«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرضنا الطيبة سطرت على مدار الزمن فصولاً مضيئة فى تاريخ الانسانية
بابا الفاتيكان: مصر أمّ الدنيا تبنى بيد السلام وبالأخرى تحارب الإرهاب

◙ السيسى: مصر حاضنة للتنوع الحضارى وموطن لشعب يؤمن بأن الدينَ لله والوطنَ للجميع
◄ نقف بالصفوفِ الأولى فى مواجهة الإرهاب ويتحمل شعبنا ثمنا باهظا للتصدى له
◄ القضاء على الإرهاب يحتاج إلى استراتيجيةٍ شاملة تأخذ فى اعتبارها الجوانب التنموية والفكرية والسياسية
◄ أثمن مواقف البابا فرانسيس الداعمة لتفعيل الحوار مع المؤسسات الدينية المصرية بعد سنوات من التوقف

◙ البابا: مصر مدعوة لإنقاذ المنطقة من مجاعة المحبة والإخوة كما أنقذت الشعوب من المجاعة فى زمن يوسف

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى عن اعتزازه وتقديره لشخصِ قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان ومواقفِه الإنسانية النبيلة التى تفتحُ طاقة الأمل فى نفوسِ البشر. وقال الرئيس السيسى ، فى كلمته التى ألقاها خلال الاحتفال بزيارة البابا فرانسيس، إن مواقف بابا الفاتيكان التى تقوم على تشجيعِ التسامح والسلام والتعايش بين جميع الأمم موضع إعجابٍ واحترام وأضاف الرئيس أن أرض مصر الطيبة سطرت على مدار الزمن فصولاً مضيئة فى تاريخ الانسانية ومزجت بعبقرية متفردة بين رسالاتِ السماءِ إلى البشر وبين ما أنتجه هؤلاء البشر من حضارة وثقافة ليخرجَ إلى العالم نور يضئ معالم الطريق نحو السلام والعمران والتسامح بين كافة بنى البشر.. وعلى مرِّ العصور.
وأشار إلى أن مصر حاضنةً للتنوع الحضارى والدينى والثقافى وموطناً لشعبٍ طيب الأعراق يؤمن بأن الدينَ لله والوطنَ للجميع وبأن رحمة الخالق تسع البشرَ جميعاً من كل الأجناس والعقائد.
وأكد الرئيس أن مصر تقف فى الصفوفِ الأولى فى مواجهة هذا الإرهاب ويتحمل شعبها فى صمود وإباء وتضحية ثمنا باهظا للتصدى لهذا الخطرِ الجسيم عاقدين العزم على هزيمته والقضاءِ عليه والتمسك بوحدته وعدم السماح له بتفريقه.
وأوضح الرئيس أن القضاءَ نهائيا على الإرهاب يستلزم مزيدا من التنسيق والتكاتف بين كافة القوى المحبة للسلام فى المجتمعِ الدولى يتطلب جهدا موحدا لتجفيف منابِعه وقطعِ مصادرِ تمويلِه سواء بالمال أو المقاتلين أو السلاح.
وأضاف أن القضاء على الإرهاب يحتاج إلى استراتيجيةٍ شاملة تأخذ فى اعتبارها ليس فقط العمل العسكرى والأمنى وإنما الجوانب التنموية والفكرية والسياسية كذلك التى من شأنها هدم البنية التحتية للإرهاب ومنع تجنيدِ عناصر جديدة للجماعات الإرهابية. وأشاد الرئيس السيسى بزيارة بابا الفاتيكان التاريخيةِ إلى مصر، مشيرا إلى أنها بمثابة رسالة تؤكد ما ترتبط به مصر والفاتيكان من علاقات تقدير واحترام.
ومن جانيه ، ألقى البابا فرانسيس بابا الفاتيكان كلمة تاريخية أكد خلالها أن مصر التى أنقذت الشعوب الأخرى من المجاعة فى زمن النبى يوسف مدعوة اليوم لأن تنقذ هذه المنطقة العزيزة من مجاعة المحبة والإخوة؛ ومدعوة لإدانة ولهزيمة أى عنف وأى إرهاب ومدعوة لتقديم قمح السلام لجميع القلوب الجائعة لتعايش سلمي، لعمل كريم، ولتعليم إنساني. وأضاف أن مصر، التي، فى ذات الوقت، تبنى بيد السلام وبالأخرى تحارب الإرهاب، مدعوة لإثبات أن «الدين لله والوطن للجميع»، كما كان شعار ثورة 23 يوليو 1952، مؤكدة على أنه يمكن للشخص أن يؤمن وأن يعيش فى وئام مع الآخرين، متشاركا معهم فى القيم الإنسانية الأساسية، ومحترما حرية وإيمان الجميع . وأشار إلى أن دور مصر الفريد هو ضرورى حتى نتمكن من التشديد على أن هذه المنطقة، مهد الأديان الثلاثة الكبري،وأن بإمكانها، بل ويجب عليها، أن تنهض من ليل المحنة الطويل هذا كى تشع مجددا قيم العدالة والأخوة العليا.
وأعرب بابا الفاتيكان عن سعادته بتواجده فى مصر، أرض الحضارة النبيلة والعريقة، والتى حتى اليوم يمكن الانبهار أمام آثارها التى تصمد، فى هيبة وجلال، وكأنها تتحدى العصور.
وأضاف أن مصر تعنى الكثير لتاريخ البشرية ولتقليد الكنيسة، ليس فقط من أجل ماضيها التاريخى العريق - الفرعونى والقبطى والإسلامى -، إنما أيضًا لأن العديد من الآباء البطاركة عاشوا فى مصر واجتازوها.
وقال إن اسم مصر ورد مرات عديدة فى الكُتب المقدسة، مشيرا إلى أنه فى أرضها أسمع الله صوته، و»كشف عن اسمه لموسى النبي» وفوق جبل سيناء أودع الرب شعبه والبشرية الوصايا الإلهية وعلى أرض مصر وجدت ملجأ وضيافة العائلة المقدسة: يسوع المسيح ومريم العذراء ويوسف النجار.
وأشار إلى أن الضيافة التى قدمت بكرم منذ أكثر من ألفى عام خلت، تبقى فى ذاكرة البشرية باسرها، وهى مصدر للعديد من البركات الممتدة حتى اليوم.
وقال إن «مصر هى الأرض التى نشعر وكأنها أرضنا جميعًا ، كما تقولون أنتم مصر أمّ الدنيا وهي، حتى يومنا الحاضر، ترحب بالملايين من اللاجئين القادمين من بلدان مختلفة، والتى من بينها السودان واريتريا وسوريا والعراق، والذين تحاول مصر دمجهم فى المجتمع المصرى من خلال جهود تستحق كل ثناء».
وأضاف أن لمصر، بسبب تاريخها وموقعها الجغرافى الفريد، تلعب دورًا لا غنى عنه فى الشرق الأوسط وبين البلدان التى تبحث عن حلول للمشاكل الملحة والمعقدة التى تحتاج إلى معالجة فورية، لتفادى الانحدار فى دوامة عنف أكثر خطورة، مشيرا إلى العنف الأعمى وغير الإنسانى الناتج عن عدة عوامل مثل الرغبة الجامحة للسلطة؛ وتجارة الأسلحة؛ والمشاكل الاجتماعية الخطيرة والتطرف الدينى الذى يستخدم اسم الله القدوس لارتكاب مجازر ومظالم مريعة.
وقال إن مصير مصر وواجبها هما اللذان قد دفعا الشعب لأن يلتمس بلدا لا ينقص فيها الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن هذه الغاية ستكون بكل تأكيد واقعا ملموسا إذ وحد الجميع إرادتهم على قلب رجل واحد فى تحويل الكلمات إلى أفعال والرغبات المشروعة إلى التزام والقوانين المكتوبة إلى قوانين مطبقة، مستغلين فى ذلك العبقرية الفطرية لهذا الشعب.
ووصف مصر بأن لديها واجب فريد وهو واجب تقوية وتعزيز السلام فى المنطقة، بالرغم من كونها جريحة فوق أرضها نتيجة للعنف الأعمي، مشيرا إلى أن مثل هذه الأعمال تسببت، عن غير حق، فى آلام للعديد من الأسر.
وقال :»أفكر خاصة فى جميع الأشخاص الذين، فى السنوات الأخيرة، فقدوا حياتهم من أجل المحافظة على سلامة وطنهم فى الشباب، ورجال القوات المسلحة والشرطة؛ والمواطنين الأقباط؛ وآخرين مجهولين؛ سقطوا جميعا نتيجة لأعمال إرهابية مختلفة..وأفكر كذلك فى عمليات القتل والتهديدات التى أدت إلى مغادرة المسيحيين شمال سيناء..أفكر كذلك بأولئك الذين سقطوا ضحية الهجمات التى وقعت ضد الكنائس القبطية، سواء فى شهر ديسمبر الماضى أو الهجمات الأخيرة فى طنطا والإسكندرية وأتقدم لأقربائهم ولكل مصر باحر التعازى وأرفع صلاتى للرب كى يمن على الجرحى بالشفاء العاجل». وأعرب عن امتنانه للسلطات المدنية والدينية، ولجميع الذين قدموا ضيافة وعونا لهؤلاء الأشخاص الذين عانوا كثيرا.
وأشاد بابا الفاتيكان بجرأة العديد من المساعى التى تبذل لتحقيق العديد من المشروعات الوطنية، وكذلك الكثير من المبادرات التى تم اتخاذها لصالح السلام فى البلاد وخارجها، بهدف الوصول إلى التنمية والازدهار والسلام المنشود، التى يريدها الشعب ويستحقها.
وقال إن التنمية والازدهار والسلام هى خيرات لا يمكن التنازل عنها وتستحق كل التضحيات وهى تشكل أيضًا غايات تتطلب العمل الجدي؛ والالتزام المقتنع؛ والمنهجيات المناسبة؛ وقبل كل شيء، الاحترام غير المشروط لحقوق الإنسان غير القابلة للمساومة كالحق فى المساواة بين كافة المواطنين، وحق حرية الدين والتعبير، دون أدنى تمييز . وقال إن هذه الأهداف تستوجب عناية خاصة بدور المرأة والشباب والأكثر فقرًا والمرضي.وأضاف أن التنمية الحقيقية تقاس بمدى الاهتمام المكرس لصالح الإنسان ، لتعليمه، ولصحته ولكرامته؛ مشيرا إلى أن عظمة أى أمة تتجلى فى مدى الرعاية التى تكرسها حقًا للأكثر ضعفًا من أفراد المجتمع كالنساء والأطفال وكبار السن والمرضى وذوى الإعاقة، والأقليات، بحيث لا يبقى هناك شخص أو فئة مجتمعية منبوذة او متروكة على الهامش.
وأشار إلى أنه إزاء مشهد عالمى فى غاية الحساسية والتعقيد، يجعلنا نفكر فيما قد أطلقت عليه «حربا عالمية على أجزاء»، يحتم علينا أن نؤكد أنه لا يمكن بناء الحضارة دون التبرؤ من أى أيديولوجية للشر، والعنف ومن كل تفسير متطرف يرمى إلى إلغاء الآخر وإبادة التنوع عن طريق التلاعب باسم الله القدوس والإساءة إليه. وطالب بابا الفاتيكان بتعليم الأجيال الجديدة أن الله، خالق السماوات والأرض، ليس بحاجة إلى حماية من البشر بل على العكس، هو الذى يحمى البشر؛ وهو لا يرغب مطلقًا فى موت أبنائه بل فى حياتهم وسعادتهم؛ وهو لا يمكن له أن يطلب العنف أو أن يبرره، إنما، على العكس، يرذله وينبذه وأن الله يدعو للمحبة غير المشروطة، وللمغفرة المجانية، وللرحمة، وللاحترام المطلق لكل حياة، وللإخوة ما بين أبنائه، مؤمنين كانوا أو غير مؤمنين. وأكد البابا فرانسيس أن التاريخ لا يغفر لهؤلاء الذين ينادون بالعدالة ويمارسون الظلم؛ والذين يتحدثون عن المساواة ويقصون المختلفين، قائلا: « علينا واجب أن نفضح باعة أوهام الآخرة، الذين يعظون بالكراهية كى يسرقوا من البسطاء حياتهم الحاضرة وحقهم فى العيش بكرامة، ويحولونهم إلى وقود حرب حارمين إياهم من إمكانية أن يختاروا بحرية، وأن يؤمنوا بمسؤولية.
وطالب بابا الفاتيكان بضرورة دحض الأفكار القاتلة والايديولوجيات المتطرفة، مؤكدين على أنه لا يمكن الجمع بين الإيمان الحقيقى والعنف؛ بين الله وأفعال الموت. وقال بابا الفاتيكان نحتفل هذا العام بذكرى مرور سبعين سنة على العلاقات الدبلوماسية بين الكرسى الرسولى وجمهورية مصر العربية، إحدى أوائل الدول العربية التى أقامت مثل هذه العلاقات الدبلوماسية، مشيرا إلى أنها علاقات اتسمت دائما بالصداقة، والتقدير والتعاون المتبادل، معربا عن تمنياته بأن تسهمزيارته فى تدعيمها وتعزيزها. وقال بابا الفاتيكان : «إن السلام هو هبة من الله ولكنه أيضًا ثمرة لجهد الإنسان. إنه خير يجب أن يُشيَّد وأن يحرَس، فى إطار احترام المبدأ الذى يؤكد قوة القانون لا قانون القوة..سلامٌ لهذا الوطن الحبيب.. سلامٌ لكل هذه المنطقة، وبصفة خاصة لفلسطين وإسرائيل، ولسوريا، ولليبيا، ولليمن، وللعراق ولجنوب السودان؛ السلام لجميع الأشخاص ذوى الإرادة الطيبة». وأكد بابا الفاتيكان أن وجود الأخوة المسيحيين فى مصر ليس أمرًا جديدًا ولا عرضيًّا، ولكنه تاريخى وجزء لا يتجزأ من تاريخ مصر، مشيرا إلى أنه جزء أصيل من هذا البلد وقد طوروا عبر القرون نمطًا من العلاقة الاستثنائية، علاقة تكافل فريدة من نوعها، يمكن أن تؤخذ كمثال يحتذى به فى البلدان الأخري، كما أثبتوا أنه يمكن أن نعيش معا فى إطار من الاحترام المتبادل والمواجهة المتكافئة، وأن نجد فى الاختلاف مصدرا للإثراء وليس أبدًا سببا للخلاف .
وفى ختام كلمته دعا بابا الفاتيكان الله أن يغمر جميع المواطنين المصريين ببركاته الإلهية وأن يمنح الله مصر السلام والازدهار والتقدم والعدالة ويبارك جميع أبنائها، مرددا : «مبارك شعب مصر» و»تحيا مصر».
فيما يلى نص كلمة السيد الرئيس خلال اللقاء مع قداسة بابا الفاتيكان بفندق الماسة:
«بسم الله الرحمن الرحيم
قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر،
السيدات والسادة،
اسمحوا لى فى البداية أن أجدّدَ الترحيب بقداسة البابا فرانسيس فى أرضِ مصر.. ضيفاً عزيزاً.. وشخصيةً فريدة.. وقيادة دينية وروحية ذات مكانةِ رفيعة.. يُجلُّها الملايينُ من البشر فى كافةِ أنحاءِ العالم.. من كافة الأديان على حدٍّ سواء.. ويطيب لى أن أوكد كل الاعتزازِ والتقديرِ لشخصِ قداسةِ البابا.. ومواقفِه الإنسانيةِ النبيلة.. التى تفتحُ طاقةَ الأملِ فى نفوسِ البشر.. تَجمع ولا تُفرِّق.. تُوحد ولا تُشتت.. تزرعُ الخيرَ والأملَ فى قلوبِ الناس.. وتنزعُ الشرَّ واليأسَ من حياتِهم..
إننى أؤكد لكم قداسة البابا.. أن مواقفَكم التى تقوم على تشجيعِ التسامح والسلام والتعايش بين جميع الأمم.. هى موضع إعجابٍ واحترام.. إننى أذكر بكل تقدير لقائى الأول بقداستكم فى الفاتيكان فى نوفمبر 2014.. وأتذكر بامتنان أننى استمعت لرؤيتكم التى تدل على بصيرةٍ ثاقبة.. تنبعُ من رُوحٍ متشبعةٍ بالإيمانِ بقدرةِ البشر على فعل الخير.. ومتمتعةٍ بحكمة عميقة.. تُدرك أهميةَ التعامل مع تعقيدات واقعٍ صعب.. من مُنطلقِ العمل على بلوغِ الأهدافِ النبيلة.. التى تحفظ للبشرِ إنسانيتَهم.. وتُشيعُ العدلَ والسلامَ والخيرَ بينهم..
أرحبُ بكم قداسة البابا فى أرضِ مصر الطيبة.. التى سطرت على مدار الزمن فصولاً مضيئة فى تاريخ الانسانية.. والتى مَزَجَت بعبقريةٍ متفردة.. بين رسالاتِ السماءِ إلى البشر.. وبين ما أنتجهُ هؤلاء البشر من حضارةٍ وثقافة.. لِيَخْرُجَ إلى العالمِ نورٌ.. يُضئُ معالمَ الطريق نحوَ السلام والعُمران والتسامح بين كافة بنى البشر..
وعلى مرِّ العصور.. كانت هذه الأرض المباركة.. حاضنةً للتنوع الحضارى والدينى والثقافي.. وموطناً لشعبٍ طيب الأعراق.. يؤمن بأن الدينَ لله والوطنَ للجميع.. وبأن رحمةَ الخالق عز وجل تسع البشرَ جميعاً من كل الأجناس والعقائد.. وعلى هذه الأرض – قداسة البابا – وجد السيد المسيح عليه السلام.. والسيدة مريم العذراء الأمنَ والأمانَ والسلام.. وطافوا بأرجائها.. محتمين بها من بطشِ وبغيِ «هيرودس».. وكانت مصر كعادتها دوماً.. ملاذاً آمناً وحصناً رحيماً..
قداسة البابا فرانسيس إننا نعتبر زيارتَكم التاريخيةِ إلى مصر اليوم.. والتى تتواكب مع الاحتفال بالذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والفاتيكان.. بمثابة رسالة.. تؤكد ما ترتبط به مصر والفاتيكان من علاقات تقديرٍ واحترام.. تتأسس على إيمانٍ مشترك بالقيم الأخلاقيةِ الرفيعةِ التى رسختها الأديانُ السماوية.. لتكونَ دستوراً لتعايش البشر على الأرضِ فى سلامٍ ومحبة.. وأساساً لمنع الصراعات.. التى لا تنشر سوى العنف والدمار بين أبناء الأسرة الإنسانية..ولقد أكدنا خلال لقائنا اليوم.. أهمية أن تظلَّ هذه المبادئ نبراساً للقادة والحكومات فى عالمنا اليوم.. إذ يواجهون تحدياتٍ غير مسبوقة لم تشهدها البشرية من قبل..
فالعالم يشهد أياماً يعلو فيها صوتُ العنف والكراهية.. تنطلقُ هجماتُ الإرهابِ الأسود.. عمياءٌ هوجاء.. تضربُ فى كل مكانٍ بدون تمييز.. تُفجعُ قلوبَنا إذ تَحرِمُنا من الأهلِ والأحباءِ والأصدقاء.. وما يَزيدُ من أَلَمِنا.. أن قوى الشرِّ هذه.. تزعم ارتباطها بالدين الإسلامى العظيم.. هو مِنهم براء.. وهُم مِنهُ نُكَرَاء.. إن الإسلام الحق لم يأمر أبداً بقتل الأبرياء.. ولم يأمر أبداً بترويع الآمنين وإرهابهم.. وإنما أَمَرَ بالتسامح.. والرحمة.. والعمل الصالح الذى ينفعُ الناسَ.. كما أمر باحترام الآخر وحقه فى اختيار دينه وعقيدته.
السيدات والسادة،
إنَّ مصرَ تقفُ فى الصفوفِ الأولى فى مواجهة هذا الشر الإرهابي.. يتحمل شعبُها.. فى صمودٍ وإباءٍ وتضحية.. ثمناً باهظاً للتصدى لهذا الخطرِ الجسيم.. عاقدين العزم على هزيمتِه والقضاءِ عليه.. وعلى التمسك بوحدتنا وعدم السماح له بتفريقِنا.. وفى هذا السياق.. أؤكد من جديد.. أن القضاءَ نهائياً على الإرهاب.. يستلزمُ مزيداً من التنسيقِ والتكاتف بين كافة القوى المحبة للسلام فى المجتمعِ الدولي.. يتطلب جهداً موحداً لتجفيفِ منابِعِه.. وقطعِ مصادرِ تمويلِه.. سواء بالمال أو المقاتلين أو السلاح.. يحتاج القضاء على الإرهاب إلى استراتيجيةٍ شاملة.. تأخذ فى اعتبارها ليس فقط العمل العسكرى والأمني.. وإنما الجوانب التنموية والفكرية والسياسية كذلك.. التى من شأنها هدم البنيةِ التحتية للإرهاب.. ومنع تجنيدِ عناصرٍ جديدةٍ للجماعات الإرهابية..
ولا يفوتنى فى هذا الإطار.. أن أثمنَ وأقدرَ مواقف قداسة البابا فرانسيس الداعمةِ لتفعيل الحوار مع المؤسسات الدينية المصرية بعد سنواتٍ من التوقف.. لقد كانت إعادة إطلاق حوار الأديان بين الكنيسة الكاثوليكية ومؤسسة الأزهر الشريف خطوة تاريخية.. سيكون لها فى تقديرنا أبلغ الأثر فى تعضيد جهودنا من أجل تجديد الخطاب الديني.. وتقديم فكر دينى مستنير.. يعيننا على مواجهةِ التحديات الجسام التى تشهدها منطقتنا والعالم بأسره من حولنا.. إن الأزهرَ الشريف.. بما يمثله من قيمةٍ حضاريةٍ كبري.. وما يبذله من جهودٍ مقدرةٍ للتعريفِ بصحيحِ الدينِ الإسلامي.. وتقديم النموذج الحقيقى للإسلام.. إنما يقومُ بدورٍ لا غِنَى عنه فى التصدى لدعواتِ التطرف والتشدد.. ومواجهة الأسس الفكرية الفاسدة للجماعات الإرهابية.. وأود هنا الإعراب عن التقدير لمشاركتكم البناءة فى «المؤتمر العالمى للسلام» الذى نظمه الأزهر الشريف بالقاهرة.. والتى تؤكد حرصكم على ترسيخ ثقافة الحوار بين كافة الأديان.. لتدعيم قيم المحبة والسلام والتعايش المشترك..
وبالمثل.. كانت الزيارة التاريخية التى قام بها قداسةُ البابا تواضروس للفاتيكان فى عام 2013.. وإعلان يوم 10 مايو يوماً للصداقة بين الكنيستين القبطية والكاثوليكية.. خطوةٌ هامة على صعيد تدعيم أواصر التعاون بين مؤسسات مصر الدينية العريقة والفاتيكان.. وها أنتم يا قداسة البابا تحلون ضيفاً عزيزاً على مصر اليوم.. بحضور ممثلى مؤسساتها الدينية العريقة.. ليكون استقبالُنا لقداستِكم على أرضِ مصر.. إعلاناً للعالم عن متانةِ وحدتنا الوطنية وصلابتها.. تلك الوحدة التى نعتبرها خط دفاعنا الأساسى ضد من يضمرون لوطننا شراً..
قداسة البابا فرانسيس،
إننا إذ نرحب بكم مجدداً ضيفاً كريماً على أرض مصر.. فإننا نشاطركم عظيم الأمل فى مستقبلٍ أفضل.. يحمل فى طياتِّه عهداً من السلام والرحمة والتسامح.. ونتمنى لكم إقامةَ سعيدةَ وطيبةَ فى بلدنا.. داعياً الله العلى القدير أن يديم على مصر وعلى العالم بأسره.. نعمةَ الأمانِ والطمأنينةِ والاستقرار..
وشكراً.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.