ما هى المصادفة التى تجعل الخروج الموسمى للدكتور محمد البرادعى يتوافق مع مصرع عدد من الإرهابيين فى إحدى عملياتهم الإجرامية، أو عند صدور حكم قضائى بإعدامهم، وأن يدعو فى كلامه إلى التعقل والحذر من وقوع المزيد من القتلى، ومن المخاطر التى تحيق بالبلاد مع استمرار نزيف الدماء؟ ولكنه من النادر أن يتذكر هذا الكلام فى الجرائم التى يتمكن فيها الإرهابيون من الإفلات بعد أن يتركوا خلفهم عدداً من شهداء الجيش أو الشرطة أو المدنيين!. مع افتراض حُسْن نيته واستقلاليته فى اتخاذ قراراته، فإنه يرفض أن يُفصح صراحة عن تعاطفه مع جماعة الإخوان وحلفائهم، أو أن يُقرّ فى الحد الأدنى بإيمانه بصدق قياداتهم وتفانى أعضائهم. بل إنه يستعيض عما ينبغى الإفصاح عنه بكلام يتناقض بالكامل مع ما بات متيقناً منه فى العلم العام، بل باعترافات عدد منهم بأنهم يعتمدون العنف ضد نظام 30 يونيو الذى كان هو شخصياً أحد رموزه، وكان مقتنعاً آنذاك بأنه تعبير عن الإرادة الشعبية. ثم إنه قَبِل المشارَكة فى الحكم بعد الإطاحة بهم ووضع قياداتهم وراء القضبان. إضافة لأسباب أخرى، فإن الرأى العام يتفاجأ من تويتات البرادعى المرسلة بتعالى المثقف لا بحسّ السياسى، مثل هذه الأخيرة التى تحدّث فيها عن ظلام الكراهية والعنف المتبادَل وعن العيش المشترَك..إلخ. وإذا أعرضنا عن اللغة الخشنة التى ردّ عليه بها الكثيرون، وإذا نحينا الطعن فى وطنيته ونزاهته، فإن هناك من التزموا بالموضوعية ولم يتعرضوا لشخصه وإنما فنّدوا عبارته، بإثبات تناقضها مع الواقع، واضطراب منطقها، وغرابة توجهها، وخلصوا إلى أن الرجل أبعد ما يكون عن فهم الواقع، بغض النظر عن المستفيد مما يقول. يبدو أن البرادعى، الموظف الدولى العتيد المنضبط الملتزم بتعليمات رؤسائه، قد فقد بوصلته عندما دفع به من آمنوا به إلى الصدارة، إلى حد أنه استهان بهم ونسى أن لهم عليه حق أن يتشاور معهم، أو على الأقل أن يخطرهم مسبقاً بقراراته ولا يعاملهم وكأنهم كومبارس. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;