تحت ادعاء الحل الاقتصادى والبعد الإنسانى لأزمة غزة وإغلاق الأفق السياسى الذى يؤدى إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية والبحث عن حلول جزئية للقضية الفلسطينية خارج الشرعية الدولية وإسقاط مبدأ حل الدولتين، تتحرك الولاياتالمتحدةالأمريكية تجاه «صفقة القرن» التى أعلنها ترامب منذ توليه سدة الحكم فى واشنطن مطلع 2017. وعلى مدى العام ونصف العام لم تتشكل رؤية الإدارة الأمريكية تجاه بلورة هذه الصفقة المزعومة وكل ما خرج عنها مجرد تكهنات وتسريبات، وما عرض منها تم رفضه عربيا خاصة بعد الإصرار من قبل مصر والأردن والإمارات على إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 عاصمتها القدس، وذلك بالطبع يأتى مع التأكيد والرفض الفلسطينى لما يسمى «صفقة القرن» وإعلان سابق للرئيس عباس بأنه لن يقبل الرعاية الأمريكية على ملف المفاوضات بعد قرار ترامب بنقل السفارة إلى القدس. وشدد بيان الرئاسة المصرية بعد لقاء كوشنر وجرينبلات، على التمسك بدولة فلسطينية مستقلة بحدود عام 67 وعاصمتها القدس، وتأكيد إنجاز المصالحة الفلسطينية. بما أحدث توازنا فى المواقف العربية المترددة وبما أربك أمريكا وحمل مؤشرا مهما لإمكانية وحدة الموقف العربى الداعم للموقف الفلسطينى لرفض وإحباط صفقة ترامب التصفوية. وقد بحث مستشار الرئيس الأمريكى وصهره جاريد كوشنر مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو آفاق عملية السلام مع الفلسطينيين والوضع فى قطاع غزة. وجاء فى بيان لمكتب نيتانياهو، صدر فى عقب لقاء رئيس الوزراء مع كوشنر والمبعوث الأمريكى الخاص للشئون السياسة الدولية جيسون جرينبلات، أن الجانبين بحثا تفعيل عملية السلام والأحداث فى المنطقة والوضع فى قطاع غزة من الناحيتين الأمنية والإنسانية. وكانت صحيفة «هاآرتس» قد ذكرت أن التفاصيل التى تسربت عن خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، المعروفة باسم «صفقة القرن»، تشير إلى أن الولاياتالمتحدة، تعتزم عرض إعلان قرية أبو ديس شرقى القدسالمحتلة، باعتبارها العاصمة الفلسطينية، مقابل انسحاب إسرائيلى من ثلاث إلى خمس قرى فلسطينية محيطة بالقدسالمحتلة، كانت حكومات الاحتلال قد ضمتها لمنطقة نفوذ بلدية القدس، بعد الاحتلال فى العام 1967. وحسب «هاآرتس»، ستبقى البلدة القديمة من القدسالمحتلة، تحت سيطرة وحكم الاحتلال، ولم تشمل خطة ترامب اقتراحات لانسحاب إسرائيلى من المستوطنات القائمة أو إخلاء المستوطنات التى توصف بأنها معزولة، ولا أى انسحاب من الكتل الاستيطانية الكبيرة مثل كتلة مستوطنات «أريئيل» جنوب نابلس ومستوطنات «غوش عتصيون» قرب بيت لحم، ولا مستوطنات «معاليه أدوميم». كما تنص خطة ترامب على إبقاء الأغوار الفلسطينية على الحدود مع الأردن تحت سيطرة الحكومة الإسرائيلية، مع إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ودون جيش أو أسلحة ثقيلة. يأتى التخوف الفلسطينى من صفقة القرن التى يقودها سفير المستوطنات الأمريكى فى «إسرائيل» ديفيد فريدمان بإشراف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو ، من أن الصفقة تأتى وفق الخطة الموضوعة لتصفية القضية الفلسطينية لأنها تعتمد على فصل الضفة الغربية بعد التهام اغلبها والإجهاز النهائى على مدينة القدس والعمل على إغراق قطاع غزة باستثمارات مالية ضخمة ومشاريع اقتصادية، خوفا من انفجار الأوضاع بسبب الجوع والحصار. وبالتالى يكون ما يجرى مجرد مقايضة الثوابت الوطنية برشاوى ومشاريع اقتصادية، وتصوير أن مشكلة غزة هى مسألة إنسانية معيشية حياتية وليست قضية عودة حقوق سياسية، وهذا الإغراق سيكون من خلال صناديق مالية عربية وكذلك ستكون قطر ضاغطا رئيسيا على حماس لكى لا تعترض على الصفقة وستغدق عليها المال، وذكرت صحيفة «هاآرتس»، أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تأمل أن تتمكن جولة جرينبلات ومستشاره كوشنر فى دول الخليج، من جمع نحو نصف مليار دولار، لإطلاق مشاريع حيوية عدة فى غزة تهدف إلى منع انهيار الوضع فى القطاع، وتمهيداً لطرح «صفقة القرن». وقال الناطق الرسمى باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن القيادة الفلسطينية وشعبها لن يعترفا بأى شرعية لما تخطط له الإدارة الأمريكية وإسرائيل، بشأن فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، تحت عنوان «المساعدات الإنسانية لقطاع غزة»، بهدف تقويض المشروع الوطني، المتمثل بإنهاء الاحتلال، وقيام الدولة، وعاصمتها القدسالشرقية، وتحويل موضوع غزة إلى قضية إنسانية وسيسقط المشروع الأمريكى بدعم الأشقاء العرب، وأحرار العالم. وقال أبوردينة، إن سياسة الرئيس أبومازن، هى «لا دولة فى غزة ولا دولة بدون غزة،» وهذا إجماع فلسطيني، وعربي، ودولي. ومن المستبعد أن تنجح الجهود الأمريكية فى التوصل إلى تسوية سياسية بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلي، لما يسمى «صفقة القرن» ويعود عدم نجاح هذه الجولة إلى أن الخطة الأمريكية ليست واضحة المعالم، وأن هناك مماطلة وتسويفا إسرائيليين وعدم اعتراف بالحقوق الفلسطينية. وما تم تسريبه من معلومات يجعل من الصعب، بل المستحيل، على أى فلسطينى القبول بتلك الخطة السياسية، ليطفو على السطح خيار آخر أصعب وهو فرض الحل بشكل أحادى على الفلسطينيين بالضفة حيث تقوم إسرائيل بإعلان تفاصيل الخطة وتطبيقها مدعومة بالولاياتالمتحدةالأمريكية، بتنفيذ سياسة من طرف واحد للاستيلاء على معظم مدينة القدس والضفة الغربية، ومحاولة التوصل إلى تسوية إنسانية مع قطاع غزة. وقال جاريد كوشنر لا أريد التحدث عن تفاصيل الصفقة التى نعمل عليها ولكنها ستكون معدة قريباً وإنه مستعد للعمل مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس وإن الرئيس عباس يعلم أننا مستعدون لمقابلته ومواصلة المناقشة عندما يكون مستعدا. وإذا كان الرئيس عباس مستعداً للعودة إلى الطاولة، فنحن مستعدون للمشاركة جاء ذلك فى مقابلة مع صحيفة «القدس» الفلسطينية، وبعث من خلالها برسالة مباشرة للشعب الفلسطينى قال فيها «أنتم تستحقون أن يكون لديكم مستقبل مشرق. الآن هو الوقت الذى يجب على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين تعزيز قيادتيهما وإعادة تركيزهما، لتشجيعهم على الانفتاح تجاه حل وعدم الخوف من المحاولة. لقد وقعت أخطاء لا حصر لها وفرص ضائعة على مر السنين، ودفعتم أنتم، الشعب الفلسطيني، الثمن .أظهروا لقيادتكم أنكم تدعمون الجهود لتحقيق السلام. دعوهم يعلمون بأولوياتكم وامنحوهم الشجاعة للحفاظ على عقل منفتح نحو تحقيقها. وبالطبع لم يستقبل الفلسطينيون رسالة كوشنر بالتفاؤل أو يأخذوا كلامه على محمل الجد لأنه جزء من الإدارة الأمريكية التى تتخاصم مع الحق الفلسطينى وتسخر أدواتها للجور على القانون الدولى لصالح إسرائيل كما فعلت فى مجلس الأمن كما لا ينسى الفلسطينيون والعالم من حولهم أن كوشنر كان ممثل ترامب وينوب عنه فى افتتاح السفارة فى القدس فى مايو الماضي، وكل أدواره وتصريحاته تلقين من نيتانياهو اوإملاءات إسرائيلية يريد فرضها على الفلسطينيين.