يأتي كل صباح ويحمل معه بداية جديدة؛ وتعتبر " فيروزيات الصباح" مع فنجان القهوة الصباحي إرث ثقافي استمر حتى يومنا هذا داخل المقاهي والبيوت العربية كطقس لجلب السكينة والسلام الداخلي في بداية اليوم. ومع " فيروزيات الصباح" وتناول القهوة مع الاصدقاء يتجدد النقاش والأحاديث عن موضوعات مثل طلوع الضوء، وصور الصباح، والحب، والحنين في أغانيها – مما يتناغم تمامًا مع رمزية الفجر كبداية جديدة مليئة بالأمل والتأمل وهنا دار النقاش مع الأصدقاء حول أن اغاني فيروز داىما تتمحور حول البدايات المشرقة واخذنا الحديث إلى طرح تساؤل عن جدوى زيارة الحكومة المصرية إلى لبنان في الوقت الحالي ؟ وهل هي بداية مشرقة في العلاقات بين البلدين ؟ وما أهمية هذه الزيارة في وقت يجب على الحكومة أن يكون لها دور في تخفيفء الأعباء الاقتصادية والحياتية على المواطنين ؟ وجاءت الإجابة من سرد طريقة استقبال الرئيس العماد جوزاف عون رئيس لبنان بقصر بعبدا ؛ لرئيس الوزراء والوفد المرافق له ؛ بل إن أطراف الحديث بين الجانبين أكدت أن العلاقات بين مصر ولبنان لا تختصر في بروتوكولات وبيانات رسمية بل هي علاقة شعبين تشاركا الذاكرة قبل المصالح وتوقيع الاتفاقيات ؛ علاقة ليست وليدة العصر الحديث بل ممتدة عبر عمق الزمن وطرق التجارة ومسارات الفكر والثقافة. ورغم أن ردود فعل النقاش مع "فيروزيات الصباح" كانت متباينة حول الزيارة لكنها أجمعت على أن زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى لبنان هدفها اقتصادي؛ وحملت في جعبتها هدفاً استراتيجياً وسياسياً يتعلق بدعم لبنان ورسالة بأن مصر شريك وحليف استراتيجي له، كما تؤكد وقوف القاهرة معه لحين حل كل أزماته، فضلاً عن أن الرؤية المصرية تنطلق من أن تعاون الجميع في حل الأزمات الاقتصادية، بالقطع سينعكس على القضايا الأخرى، ويخلق أجواء إيجابية تسمح بتقريب وجهات النظر حول لبنان. فالزيارة جاءت فى ظل أوضاع إقليمية شديدة التعقيد، وتوترات أمنية مستمرة على الساحة اللبنانية، وضغوط سياسية واقتصادية غير مسبوقة، وهو ما يمنحها دلالة خاصة؛ والدور المصري في لبنان يكتسب أهميته من أنه يحظى بقبول كل الأطراف اللبنانية، ويحظى أيضاً بقبول الأطراف الإقليمية والدولية . فمصر حالياً لما لها من علاقات طيبة تتمتع بثقة جميع اللبنانيين، وكذلك بالأطراف المتشابكة مع لبنان، فهي بما حققته من زخم بنجاحها في تحقيق اتفاق السلام بغزة، تعمل حالياً على قيادة وتزعّم جهد عربي لحل الأزمة في لبنان، لأنها ترى أن أمن لبنان مرتبط بالوضع في فلسطين وغزة الذي يؤثر بالقطع على الأمن المصري. ومن ثم جاءت زيارة رئيس الوزراء المصري إلى بيروت في إطار دعم التعاون الثنائي اقتصادياً لمحاولة إخراج لبنان من أزمته الاقتصادية، والتأكيد للجميع أن مصر لها مصالح مشتركة مع لبنان، مما يدفع جهود حل الأزمة قدماً . وحملت الزيارة إحدى الرسائل غير المباشرة تمثلت فى عرض التجربة المصرية فى الإصلاح الاقتصادى والبنية التحتية، سواء خلال لقاءات العمل أو فى ردود مدبولى على أسئلة رجال الأعمال اللبنانيين، فالحديث عن العاصمة الجديدة، وعن دور المشروعات الكبرى فى خلق ملايين فرص العمل، لم يكن استعراضا لإنجازات بقدر ما كان طرحا لنموذج تنموى يؤكد أن الإصلاح، مهما كان مكلفا سياسيا، يظل الطريق الوحيد للخروج من الأزمات. وفي ظل ما تضفيه علينا اغاني فيروز من الحنين لبدايات مشرقة تعد الزيارة فى مجملها إعادة للتأكيد على أن العلاقة بين مصر ولبنان تتجاوز كونها علاقة ثنائية تقليدية، لتلامس أبعادا ثقافية وتاريخية وسياسية عميقة، وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء اللبنانى حين وصفها بأنها "تكامل فى الرؤية وتفاعل فى المسار". فمصر، فى هذا السياق، لا تتعامل مع لبنان كدولة بحاجة إلى دعم فقط، بل كشريك عربى يمتلك مقومات النهوض، متى توافرت له عناصر الاستقرار والإدارة الرشيدة. وهنا ينتهي الحديث إلى إن زيارة الدكتور مصطفى مدبولى إلى لبنان هي رسالة دعم سياسى فى توقيت حساس، وخارطة طريق اقتصادية لمرحلة ما بعد الاستقرار وإعادة الإعمار .