يخرج من يتابع قناة الجزيرة هذه الأيام بأن قطر انتصرت انتصارا مبينا فى واقعة قطع عدد من أهم الدول العربية العلاقات معها! بل إن الدول المُقاطِعة هى التى صارت، وفق «الجزيرة» فى أزمة مُرَكَّبة إقليميا ودوليا، وأنها تتلقَّى انتقادات حادة من منظمات قوية متعددة لا تقبل ضرب حصار على الشعب القطري. وأما قطر فقد حظيت بتأييد دولى جارف مع تقدير لالتزامها بمدّ يد العون للإنسانية جمعاء..إلخ! مع الادعاء بأنها ترفض أن تردّ بالمثل. وكأنه بمقدورها!! وهكذا تتدفق حملات التدليس، التى يسمّونها تغطيات إخبارية ومتابعات واستطلاعات للرأى والرأى الآخر، ويجرى فرز الأخبار للتركيز على ما يُرسِّخ الخط المعتمد رسميا ولتجنيب ما لا يتسق مع المطلوب. أنظر فقط إلى معالجات أمس الأول (الثلاثاء) فى إفراد مساحات طوال اليوم لتصريحات وزير الدفاع الأمريكى عن تقديره دور قطر فى محاربة الإرهاب، مع تكرار بثّ شهادات الزور من أردوغان التى تشيد بسياسة قطر، خاصة ما يسميه تعاونهما المشترك ضد الإرهاب! التى أقل ما يُقال فيها إنها شهادة مجروحة لأنهما متهمان معا فى نفس الجريمة! مع نسيان الإدانة الصريحة من ترامب ووزير خارجيته، التى ما كان لهم أن يتجاهلوها فى حينها، بتورط قطر فى دعم الإرهاب منذ سنوات!! كل هذا مع تكرار خطب «الجزيرة» عن الالتزام بالمهنية والحيدة والنزاهة..إلخ. ودون اكتراث إلى التغيير الفاضح فى الأداء، إلى حد التناقض أحيانا، فى أثناء الالتزام بالسياسة الرسمية التى تتغير وفق رؤى صانعى القرار! فقد بدأ الموقف الرسمى فور الأزمة بالتهوين من قرار المقاطعة والزعم بعدم تأثيره على توفير السلع أو أن يكون له أى أثر على سير الحياة الطبيعية، فكانت كاميرات «الجزيرة» تنقل الصور للأسواق عامرة بكل ما لذّ وطاب، وأفاض ضيوف القناة فى هذا المعني. ثم، ولسبب ما، غير معروف الملابسات بعد، كان التحول الرسمى إلى النقيض بالتهويل من أن المقاطعة صارت حصارا فى شكل عقاب للشعب القطري! فتوسعت «الجزيرة» فى المعنى الجديد وأسهبت فى مخاطر الحصار. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;