كثيراً ما تضيق بينا الحياة بعد أن نسقط فريسة شباك لا نهاية لها من العمل، والزحام، والأزمات، والتعاملات المختلفة.. شباك كُلما استحكمت أصبحنا أجسادا بلا روح فلا سبيل لالتقاط الأنفاس والتمتع بتفاصيل الحياة.. كلما زادت الضغوط تعثرت أقدامنا بين الكراهية والحقد وزدنا بعداً في الوصول للحب؛ مراد الله في الأرض.. عزيزي القارئ إن كنت تبحث مثلي عن رحلة تعيد للقلب الحياة؛ أنت مدعو معي في رحلة إلي عالم الحب. بداية الرحلة مع عم صادق.. الراجل العجوز صاحب اللحية والقلب الأبيض كما أطلقنا عليه في المنطقة.. كل رمضان أذهب مع عم صادق لأداء صلاة العشاء والتراويح؛ لكن هذا العام مر يومين ولم أجد هذا العجوز.. فقررت البحث عنه في كل مكان؛ حتي وجدته يداعب الشجر بنظرات حب، و مع كل نظرة للسماء تترقرق عينية بالدموع كالنجوم، يتحدث ويبكي ويضحك لكن مع من ؟! اقتربت منه أكثر لكنه لم يلاحظ وجودي حتي ناديت بصوت مرتفع " يا عم صادق يا أبو قلب أبيض" التفت بعدها العجوز وهو يتنهد وكأني قطعت عليه لقاء عشق.. أستجمع قواه وأنا أسأله" أين أنت يا عجوز من صلاة التراويح؟" صمت العجوز لوهلة وبعد أن تنهد وهو ينظر لكل من حوله وقال في سكينة "كُنت مع الله.. أنا بشوف ربنا كلما تأملت السماء والأرض والشجر والنجوم.. بلمس كل حاجة بقلبي حتي أشعر بالله وجماله ورحمته وحبه.. بشوف ربنا في عظمة خلقة.. كلما نظرت لبديع صنعه ذابت داخلي كل شوائب الحياة التي تُميت القلب.. وينبض القلب بالحب من جديد؛ مراد الله في الأرض.. وكلما نبض القلب رأيتُ الله وتحدثت إليه وبعدها أذهب للصلاة بحب وليس لأداء واجب. نظرت للعجوز بعد أن أثار فضولي ماذا يقصد بجملة الحب مراد الله في الأرض؛ وعند سؤاله أجاب "عزيزتي الله يريد الحب؛ تفكري في خلق الانسان.. خلق الله البشر من حُشوة واحدة؛ الكل من الأرض وإلي الأرض يعود لنشعر بأننا واحد؛ إذا أراد بالناس الكراهية والعداوة والتمزق والصراع كان سبحانه وتعالي خلق كل منا من مادة مختلفة.. أسبحي بخيالك معي وتخيلي ماذا كان يحدث وقتها." سألته فلماذا نحن بالرغم من أننا من حُشوة واحده إلا أننا يمزقنا الصراع والحقد" تنهد العجوز وقال " لأننا بعدنا عن مراد الله في الأرض.. الحب.. بعد أن تاهت أقدامنا وسط زحام ومشاكل الحياة التي جذبت بكل قوة أمراض القلوب." صدقت يا عم صادق ..اللهم أنقذني من عيني فلا تريني الأشياء إلا بعينك أنت وأنقذني من يدي فلا تأخذني بيدي بل بيدك أنت تجمعني بها علي من أحب عند موقع رضاك.. أنت الحرية، ومنك الحرية، وبك الحرية، وأنت الحب، ومنك الحب، وبك ألحب. ...وللرحلة بقية. [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل;