نعم.. لقد دقت ساعة السينما بانطلاق الدورة الجديدة لمهرجان «كان» أكبر مهرجانات السينما في العالم والنافذة التى تنطلق منها أحدث ابداعات الفن السابع. إنه حدث كبير يترقبه السينمائيون وعشاق السينما من كل أنحاء العالم وتعد شركات الانتاج الكبرى أفلامها على توقيت المهرجان.. وتصبح المشاركة فيه أو حتى الترشح له شرف كبير لأى سينمائى أما الحصول على سعفته الذهبية فطموح وحلم وشرف يحفظ فى سجلات الفيلم ونجومه وصناعه. لم ينجح المهرجان العريق من فراغ وإنما بإصرار حقيقى على النجاح وبتضافر كل الجهات الفرنسية لدعمه بدءاً من الدولة وشركات الطيران والفنادق ونقابات العمال وحتى رابطة سائقى التاكسى الذين يساهمون مساهمة فعالة فى ميزانيته ويحصدون من ورائها الكثير فمدينة »كان« استمدت شهرتها من المهرجان »وتعيش عليه« وتحقق انتعاشة اقتصادية كبيرة من خلاله.. لذلك يدعمه المواطن الفرنسى العاشق للفنون والذى يصطف فى طوابير منظمة لمطالعة نجوم السينما العالمية وهم يخطون على السجادة الحمراء طوال أيام المهرجان. لقد ظل مهرجان »كان« يمثل عقدة حقيقية للسينما الأمريكية التى تسيطر على صناعة السينما فى العالم لكنها فشلت فى اقامة مهرجان سينمائى بحجم ومكانة »كان الفرنسي« أو حتى برلين أو ڤينيسيا فالثلاثة يشكلون بهذا الترتيب قمة المهرجانات السينمائية. لكن تظل السينما الأمريكية »مسيطرة« فى كل دورات مهرجان »كان« وهذه الدورة تكتسب طابعاً أمريكياً ففيلم الافتتاح جاتسبى العظيم أمريكى ورئيس لجنة التحكيم المخرج الأمريكى الكبير ستيفن سبيلبرج وقد اعترف رئيس المهرجان چيل چاكوب أنه ظل يطارد سبيلبرج على مدى عشرين عاماً حتى يرأس لجنة التحكيم وكان فى كل مرة يعتذر لارتباطه بتصوير أفلامه.. كما أن مسابقتى المهرجان الرسمية والقصيرة تتنافس فيها السينما الأمريكية. تغيب مصر عن مهرجان »كان« هذا العام تماماً وهو فأل غير طيب بعد أن كانت فى العام الماضى حاضرة وبقوة كضيف شرف ومشاركة فى المسابقة الرسمية بفيلم يسرى نصرالله »بعد الموقعة«، ليس الغياب بالأفلام فقط بل بالتواجد أيضاً فقد تقلص عدد النقاد المتابعين للمهرجان بحكم ارتفاع تكلفة السفر والإقامة.. كما اختفى الجناح المصرى.. كان مسئولو مهرجان القاهرة يحرصون على التواجد فى »كان« للتعاقد على أفلام الدورة الجديدة ويصطحبون معهم شعار تلك الدورة.. ويقيمون حفلاً لاستقبال النجوم وشركات التوزيع والانتاج الكبرى.. وسوف تقيم المهرجانات العربية الوليدة حفلاتها وتتعاقد على أفلام من أجل دعم مهرجاناتها بينما تنطفيء أنوار المهرجان المصرى ويكاد يضيع مهرجان القاهرة وسط صراع التغيير الوزارى فى حقيبة الثقافة.. وفى هذا خسارة لو تعلمون عظيمة لاسم مصر والسينما المصرية بتاريخها الحافل ودورها الثقافى الإبداعى التنويرى، لقد فعلها الوزير السابق د.صابر عرب وأصر على اقامة الدورة الماضية لمهرجان القاهرة فى ظروف بالغة الصعوبة فماذا يحمل الوزير الجديد د.علاء عبدالعزيز فى جعبته لمهرجان القاهرة أعرق المهرجانات العربية؟ هل يتركه يضيع؟ طعام، صلاة، حب كنت أدير مؤشر التليفزيون فى ليلة شديدة الأرق حاولت الهروب فيها من حصار »التوك شو« حين طالعت أحد مشاهده التى أحفظها فأوقفت حركة الريموت لأتابع ما تبقى من هذا الفيلم الرائع eat, prau, love أو »طعام صلاة حب« ورغم اننى شاهدته قبل عرضه منذ عامين إلا أن اعادة المشاهدة تكشف أبعاداً أعمق ورؤية أكثر روية، ثم أنه لبطلتى الأثيرة چوليا روبرتس المرأة الجميلة التى احتلت فى العشرين سنة الأخيرة قائمة الأعلى أجراً بين نجمات هوليوود وحصلت على الأوسكار كأفضل ممثلة عن فيلمها »ايرين بروكوفيتش«.. الفيلم مأخوذ عن مذكرات اليزابيث جلبرت التى حققت أعلى مبيعات فى أمريكا.. ويتناول قصة »ليز« امرأة فى منتصف العمر تبدو حياتها براقة فلديها كل أسباب السعادة من نجاح وثراء وحياة اجتماعية ناجحة، لكنها تشعر أن شيئاً ما ينقصها أنها تشعر بالضياع وتفتقد المعنى الحقيقى للسعادة.. فتقرر أن تواجه مخاوفها، تنفصل عن زوجها وتقوم برحلة حول العالم وهى رحلة بالأساس لاكتشاف ذاتها فتسافر إلى ايطاليا وتشعر عبقة الطعام الايطالى وتكتشف قوة العلاقة الروحية فى الهند وفى أندونيسيا تجد الحب الحقيقى.. لقد عبرت چوليا ببراعة عن معاناة البطلة وتوحدت معها فجسدت مشاعر الحيرة والخوف والقلق والضياع والفرحة الممزوجة بالشجن والألم. تحية إلى محمد منير أشعر بسعادة بالغة حين أطالع وجهاً مصرياً ناجحاً فى الخارج.. وفى زيارتى الأخيرة لأبوظبى سعدت بالنجاح الذى حققه الزميل الإعلامى الشاب محمد منير الذى وصل إلى منصب الرئيس التنفيذى لمهرجان أفلام البيئة الذى انطلقت دورته الأولى الشهر الماضى من دولة الامارات الشقيقة، وقد استطاع منير أن يقيم دورة ناجحة انطلاقاً من اهتمام الامارات بالحفاظ على البيئة.. وأن ينفرد بعرض أفلام مهمة وندوات تصاحبها يحضرها الجمهور.. ومعرض مهم ضم عدة جهات تهتم بنفس الشأن وهكذا حقا خطا خطوة ناجحة فى أولى دورات المهرجان وعليه أن يعمل من الآن للتخطيط لدورة جديدة من المهرجان الوليد رؤية مختلفة وتتجنب سلبيات الأولي. تحية لمحمد منير الاعلامى الشاب ولفريق العمل معه خاصة الدينامو الدءوب سارة.