على الرغم من توقع دوائر مقربة في الرياض قرار الملك سلمان بتعيين ابنه الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، فإن التوقيت كان مفاجئا، خاصة أنه صدر في هذه الفترة التي تواجه فيها المملكة تصعيدا في التوتر مع قطر وإيران، ومواصلة للحملة التى تقودها السعودية في اليمن. ويقول محللون في أسواق المال إن ترقية الأمير محمد بن سلمان تعطى ضمانات أكثر باستمرار الإصلاحات الجذرية في الاقتصاد السعودي فى مرحلة ما بعد النفط. مبايعة الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد في المملكة العربية السعودية بأغلبية 31 عضواً من أصل 34 هم أعضاء هيئة البيعة ، إشارة إلى اتجاه المملكة بكل قوة نحو عهد جديد من حكم آل سعود، ولا يجب أن نغفل فى هذا السياق مبايعة الأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق للأمير محمد بن سلمان ولياً جديداً للعهد. الأمير البالغ من العمر 32 عاما، يتولى سلطات غير معتادة لمن هو فى سنه ، وبرز الأمير محمد منذ تعيينه وليا لولى العهد فى 2015، حتى أصبح من أكثر الشخصيات نفوذا في المملكة. وهو يمثل جيل الشباب في السعودية الذين لا يتجاوز نصفهم تقريبا سن الخامسة والعشرين. ولي العهد الجديد يسعى لتطبيق خطة تحديث إصلاحية تعرف باسم رؤية 2030، والتي تهدف إلى تغييرات اجتماعية واقتصادية، حتى لا يظل اقتصاد البلاد معتمدا فقط على النفط. ويتولى أيضا منصب وزير الدفاع منذ أكثر من عامين، وقادت المملكة في عهده حملة فى اليمن لدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في مواجهة مسلحي الحركة الحوثية في اليمن.. ويصف دبلوماسيون غربيون محمد بن سلمان بالطموح الشديد والذكاء، ومن بين المناصب التي يتولاها الأمير محمد بن سلمان رئاسة مجلس شئون الاقتصاد والتنمية، وهو الجهة التي تنسق السياسة الاقتصادية في البلاد، وهوأيضاً الهيئة المشرفة على شركة النفط العملاقة أرامكو. المتابع للشأن السعودي يدرك أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه المملكة ومن أهمها الحرب فى اليمن ، حيث تقود المملكة تحالفاً عسكرياً يخوض غمارها ، والتعامل مع مخاطر الأطماع الإيرانية في الدول العربية، وتدل التغييرات الأخيرة فى المملكة على التوجه لتمكين الجيل الثالث من أحفاد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، عبر تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد وشبابا آخرين،وهو التطور الذي يفند الكثير من السيناريوهات الضبايبة التي كانت تطرحها مراكز الأبحاث وبيوت الخبرة الغربية حول مستقبل المملكة، ومن الواضح أن جهود القيادة السعودية ستستمر في تعزيز الاستقرار الإقليمي عبر الحرب ضد التنظيمات الإرهابية واجتثاث الخطر الحوثي والتصدي للمشروع الإيرانى. يأتي كل هذا في خضم تحديات اقتصادية تعبر عنها أسعار النفط المتراجعة، وتحديات اجتماعية تتمثل في ارتفاع أرقام البطالة والمتغيرات الاجتماعية التي يتعرض لها المجتمع السعودي، ووسط هذه الأحداث الجسام جاءت مبايعة الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد.