تعرف على الحصر العددى لأصوات الناخبين بمجلس النواب بالدائرة الثانية فى أخميم سوهاج    حوكمة الانتخابات.. خطوة واجبة للإصلاح    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    6417 جنيهًا لهذا العيار، أسعار الذهب صباح اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    سعر صرف الدولار في البنوك المصرية    لمدة 12 ساعة.. انقطاع المياه عن مركز ومدينة فوه بكفر الشيخ اليوم    الرى تحصد جائزة أفضل مشروع عربى لتطوير البنية التحتية عن تنمية جنوب الوادى    مودي: أثق في نجاح قمة نيودلهي مع بوتين    موعد مباراة الأهلي وإنبي فى كأس عاصمة مصر    علي ماهر: تدريب الأهلي حلمي الأكبر.. ونصحت تريزيجيه بألا يعود    تأهل مصر يمنح العرب إنجازًا تاريخيًا في المونديال    النيابة العامة تباشر التحقيقات في واقعة نشر أخبار كاذبة حول قضية "مدرسة سيدز"    أبرز البنود للمرحلة الثانية من اتفاق إنهاء حرب غزة    بوتين ومودي يبحثان التجارة والعلاقات الدفاعية بين روسيا والهند    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    مراجعة فورية لإيجارات الأوقاف في خطوة تهدف إلى تحقيق العدالة    شوقي حامد يكتب: غياب العدالة    ضمن «صحّح مفاهيمك».. أوقاف المنيا تنظّم ندوة بعنوان «احترام الكبير»    آداب سماع القرآن الكريم.. الأزهر للفتوي يوضح    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    خاطر يهنئ المحافظ بانضمام المنصورة للشبكة العالمية لمدن التعلّم باليونسكو    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة قبيا غرب رام الله بالضفة الغربية    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    الجيش الأمريكي يعلن "ضربة دقيقة" ضد سفينة مخدرات    وست هام يفرض التعادل على مانشستر يونايتد في البريميرليج    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    نجوم العالم يتألقون في افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ومايكل كين يخطف القلوب على السجادة الحمراء    دنيا سمير غانم تتصدر تريند جوجل بعد نفيها القاطع لشائعة انفصالها... وتعليق منة شلبي يشعل الجدل    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    مصادرة كميات من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بحي الطالبية    نتائج االلجنة الفرعية رقم 1 في إمبابة بانتخابات مجلس النواب 2025    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    كأس العرب - يوسف أيمن: كان يمكننا لوم أنفسنا في مباراة فلسطين    بالأسماء.. إصابة 9 أشخاص بتسمم في المحلة الكبرى إثر تناولهم وجبة كشري    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    "لا أمان لخائن" .. احتفاءفلسطيني بمقتل عميل الصهاينة "أبو شباب"    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    أحمد سالم: مصر تشهد الانتخابات البرلمانية "الأطول" في تاريخها    ترامب يعلن التوصل لاتفاقيات جديدة بين الكونغو ورواندا للتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراع    العزبي: حقول النفط السورية وراء إصرار إسرائيل على إقامة منطقة عازلة    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    فرز الأصوات في سيلا وسط تشديدات أمنية مكثفة بالفيوم.. صور    اختتام البرنامج التدريبي الوطني لإعداد الدليل الرقابي لتقرير تحليل الأمان بالمنشآت الإشعاعية    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    سلطات للتخسيس غنية بالبروتين، وصفات مشبعة لخسارة الوزن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرضنا الطيبة سطرت على مدار الزمن فصولاً مضيئة فى تاريخ الانسانية
بابا الفاتيكان: مصر أمّ الدنيا تبنى بيد السلام وبالأخرى تحارب الإرهاب

◙ السيسى: مصر حاضنة للتنوع الحضارى وموطن لشعب يؤمن بأن الدينَ لله والوطنَ للجميع
◄ نقف بالصفوفِ الأولى فى مواجهة الإرهاب ويتحمل شعبنا ثمنا باهظا للتصدى له
◄ القضاء على الإرهاب يحتاج إلى استراتيجيةٍ شاملة تأخذ فى اعتبارها الجوانب التنموية والفكرية والسياسية
◄ أثمن مواقف البابا فرانسيس الداعمة لتفعيل الحوار مع المؤسسات الدينية المصرية بعد سنوات من التوقف

◙ البابا: مصر مدعوة لإنقاذ المنطقة من مجاعة المحبة والإخوة كما أنقذت الشعوب من المجاعة فى زمن يوسف

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى عن اعتزازه وتقديره لشخصِ قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان ومواقفِه الإنسانية النبيلة التى تفتحُ طاقة الأمل فى نفوسِ البشر. وقال الرئيس السيسى ، فى كلمته التى ألقاها خلال الاحتفال بزيارة البابا فرانسيس، إن مواقف بابا الفاتيكان التى تقوم على تشجيعِ التسامح والسلام والتعايش بين جميع الأمم موضع إعجابٍ واحترام وأضاف الرئيس أن أرض مصر الطيبة سطرت على مدار الزمن فصولاً مضيئة فى تاريخ الانسانية ومزجت بعبقرية متفردة بين رسالاتِ السماءِ إلى البشر وبين ما أنتجه هؤلاء البشر من حضارة وثقافة ليخرجَ إلى العالم نور يضئ معالم الطريق نحو السلام والعمران والتسامح بين كافة بنى البشر.. وعلى مرِّ العصور.
وأشار إلى أن مصر حاضنةً للتنوع الحضارى والدينى والثقافى وموطناً لشعبٍ طيب الأعراق يؤمن بأن الدينَ لله والوطنَ للجميع وبأن رحمة الخالق تسع البشرَ جميعاً من كل الأجناس والعقائد.
وأكد الرئيس أن مصر تقف فى الصفوفِ الأولى فى مواجهة هذا الإرهاب ويتحمل شعبها فى صمود وإباء وتضحية ثمنا باهظا للتصدى لهذا الخطرِ الجسيم عاقدين العزم على هزيمته والقضاءِ عليه والتمسك بوحدته وعدم السماح له بتفريقه.
وأوضح الرئيس أن القضاءَ نهائيا على الإرهاب يستلزم مزيدا من التنسيق والتكاتف بين كافة القوى المحبة للسلام فى المجتمعِ الدولى يتطلب جهدا موحدا لتجفيف منابِعه وقطعِ مصادرِ تمويلِه سواء بالمال أو المقاتلين أو السلاح.
وأضاف أن القضاء على الإرهاب يحتاج إلى استراتيجيةٍ شاملة تأخذ فى اعتبارها ليس فقط العمل العسكرى والأمنى وإنما الجوانب التنموية والفكرية والسياسية كذلك التى من شأنها هدم البنية التحتية للإرهاب ومنع تجنيدِ عناصر جديدة للجماعات الإرهابية. وأشاد الرئيس السيسى بزيارة بابا الفاتيكان التاريخيةِ إلى مصر، مشيرا إلى أنها بمثابة رسالة تؤكد ما ترتبط به مصر والفاتيكان من علاقات تقدير واحترام.
ومن جانيه ، ألقى البابا فرانسيس بابا الفاتيكان كلمة تاريخية أكد خلالها أن مصر التى أنقذت الشعوب الأخرى من المجاعة فى زمن النبى يوسف مدعوة اليوم لأن تنقذ هذه المنطقة العزيزة من مجاعة المحبة والإخوة؛ ومدعوة لإدانة ولهزيمة أى عنف وأى إرهاب ومدعوة لتقديم قمح السلام لجميع القلوب الجائعة لتعايش سلمي، لعمل كريم، ولتعليم إنساني. وأضاف أن مصر، التي، فى ذات الوقت، تبنى بيد السلام وبالأخرى تحارب الإرهاب، مدعوة لإثبات أن «الدين لله والوطن للجميع»، كما كان شعار ثورة 23 يوليو 1952، مؤكدة على أنه يمكن للشخص أن يؤمن وأن يعيش فى وئام مع الآخرين، متشاركا معهم فى القيم الإنسانية الأساسية، ومحترما حرية وإيمان الجميع . وأشار إلى أن دور مصر الفريد هو ضرورى حتى نتمكن من التشديد على أن هذه المنطقة، مهد الأديان الثلاثة الكبري،وأن بإمكانها، بل ويجب عليها، أن تنهض من ليل المحنة الطويل هذا كى تشع مجددا قيم العدالة والأخوة العليا.
وأعرب بابا الفاتيكان عن سعادته بتواجده فى مصر، أرض الحضارة النبيلة والعريقة، والتى حتى اليوم يمكن الانبهار أمام آثارها التى تصمد، فى هيبة وجلال، وكأنها تتحدى العصور.
وأضاف أن مصر تعنى الكثير لتاريخ البشرية ولتقليد الكنيسة، ليس فقط من أجل ماضيها التاريخى العريق - الفرعونى والقبطى والإسلامى -، إنما أيضًا لأن العديد من الآباء البطاركة عاشوا فى مصر واجتازوها.
وقال إن اسم مصر ورد مرات عديدة فى الكُتب المقدسة، مشيرا إلى أنه فى أرضها أسمع الله صوته، و»كشف عن اسمه لموسى النبي» وفوق جبل سيناء أودع الرب شعبه والبشرية الوصايا الإلهية وعلى أرض مصر وجدت ملجأ وضيافة العائلة المقدسة: يسوع المسيح ومريم العذراء ويوسف النجار.
وأشار إلى أن الضيافة التى قدمت بكرم منذ أكثر من ألفى عام خلت، تبقى فى ذاكرة البشرية باسرها، وهى مصدر للعديد من البركات الممتدة حتى اليوم.
وقال إن «مصر هى الأرض التى نشعر وكأنها أرضنا جميعًا ، كما تقولون أنتم مصر أمّ الدنيا وهي، حتى يومنا الحاضر، ترحب بالملايين من اللاجئين القادمين من بلدان مختلفة، والتى من بينها السودان واريتريا وسوريا والعراق، والذين تحاول مصر دمجهم فى المجتمع المصرى من خلال جهود تستحق كل ثناء».
وأضاف أن لمصر، بسبب تاريخها وموقعها الجغرافى الفريد، تلعب دورًا لا غنى عنه فى الشرق الأوسط وبين البلدان التى تبحث عن حلول للمشاكل الملحة والمعقدة التى تحتاج إلى معالجة فورية، لتفادى الانحدار فى دوامة عنف أكثر خطورة، مشيرا إلى العنف الأعمى وغير الإنسانى الناتج عن عدة عوامل مثل الرغبة الجامحة للسلطة؛ وتجارة الأسلحة؛ والمشاكل الاجتماعية الخطيرة والتطرف الدينى الذى يستخدم اسم الله القدوس لارتكاب مجازر ومظالم مريعة.
وقال إن مصير مصر وواجبها هما اللذان قد دفعا الشعب لأن يلتمس بلدا لا ينقص فيها الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن هذه الغاية ستكون بكل تأكيد واقعا ملموسا إذ وحد الجميع إرادتهم على قلب رجل واحد فى تحويل الكلمات إلى أفعال والرغبات المشروعة إلى التزام والقوانين المكتوبة إلى قوانين مطبقة، مستغلين فى ذلك العبقرية الفطرية لهذا الشعب.
ووصف مصر بأن لديها واجب فريد وهو واجب تقوية وتعزيز السلام فى المنطقة، بالرغم من كونها جريحة فوق أرضها نتيجة للعنف الأعمي، مشيرا إلى أن مثل هذه الأعمال تسببت، عن غير حق، فى آلام للعديد من الأسر.
وقال :»أفكر خاصة فى جميع الأشخاص الذين، فى السنوات الأخيرة، فقدوا حياتهم من أجل المحافظة على سلامة وطنهم فى الشباب، ورجال القوات المسلحة والشرطة؛ والمواطنين الأقباط؛ وآخرين مجهولين؛ سقطوا جميعا نتيجة لأعمال إرهابية مختلفة..وأفكر كذلك فى عمليات القتل والتهديدات التى أدت إلى مغادرة المسيحيين شمال سيناء..أفكر كذلك بأولئك الذين سقطوا ضحية الهجمات التى وقعت ضد الكنائس القبطية، سواء فى شهر ديسمبر الماضى أو الهجمات الأخيرة فى طنطا والإسكندرية وأتقدم لأقربائهم ولكل مصر باحر التعازى وأرفع صلاتى للرب كى يمن على الجرحى بالشفاء العاجل». وأعرب عن امتنانه للسلطات المدنية والدينية، ولجميع الذين قدموا ضيافة وعونا لهؤلاء الأشخاص الذين عانوا كثيرا.
وأشاد بابا الفاتيكان بجرأة العديد من المساعى التى تبذل لتحقيق العديد من المشروعات الوطنية، وكذلك الكثير من المبادرات التى تم اتخاذها لصالح السلام فى البلاد وخارجها، بهدف الوصول إلى التنمية والازدهار والسلام المنشود، التى يريدها الشعب ويستحقها.
وقال إن التنمية والازدهار والسلام هى خيرات لا يمكن التنازل عنها وتستحق كل التضحيات وهى تشكل أيضًا غايات تتطلب العمل الجدي؛ والالتزام المقتنع؛ والمنهجيات المناسبة؛ وقبل كل شيء، الاحترام غير المشروط لحقوق الإنسان غير القابلة للمساومة كالحق فى المساواة بين كافة المواطنين، وحق حرية الدين والتعبير، دون أدنى تمييز . وقال إن هذه الأهداف تستوجب عناية خاصة بدور المرأة والشباب والأكثر فقرًا والمرضي.وأضاف أن التنمية الحقيقية تقاس بمدى الاهتمام المكرس لصالح الإنسان ، لتعليمه، ولصحته ولكرامته؛ مشيرا إلى أن عظمة أى أمة تتجلى فى مدى الرعاية التى تكرسها حقًا للأكثر ضعفًا من أفراد المجتمع كالنساء والأطفال وكبار السن والمرضى وذوى الإعاقة، والأقليات، بحيث لا يبقى هناك شخص أو فئة مجتمعية منبوذة او متروكة على الهامش.
وأشار إلى أنه إزاء مشهد عالمى فى غاية الحساسية والتعقيد، يجعلنا نفكر فيما قد أطلقت عليه «حربا عالمية على أجزاء»، يحتم علينا أن نؤكد أنه لا يمكن بناء الحضارة دون التبرؤ من أى أيديولوجية للشر، والعنف ومن كل تفسير متطرف يرمى إلى إلغاء الآخر وإبادة التنوع عن طريق التلاعب باسم الله القدوس والإساءة إليه. وطالب بابا الفاتيكان بتعليم الأجيال الجديدة أن الله، خالق السماوات والأرض، ليس بحاجة إلى حماية من البشر بل على العكس، هو الذى يحمى البشر؛ وهو لا يرغب مطلقًا فى موت أبنائه بل فى حياتهم وسعادتهم؛ وهو لا يمكن له أن يطلب العنف أو أن يبرره، إنما، على العكس، يرذله وينبذه وأن الله يدعو للمحبة غير المشروطة، وللمغفرة المجانية، وللرحمة، وللاحترام المطلق لكل حياة، وللإخوة ما بين أبنائه، مؤمنين كانوا أو غير مؤمنين. وأكد البابا فرانسيس أن التاريخ لا يغفر لهؤلاء الذين ينادون بالعدالة ويمارسون الظلم؛ والذين يتحدثون عن المساواة ويقصون المختلفين، قائلا: « علينا واجب أن نفضح باعة أوهام الآخرة، الذين يعظون بالكراهية كى يسرقوا من البسطاء حياتهم الحاضرة وحقهم فى العيش بكرامة، ويحولونهم إلى وقود حرب حارمين إياهم من إمكانية أن يختاروا بحرية، وأن يؤمنوا بمسؤولية.
وطالب بابا الفاتيكان بضرورة دحض الأفكار القاتلة والايديولوجيات المتطرفة، مؤكدين على أنه لا يمكن الجمع بين الإيمان الحقيقى والعنف؛ بين الله وأفعال الموت. وقال بابا الفاتيكان نحتفل هذا العام بذكرى مرور سبعين سنة على العلاقات الدبلوماسية بين الكرسى الرسولى وجمهورية مصر العربية، إحدى أوائل الدول العربية التى أقامت مثل هذه العلاقات الدبلوماسية، مشيرا إلى أنها علاقات اتسمت دائما بالصداقة، والتقدير والتعاون المتبادل، معربا عن تمنياته بأن تسهمزيارته فى تدعيمها وتعزيزها. وقال بابا الفاتيكان : «إن السلام هو هبة من الله ولكنه أيضًا ثمرة لجهد الإنسان. إنه خير يجب أن يُشيَّد وأن يحرَس، فى إطار احترام المبدأ الذى يؤكد قوة القانون لا قانون القوة..سلامٌ لهذا الوطن الحبيب.. سلامٌ لكل هذه المنطقة، وبصفة خاصة لفلسطين وإسرائيل، ولسوريا، ولليبيا، ولليمن، وللعراق ولجنوب السودان؛ السلام لجميع الأشخاص ذوى الإرادة الطيبة». وأكد بابا الفاتيكان أن وجود الأخوة المسيحيين فى مصر ليس أمرًا جديدًا ولا عرضيًّا، ولكنه تاريخى وجزء لا يتجزأ من تاريخ مصر، مشيرا إلى أنه جزء أصيل من هذا البلد وقد طوروا عبر القرون نمطًا من العلاقة الاستثنائية، علاقة تكافل فريدة من نوعها، يمكن أن تؤخذ كمثال يحتذى به فى البلدان الأخري، كما أثبتوا أنه يمكن أن نعيش معا فى إطار من الاحترام المتبادل والمواجهة المتكافئة، وأن نجد فى الاختلاف مصدرا للإثراء وليس أبدًا سببا للخلاف .
وفى ختام كلمته دعا بابا الفاتيكان الله أن يغمر جميع المواطنين المصريين ببركاته الإلهية وأن يمنح الله مصر السلام والازدهار والتقدم والعدالة ويبارك جميع أبنائها، مرددا : «مبارك شعب مصر» و»تحيا مصر».
فيما يلى نص كلمة السيد الرئيس خلال اللقاء مع قداسة بابا الفاتيكان بفندق الماسة:
«بسم الله الرحمن الرحيم
قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر،
السيدات والسادة،
اسمحوا لى فى البداية أن أجدّدَ الترحيب بقداسة البابا فرانسيس فى أرضِ مصر.. ضيفاً عزيزاً.. وشخصيةً فريدة.. وقيادة دينية وروحية ذات مكانةِ رفيعة.. يُجلُّها الملايينُ من البشر فى كافةِ أنحاءِ العالم.. من كافة الأديان على حدٍّ سواء.. ويطيب لى أن أوكد كل الاعتزازِ والتقديرِ لشخصِ قداسةِ البابا.. ومواقفِه الإنسانيةِ النبيلة.. التى تفتحُ طاقةَ الأملِ فى نفوسِ البشر.. تَجمع ولا تُفرِّق.. تُوحد ولا تُشتت.. تزرعُ الخيرَ والأملَ فى قلوبِ الناس.. وتنزعُ الشرَّ واليأسَ من حياتِهم..
إننى أؤكد لكم قداسة البابا.. أن مواقفَكم التى تقوم على تشجيعِ التسامح والسلام والتعايش بين جميع الأمم.. هى موضع إعجابٍ واحترام.. إننى أذكر بكل تقدير لقائى الأول بقداستكم فى الفاتيكان فى نوفمبر 2014.. وأتذكر بامتنان أننى استمعت لرؤيتكم التى تدل على بصيرةٍ ثاقبة.. تنبعُ من رُوحٍ متشبعةٍ بالإيمانِ بقدرةِ البشر على فعل الخير.. ومتمتعةٍ بحكمة عميقة.. تُدرك أهميةَ التعامل مع تعقيدات واقعٍ صعب.. من مُنطلقِ العمل على بلوغِ الأهدافِ النبيلة.. التى تحفظ للبشرِ إنسانيتَهم.. وتُشيعُ العدلَ والسلامَ والخيرَ بينهم..
أرحبُ بكم قداسة البابا فى أرضِ مصر الطيبة.. التى سطرت على مدار الزمن فصولاً مضيئة فى تاريخ الانسانية.. والتى مَزَجَت بعبقريةٍ متفردة.. بين رسالاتِ السماءِ إلى البشر.. وبين ما أنتجهُ هؤلاء البشر من حضارةٍ وثقافة.. لِيَخْرُجَ إلى العالمِ نورٌ.. يُضئُ معالمَ الطريق نحوَ السلام والعُمران والتسامح بين كافة بنى البشر..
وعلى مرِّ العصور.. كانت هذه الأرض المباركة.. حاضنةً للتنوع الحضارى والدينى والثقافي.. وموطناً لشعبٍ طيب الأعراق.. يؤمن بأن الدينَ لله والوطنَ للجميع.. وبأن رحمةَ الخالق عز وجل تسع البشرَ جميعاً من كل الأجناس والعقائد.. وعلى هذه الأرض – قداسة البابا – وجد السيد المسيح عليه السلام.. والسيدة مريم العذراء الأمنَ والأمانَ والسلام.. وطافوا بأرجائها.. محتمين بها من بطشِ وبغيِ «هيرودس».. وكانت مصر كعادتها دوماً.. ملاذاً آمناً وحصناً رحيماً..
قداسة البابا فرانسيس إننا نعتبر زيارتَكم التاريخيةِ إلى مصر اليوم.. والتى تتواكب مع الاحتفال بالذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والفاتيكان.. بمثابة رسالة.. تؤكد ما ترتبط به مصر والفاتيكان من علاقات تقديرٍ واحترام.. تتأسس على إيمانٍ مشترك بالقيم الأخلاقيةِ الرفيعةِ التى رسختها الأديانُ السماوية.. لتكونَ دستوراً لتعايش البشر على الأرضِ فى سلامٍ ومحبة.. وأساساً لمنع الصراعات.. التى لا تنشر سوى العنف والدمار بين أبناء الأسرة الإنسانية..ولقد أكدنا خلال لقائنا اليوم.. أهمية أن تظلَّ هذه المبادئ نبراساً للقادة والحكومات فى عالمنا اليوم.. إذ يواجهون تحدياتٍ غير مسبوقة لم تشهدها البشرية من قبل..
فالعالم يشهد أياماً يعلو فيها صوتُ العنف والكراهية.. تنطلقُ هجماتُ الإرهابِ الأسود.. عمياءٌ هوجاء.. تضربُ فى كل مكانٍ بدون تمييز.. تُفجعُ قلوبَنا إذ تَحرِمُنا من الأهلِ والأحباءِ والأصدقاء.. وما يَزيدُ من أَلَمِنا.. أن قوى الشرِّ هذه.. تزعم ارتباطها بالدين الإسلامى العظيم.. هو مِنهم براء.. وهُم مِنهُ نُكَرَاء.. إن الإسلام الحق لم يأمر أبداً بقتل الأبرياء.. ولم يأمر أبداً بترويع الآمنين وإرهابهم.. وإنما أَمَرَ بالتسامح.. والرحمة.. والعمل الصالح الذى ينفعُ الناسَ.. كما أمر باحترام الآخر وحقه فى اختيار دينه وعقيدته.
السيدات والسادة،
إنَّ مصرَ تقفُ فى الصفوفِ الأولى فى مواجهة هذا الشر الإرهابي.. يتحمل شعبُها.. فى صمودٍ وإباءٍ وتضحية.. ثمناً باهظاً للتصدى لهذا الخطرِ الجسيم.. عاقدين العزم على هزيمتِه والقضاءِ عليه.. وعلى التمسك بوحدتنا وعدم السماح له بتفريقِنا.. وفى هذا السياق.. أؤكد من جديد.. أن القضاءَ نهائياً على الإرهاب.. يستلزمُ مزيداً من التنسيقِ والتكاتف بين كافة القوى المحبة للسلام فى المجتمعِ الدولي.. يتطلب جهداً موحداً لتجفيفِ منابِعِه.. وقطعِ مصادرِ تمويلِه.. سواء بالمال أو المقاتلين أو السلاح.. يحتاج القضاء على الإرهاب إلى استراتيجيةٍ شاملة.. تأخذ فى اعتبارها ليس فقط العمل العسكرى والأمني.. وإنما الجوانب التنموية والفكرية والسياسية كذلك.. التى من شأنها هدم البنيةِ التحتية للإرهاب.. ومنع تجنيدِ عناصرٍ جديدةٍ للجماعات الإرهابية..
ولا يفوتنى فى هذا الإطار.. أن أثمنَ وأقدرَ مواقف قداسة البابا فرانسيس الداعمةِ لتفعيل الحوار مع المؤسسات الدينية المصرية بعد سنواتٍ من التوقف.. لقد كانت إعادة إطلاق حوار الأديان بين الكنيسة الكاثوليكية ومؤسسة الأزهر الشريف خطوة تاريخية.. سيكون لها فى تقديرنا أبلغ الأثر فى تعضيد جهودنا من أجل تجديد الخطاب الديني.. وتقديم فكر دينى مستنير.. يعيننا على مواجهةِ التحديات الجسام التى تشهدها منطقتنا والعالم بأسره من حولنا.. إن الأزهرَ الشريف.. بما يمثله من قيمةٍ حضاريةٍ كبري.. وما يبذله من جهودٍ مقدرةٍ للتعريفِ بصحيحِ الدينِ الإسلامي.. وتقديم النموذج الحقيقى للإسلام.. إنما يقومُ بدورٍ لا غِنَى عنه فى التصدى لدعواتِ التطرف والتشدد.. ومواجهة الأسس الفكرية الفاسدة للجماعات الإرهابية.. وأود هنا الإعراب عن التقدير لمشاركتكم البناءة فى «المؤتمر العالمى للسلام» الذى نظمه الأزهر الشريف بالقاهرة.. والتى تؤكد حرصكم على ترسيخ ثقافة الحوار بين كافة الأديان.. لتدعيم قيم المحبة والسلام والتعايش المشترك..
وبالمثل.. كانت الزيارة التاريخية التى قام بها قداسةُ البابا تواضروس للفاتيكان فى عام 2013.. وإعلان يوم 10 مايو يوماً للصداقة بين الكنيستين القبطية والكاثوليكية.. خطوةٌ هامة على صعيد تدعيم أواصر التعاون بين مؤسسات مصر الدينية العريقة والفاتيكان.. وها أنتم يا قداسة البابا تحلون ضيفاً عزيزاً على مصر اليوم.. بحضور ممثلى مؤسساتها الدينية العريقة.. ليكون استقبالُنا لقداستِكم على أرضِ مصر.. إعلاناً للعالم عن متانةِ وحدتنا الوطنية وصلابتها.. تلك الوحدة التى نعتبرها خط دفاعنا الأساسى ضد من يضمرون لوطننا شراً..
قداسة البابا فرانسيس،
إننا إذ نرحب بكم مجدداً ضيفاً كريماً على أرض مصر.. فإننا نشاطركم عظيم الأمل فى مستقبلٍ أفضل.. يحمل فى طياتِّه عهداً من السلام والرحمة والتسامح.. ونتمنى لكم إقامةَ سعيدةَ وطيبةَ فى بلدنا.. داعياً الله العلى القدير أن يديم على مصر وعلى العالم بأسره.. نعمةَ الأمانِ والطمأنينةِ والاستقرار..
وشكراً.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.