المهرجانات السينمائية ليست مجرد حدث ترفيهي ، بل صناعة مهمة تستغلها جميع دول العالم فى توصيل رسائلها من خلال القوى الناعمة. ومنذ قيام ثورة يناير وحتى الآن ، وجدنا سيل من المهرجانات تسبب فى عمل حالة من البلبلة داخل الوسط السينمائى ، كما أثار العديد من التساؤلات حول أهميتها وجدواها ، خاصة وأن الدولة ممثله فى وزارة الثقافة تقوم بدعم معظم هذه المهرجانات ماديا ومعنويا، بدون دراسة حقيقية حول قيمة هذا الحدث ، وما يقدمه للدولة سواء من الناحية الثقافية أو الفنية أوالسياسية، وما هو العائد على المحافظات التى تستضيف هذه المهرجانات. ومن الغريب حقا أنه فى الوقت الذى تسعى فيه المهرجانات فى كل دول العالم لجذب الجمهور، نجد غالبية المهرجانات المصرية ليس لها علاقة بالجمهور ، الذى لا يعلم عنها شيئا سوى موعد الافتتاح والختام ، أمام باقى الفعاليات فلا يعلم عنها شيئا ، وحتى النقاد يجدون تغيير فى مواعيد العروض ، عكس ما هو معلن ضمن البرنامج. والأزمة الحقيقية لا تكمن فى عدد المهرجانات وكثرتها حيث أن دولة مثل المغرب يقام فيها 200 مهرجان سنويا ، مابين دولي ومحلى ،ولكن غياب الهدف والرؤية الحقيقية والبحث عن الشهرة والثراء يجعل كل شخص يبحث عن إقامة مهرجان ، وهو ما يؤدى بالطبع للفشل ، لأن صناع السينما المصرية من ممثلين ومخرجين ومنتجين للأفلام، يفضلون المشاركة فى مهرجانات عربية تدفع لهم مقابل مادى ، ومن المؤسف أيضا أن تجد صناع الأفلام يرفضون المشاركة فى المهرجانات المصرية ، وحتى الأفلام التى تشارك يكون سبق لها المشاركة فى مهرجانات خارجية ، بل وتم عرضها داخل دور العرض السينمائي . فى النهاية إن مصر تحتاج لوضع خطة متكاملة للنهوض بصناعة السينما بشكل عام، ووضع ضوابط صارمة للموافقة على تنظيم مهرجانات جديدة ، وإلغاء الدعم المادى والمعنوى للمهرجانات التى لم تحقق أهدافها، على أن تقوم الدولة فقط بدعم المهرجانات التي حققت النجاح داخليا وخارجيا ، بعيدا عن المجاملات التى تحكم الوسط الثقافى والسينمائي . لمزيد من مقالات محمد مختار أبودياب;