من حق خصوم أمير قطر ونظامه أن يسعدوا وأن يحسّوا بالرضا نتيجة للتخبط الذى وقع فيه الأمير ومستشاروه، والذى تتجلَّى أول مؤشراته فى عجزهم عن إدراك الأزمة العميقة المُستَجَدَّة، التى تسبَّبوا فيها لأنفسهم ولبلادهم، بأنفسهم وطواعية ودون أن يورطهم أحد، والتى بدأت أول أعراضها فى قطع عدد من الدول العربية المهمة العلاقات معهم، وبات من المتوقع لها أن تزداد تفاقماً إذا تمادت قطر فى سياستها ولم تنتهج خطاً جديداً غير ما بدا فى أول ردود أفعالها. وقد فضح وزير خارجيتهم الذهنية البسيطة التى تتوهم إمكانية الهيمنة على الواقع المعقد، إقليمياً ودولياً، عندما أكدّ فور قرار المقاطعة قوة علاقة نظامه مع أمريكا! وعن كيف أن علاقتهم الاستراتيجية مع واشنطن لا تُقاد عبر المؤسسات الهامشية المتطرفة وإنما مع المؤسسات الأمريكية الأساسية الرسمية. وهو ما يشى عن التخطيط المسبق فى الاستهانة بمحيطهم الجغرافى والسياسي، بما كان يمكن أن يوفره لهم من عمق استراتيجي، بل ويستعيضون عنه بأمريكا الواقعة على الناحية الثانية من الكوكب، والتى صار إرضاؤها أهم لدى نظام تميم من الإبقاء على علاقات القربى وتطويرها مع الأشقاء والجيران، ومن استخدام الثروة الطائلة فى تحديث قطر وإلحاقها بالعصر الذى لا يكتفى بالعمارات الشاهقة وشق الطرق والكباري! وأما النكتة الكاشفة للعقلية البسيطة فكانت فى نشرة أخبار السادسة مساء على قناة الجزيرة أمس الأول (الإثنين)، بعد ساعات من قرار قطع العلاقات، عندما جرى تجاهل مصر تماماً عند ذكر الدول التى قطعت العلاقات! وهم يظنون أن هذا الكيد ينال من مصر! ولا يدركون أنه فضح لسذاجة العقلية التى لا تزال تعيش أوهام أن إنكار شىء ما يلغيه من الواقع! وفيما يؤكد أن تجاهلهم لمصر لم يكن سهواً بل كان بقرار مسبق أنهم تنازلوا فى هذه النشرة عن الفقرات الثابتة يومياً التى التزمت بها الجزيرة عبر سنوات بالتوسع فى الهجوم على السياسة المصرية، وبالأخبار المفبركة عن التظاهرات ضد الحكومة، وعن التأييد العارم للإخوان..إلخ إلخ [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب