لم تخف وسائل إعلام أجنبية دهشتها إزاء موقف مصر الرافض بشدة لأى تدخل غربى فى شئونها، وخاصة ما يتعلق بالأحكام القضائية الصادرة ضد نشطاء سياسيين وحقوقيين خالفوا قوانين الدولة المصرية فى الفترة الأخيرة. وبعقلية المستعمر القديم - التقليدية - توقع الإعلام الأجنبى على ما يبدو أن مصر سترتعد فور إدلاء أى دولة أو منظمة غربية بتصريح تنتقد فيه الأحكام القضائية الصادرة بحق هؤلاء النشطاء، ولكنه فوجيء على الأرجح برد الفعل القوى من جانب القاهرة على هذه المحاولات للتدخل، بل واكتشف أيضا فى أكثر من قضية وأكثر من واقعة أن القضاء المصرى الذى حاكم رئيسين وأصدر أحكاما جريئة، لا يقبل تدخل أو تعقيب أى جهة داخلية أو خارجية على أحكامه، رغم محاولة مؤسسات إعلامية مثل «رويترز» و»أسوشييتدبرس» و»سى إن إن» و»بي.بي.سي» الاصطياد فى الماء العكر فيما يتعلق بغطيتها لقضيتى لاعب الكرة محمد أبو تريكة وقضية اتفاقية الحدود مع السعودية. فقد بثت وكالة أسوشييتدبرس تقريرا بتاريخ 14 يناير 2017 بعنوان «مصر تعنف الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة على انتقادهما الأحكام التى صدرت على النشطاء»، جاء فيه أن عنفت بريطانيا والاتحاد الأوروبى لانتقادهما الحكم القضائى الصادر بشأن تجميد أموال ثلاثة نشطاء حقوقيين، متهمة كليهما بتطبيق معايير مزدوجة. وأعربت الوكالة فى التقرير نفسه عن دهشتها لأن مصر فى ردها طالبت الجانبين الأوروبى والبريطانى «بالاعتناء بأمورهما الخاصة»، وتركها فى حال سبيلها من أجل تحقيق هدفها فى إقامة دولة حديثة، وذلك فيما يتعلق بقضية النشطاء الثلاثة، الذين كان من بينهم مزن حسن الناشطة البارزة فى مجال الدفاع عن حقوق المرأة. كما ظهر واضحا أن وسائل الإعلام الغربية لا تستوعب حتى هذه اللحظة فكرة عدم قيام المصريين ب»ثورة» أخرى على الدولة القائمة حاليا على الرغم من التقارير التى تنشرها هذه الجهات الإعلامية حول تردى الأوضاع الاقتصادية فى مصر، بدليل أن وكالة «رويترز» بثت بتاريخ 15 يناير 2017 تقريرا بعنوان «إلى أين وصل المصريون فى الذكرى السادسة لثورة يناير»؟، والذى تناولت فيه الوكالة رؤيتها لتقرير آخر صادر عن صحيفة فرنسية عما سمته بتدهور حقوق الإنسان فى مصر، واستمرار تأييد بعض قطاعات الرأى العام للرئيس عبد الفتاح السيسى رغم التراجع الاقتصادى للبلاد، بحسب تعبيرها، ولاحظ هنا كلمة «البعض» التى استخدمتها الوكالة دون سند أو دليل، وبعد ذلك يتساءلون : لماذا يخطئون دائما فى توقعاتهم بشأن مصر.