لا جدوى لأن يقتصر النقد لسياسة حكام قطر على الجوانب النفسية التى تغوى بعض المحللين بالاستغراق فى شرح تأثير الثراء الفجائى على المعدمين، الذى يتسبب غالباً فى نَهَم مَرَضى فى الاستحواذ على كل ما كان مفتقداً، وفى شهوة لا يملك صاحبها الفكاك من سطوتها عليه فى أن يسيطر على الآخرين، بما يصيبه باضطراب يتخطَّى أذاه اهتزاز سلوك الذات إلى إلحاق أضرار بالغة بالغير، وخاصة من كان لهم فضل مدّ يد العون أيام الجوع..إلخ إلخ! ذلك لأن هؤلاء الحكام تجاوزوا الهفوات العُصابية التى كان يمكن التجاور معها وبلغوا آماداً لم تكن تدور بذهن أحد، حتى ذهن هؤلاء الحكام أنفسهم! ولم تعد قناة الجزيرة أسوأ ما تقدّمه قطر للعالم، بكل مساوئها الإعلامية التى باتت تنتهج بانتظام انتهاك القواعد المهنية المتفق عليها، من تلفيق للأخبار، وتبنى وجهة نظر واحدة، مع تشويه الطرف الآخر إما بتغييبه أو بتسفيه رأيه وعدم اتاحة الفرصة لعرضه..إلخ. وإنما تتصدر الجزيرة المشهد بسبب بريق الإعلام، وبسبب أن مادتها على الهواء تسمح للرأى العام أن يكون طرفاً فى التقدير. وأما الجرائم القطرية الكبرى فقد صارت نتائجها تتجلَّى يومياً فى التخريب الحقيقى الذى تقوم به بدعمها لفرق إرهابية لا هَمّ لها إلا هدم علامات الحضارة وإزهاق الأرواح وإذلال البشر! وامتدت شبكات الدعم من المال المباشر، إلى السلاح العيني، إلى توفير الملاذ، إلى المؤازرة المعنوية، إلى إنشاء وحدات مهمتها التلفيق والتدليس والترويج للباطل تحت يافطة مراكز أبحاث! وما كان لكل هذا أن يكون مثار اهتمام أحد إلا بسبب بنود الإنفاق الخرافي، غير المسبوق فى العالم، الموقوف لتحقيق هذه الأغراض. وقد دخلت بنا قطر دنيا المفارقات الداعية للنظر عندما أكدّ دونالد ترامب، بعد إعلان فوزه رئيساً لأمريكا، على إصراره على مواجهة داعش وتصفيتها، فانبرى وزير خارجية قطر، فى 26 نوفمبر الماضي، بالتأكيد على أنهم سيواصلون تسليح المعارضة السورية حتى إذا أنهى ترامب الدعم الأمريكي! فيما يبدو وكأنه تحدٍ جرئ من قطر الصغرى لرئيس القوة العظمي!! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;