وبالاخص من سوريا والعراق وصولا الى ليبيا. ثامنا: تختلف مناورة النجم الساطع 2018 عن سابقاتها، وحتى عام 2009، لأسباب عديدة أهمها اختلاف العدو فجميع التدريبات السابقة تنفذ سيناريو الحروب التقليدية، أما الآن فقد اختلف العدو، واصبح الآن تنظيمات ارهابية عابرة للحدودغير معروفة الهوية ولا المعالم وتسليحها اصبح مختلفا، لذا فالتدريبات ستأخذ منحى مكافحة الارهاب، وايضا حماية للمصالح الاقتصادية فى البحر، والبر. تاسعا: الاستفادة من الخبرات القتالية للقوات المشاركة وايضا التعرف على أحدث أنواع السلاح المستخدمة من جميع الدول، وكيفية التعامل معها، وهو أمر فى غاية الاهمية . عاشرا: التعرف على العقائد العسكرية المختلفة الشرقيةوالغربية، والعمل على توحيد المفاهيم العسكرية. الحادى عشر: نقل الخبرات للقيادات المختلفة وفى الافرع المختلفة للقوات المسلحة. الثانى عشر: تأتى تلك المناورة فى الوقت الذى أعلنت فيه الخارجية الامريكية عن رفع الحظر عن المعونة العسكرية لمصر، وبعد ايقافها من بعد ثورة 30 يونيو، وتأكيد الادارة الامريكية أن مصر هى الحليف الاستراتيجى الاساسى فى منطقة الشرق الاوسط، والتى لا يمكن الاستغناء عنها، وأن الولايات المتحدةالامريكية تدعم مصر فى حربها ضد الارهاب، وتلك من أهم الرسائل لأعداء مصر والمطالبين بالضغط الامريكى على مصر. وإذا تتبعنا مسار النجم الساطع سنجد انها بعد غياب زاد على السبع سنوات عادت مرة اخرى مناورات النجم الساطع المشتركة بين القوات المسلحة المصرية والامريكية العام الماضى، والتى بدأت عام 1981، تلك المناورات التى تعتبر الأضخم فى منطقة الشرق الاوسط. حيث تشارك فيها جميع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة بجانب الاسلحة المشتركة، وقد بدأت تلك المناورات بين مصر والولايات المتحدة وبعدها انضم عدد كبير من الدول لتصل الى 11 دولة مشاركة بجانب اكثر من 30 دولة كمراقب، لتكون المناورات الاضخم فى الشرق الاوسط. وتم الغاء مناورة النجم الساطع فى عام 2011 بعد ثورة يناير بسبب عدم الاستقرار فى مصر وقتها، وأعلنت الإدارة الامريكية أن التدريبات ستعود فى عام 2013،، ثم جاءت ثورة 30 يونيو وبعدها سعت الإدارة الامريكية برئاسة باراك اوباما للضغط على الدولة المصرية بإيقاف المعونة العسكرية التى تقدم لمصر وقدرها مليار و200 مليون دولار، بجانب الاعلان عن ايقاف تدريبات النجم الساطع، لأجل غير مسمي، معتقدا بذلك أنه يضغط على الدولة المصرية من أجل اعادة نظام الاخوان الارهابى الى الحكم. لم تتوقف مصر كثيرا أمام قرارات الادارة الامريكية واتخذت قرارها السياسى بأنها لن تخضع لاى ضغوط خارجية تسعى الى تقويض رأى وقرار جموع الشعب المصري، ولم تلتفت الى وقف المعونة العسكرية واتجهت الى سياسة تنويع مصادر السلاح مع دول عديدة مثل فرنسا وروسيا والمانيا والصين، بما يخدم المصلحة الوطنية فقط، وبالنسبة لمناورات النجم الساطع لم تتأثر مصر بإيقافها نهائيا، وتم ايضا المشاركة مع العديد من الدول فى تدريبات لجميع الاسلحة منها فرنسا وروسيا واليونان وغيرها من الدول، وفى الغالب فإن جميع تلك الدول استفادت كثيرا من تدريباتها مع القوات المسلحة المصرية. وعندما أدركت الولايات المتحدةالامريكية انها أخطأت فى قرارها وأن تدريبات النجم الساطع من أهم المناورات التى تنفذها خارج اراضيها ومع تغير الادارة الامريكية وبعد التنسيق الكامل مع الجانب المصري، تم استئناف التدريبات. والذى يميز تدريبات النجم الساطع مشاركة الأفرع المختلفة من قوات بحرية وجوية والدفاع الجوي، بجانب المشاة والمدرعات والحرب الالكترونية وغيرها من الاسلحة المختلفة، التى تحقق أعلى استفادة من التدريبات. وتحقق تدريبات النجم الساطع العديد من الاهداف، من أهمها الاطلاع على أحدث الاسلحة وكيفية التعامل معها، بجانب نقل الخبرات فى العديد من المجالات، والقتال بجانب عناصر جديدة تمتلك عقيدة مختلفة، بالاضافة الى المعايشة للعناصر. وبالطبع اختلفت فى الوقت الحالى الأهداف من التدريبات المشتركة فالعدو الآن أصبح مختلفا، فقد أصبح الارهاب العابر للحدود هو أخطر عدو كونه مخفيا وغير معروف أماكن وجوده أو وسائل الاقتراب وتنفيذ عمليات ، عكس الحروب النظامية بين قوات مسلحة واخرى وعمليات عسكرية واضحة ومعروفة من حروب تصادمية، وتشكيلات، ومعارك جوية وبحرية، وغيرها، فالحرب الآن اختلفت، لذا فإن تبادل المعلومات والوصول الى العناصر الارهابية وكيفية القضاء عليهم، يتطلب تنسيقا مختلفا بين القوات المختلفة وتدريبات النجم الساطع هذا العام، سيكون الجزء الأهم فيها مكافحة الارهاب والقضاء على العناصر الارهابية، وحماية الحدود من عمليات التسلل، بواسطة احدث الوسائل والطرق الحديثة، برا وبحرا وجوا. ويعتبر التنسيق خلال التدريبات المشتركة مهما جدا، من المعروف أن القوات المسلحة المصرية لديها الخبرة فى الحرب ضد الارهاب فهى تخوض حربا شاملة فى سيناء ضد الجماعات الارهابية، وتحقق يوميا مكاسب عديدة فى هذا المجال، واضافة المزيد من الخبرات لها سيكون مفيدا فى الوقت الحالى، هذا بالإضافة الى الخبرات التى ستحصل عليها القوات الامريكية فى هذا المجال. إن عودة تدريبات النجم الساطع مرة اخري، وقبل ان تحقق استفادة عسكرية للجانبين المصرى والامريكي، فقد حققت ايضا نصرا سياسيا، فلقد أعطت القيادة المصرية من قبل درسا حقيقيا للادارة الامريكية بأنها لن تكون تابعا لها، وأن مصر قرارها مستقل، ولن تؤثر بشيء محاولات تجميد معونات عسكرية، أو ايقاف تدريبات مشتركة أيا كان حجمها أو قوتها أو الاستفادة منها. ان القوات المسلحة المصرية تمتلك خبرات ضخمة وهو ما يجعل أقوى جيوش العالم تريد تنفيذ تدريبات مشتركة معها، بجانب ايضا القيادة الواعية التى لا ترضخ لاية ضغوط.