يحصر أغلبية معارضى سياسات الرئيس والحكومة أنفسهم فى دائرة ضيقة يكاد يقتصر نشاطهم فيها على ممارسة حرية التعبير، بالقول والكتابة، ثم كبَّلوا أنفسهم فى أن يكون حق التظاهر فى أفضل صيغة، حتى بدا وكأنه أول وآخر المشوار بالنسبة لهم. لا جدال بين الكثيرين من اتجاهات شتى على ضرورة إجراء تعديلات على القانون، على الأقل ليتسق مع الدستور، وفى ذلك اجتهادات كثيرة شارك فيها المجلس القومى لحقوق الإنسان. إلا أن التركيز عليه من بعض المعارضين صار معرقلاً لهم عن أن ينخرطوا بجدية فى التفاصيل الحقيقية للعمل السياسى فيما لا يشترط إنجازه الانتهاء من تعديل القانون. ومن حقهم ألا يتنازلوا طوال الوقت عن موقفهم من التعديل. ثم إنهم، وبدلاً من أن يسعوا سياسياً لكى يتحقق التغيير الذى ينشدونه، يطالبون الرئيس بأن يُغيِّر سياساته إلى ما يريدون! وهذه لا تتسق مع القواعد المعمول بها فى الدول الديمقراطية التى ينادون بالمساواة معها فى قانون التظاهر. حيث ان هنالك إجراءات تعتمدها وتحميها قواعد الديمقراطية للمعارضة السياسية التى من المفترَض أن لها سياسات مختلفة وبرامج تفصيلية ومرشحين ذوى كفاءة يخوضون انتخابات عامة للفوز بثقة الجماهير لتطبيق ما يرون، ولإلغاء السياسات التى يعارضونها، بعد حصولهم على التفويض الشعبى. لأن البداهة أن للرئيس الحرية فى أن يطبق سياساته ما دام أنه ملتزم بالدستور والقانون، كما لا يُنتَظَر منه أن يُطبِّق سياسات غيره خاصة إذا لم تكن متوافقة مع ما يلزم نفسه به. أما إصرارهم على أن يكون هو الفراق بانتخابات رئاسية مبكرة لا يعلنون فيها برامج واضحة ولا يطرحون فيها قيادات جديرة بتحمل المسئولية، فهو غموض قد يكون السبب الرئيسى فى انفضاض الجماهير عن دعواتهم المتكررة للتظاهر خشية من الوقوع فى براثن الفوضى التى خبرها الناس ورفضوها. وقد تكون هناك أسباب أهم فى حاجة إلى بحوث علمية للتوصل إليها، بدلاً من الترجيحات الظنية. ولكن للأسف، هناك من لا يؤرقهم خسارة مساحة لدى الرأى العام، ويرضيهم أن يأخذوا بنطاً يشيد به الإعلام الغربى! *لغة: العِلمُ يقينُ العيان، والظَّنُ يقينُ التَّدبُّر. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب