نعم، هو قرار ريادى بامتياز، الذى اتخذه بشجاعة الدكتور جابر نصّار رئيس جامعة القاهرة، بإلغاء خانة الديانة فى كل الشهادات والمستندات والأوراق التى تصدرها الجامعة أو تتعامل بها مع طلابها أو العاملين بها أو أعضاء هيئة التدريس أو الهيئة المعاونة أو الغير، على أى وجه كان، وفى جميع الكليات والمعاهد والمراكز، سواء المرحلة الجامعية الأولى أو الدراسات العليا. هذا إحياء للقيم التى تتأسس عليها الجامعات، والتى عبّر عنها الشعار المنحاز للعلم الذى رفعه سعد زغلول عام 1908، عندما كان ناظراً (وزيراً) للمعارف (التربية والتعليم) فى افتتاح الجامعة الأهلية (التى تحوَّلت إلى الجامعة المصرية، ثم جامعة فؤاد، ثم صارت جامعة القاهرة) عندما قال إنها جامعة دينها العلم. فلم يسلم الشعار ولا صاحبه ولا من آمن به من الهجوم والتكفير من تيارات وجماعات تكره العلم والعلماء وترفض التطور والحضارة، رغم وضوح المعنى المقصود الذى يحدِّد الفارق بين المشروع الذى كان جديداً آنذاك وبين جامعة الأزهر الدينية. الأمل معقود على أن يكون قرار الدكتور نصّار قاطرة لقرارات أخرى متعددة من بقية الجامعات، ومن الإدارات التعليمية، لكى يكون الأساتذة وطلاب العلم والقائمون على التعليم قدوة لبقية مؤسسات الدولة، التزاماً، أيضاً، بنصوص وروح الدستور والقانون، التى هى كافية للتحرر من وجوب الحصول على الموافقات المسبقة من البيروقراطية الحكومية، التى تُكبِّل نفسها وتعمل على تكبيل الغير، والتى كأنها تتعمد الخطأ فى تقدير أهمية القضايا وفى ترتيب أولوياتها، ثم فى إيقاعها الميت المُميت. ينبغى الاحتفاء بهذه المبادرة الجريئة التى تلبّى نداءات الملايين فى خروجات الميادين منذ 25 يناير 2011، والتى ارتفعت فيها الهتافات تطالب بالمساواة بين المسلمين والمسيحيين. ولكن سرعان ما استولى الإخوان والسلفيون وحلفاؤهم على المشهد، بكل ما حاولوا فرضه من بغض وتفريق. لذلك، فمن المتوقع، من الآن، أن تعلو بالصراخ أصوات أحفاد من كفَّروا سعد زغلول، وسوف يبذلون كل طاقتهم فى تحريض البسطاء على الاعتراض على المؤامرة ضد الإسلام..إلخ إلخ [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;