لا يجوز هذه المرة الدسّ بجماعة الإخوان فى قضية الفساد الضخمة التى كبَّدت الدولة خسائر نحو 3 مليارات جنيه فى عمليات توريد المواسير غير المطابقة للمواصفات القياسية فى مشروع مياه الشرب لمدينة القاهرة الجديدة، والتى تسبَّبت فى مشكلة ظاهرة انقطاع المياه المتكرر التى يعانى منها سكان المنطقة هذه الأيام. ذلك لأن للإخوان جرائمهم الممتدة الأخري، ولكن حقائق هذه الجريمة التى بدأت عام 2007، تقول إنه ليس لعضوية المتهمين بالجماعة دور فيها، بل إن تكرار هذا المعنى يُشتت الحقيقة المؤسفة التى تصرخ بها التفاصيل بأن هناك أخطاء هائلة فى إجراءات اتخاذ قرار البتّ فى مثل هذه المشروعات العملاقة والتى ترهن حسم القرار بالتقرير الفني، الذى يجرى العبث فيه بترجيح اختيارات على أخري، والذى كان فى هذه الحالة هو البوّابة، وليس مجرد الثغرة، التى نفذ منها الفاسدون، وكان يمكن أن يفعلوها سواء بعضويتهم فى الجماعة أو كانوا من خارجها! وبرغم أهمية وخطورة التقرير الفنى فى اتخاذ القرار النهائي، فقد كان غريباً أن يُترك الأمر كله لشخص واحد، وأن يمر تقديره بلا مراجعة، وأن يجرى اعتماد ترجيحه لهذا النوع الفاسد من المواسير الذى ثبتت عدم كفاءته فى التشغيل، فى حين أن هناك معلومات متوافرة عن تناقض تزكيته لهذه المواسير مع تقرير آخر، هو أيضاً الذى كتبه بخصوص مشروع آخر، وتوصل فيه إلى أحكام عكس ما توصل إليه فى هذه الكارثة. كان يمكن تفادى كل هذه الخسائر الهائلة الضائعة فى توريد المواسير المعيبة، وفى التكلفة الإضافية فى المواسير البديلة، وفى عمليات الحفر والردم، إضافة إلى ما لا يُقدَّر بمال فى تعريض حياة المواطنين للخطر، إذا كان هناك إحكام ورقابة من المنبع على كل خطوة تسبق قرار البت، بل وفى قرار البت ذاته، وألا يُترك أمر بهذه الخطورة، وبهذا الحجم، فى يد شخص واحد أو جهة واحدة. ثم يأتى من يشتت السعى لعلاج الأسباب بأن الإخوان كذا كذا! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب