مع صباح اليوم الجديد قامت والإصرار يملأ قلبها ولمعة التحدى تبدو فى عيونها لترتدى ثوبها الرياضي، وتحمل حقيبتها لتركض خلف حلم جديد من أحلامها، الذى ربما يكون فى نظرها مجرد حلم ولكنه فى نظر من حولها إنجاز كبير لم تستطع الكثير من الفتيات تحقيقه . . إنها منال رستم، الفتاة التى رفضت الاستسلام للعادات والتقاليد، فتمردت عليها وقررت التخلص من كل المعوقات وتحطيم القيود التى قد تعوق نجاحها وطموحها. فمنال رستم، التى جمعت بين حب العلم والرياضة والمغامرة، كانت الصيدلة دراستها والركض رياضتها، وتسلق الجبال هوايتها، حتى أصبحت نجمة لامعة فى سماء المغامرة، تتهافت عليها وسائل الإعلام لمعرفة الأسرار خلف إنجازاتها ونجاحاتها التى حققتها فى سنوات قليلة. وحاليا هى موجودة فى الأرجنتين لتسلق جبل اكونكاجوا، أعلى قمة جبلية فى أمريكا الجنوبية، «الأهرام» التقت بها عبر الهاتف من الارجنتين فكان لنا معها هذا الحوار: ..................................................................... من الركض إلى التسلق قصة مليئة بالنجاحات .. فكيف بدأت ؟ منذ طفولتى وأنا أعشق الرياضة بشكل عام والركض بشكل خاص، وهو ما ساعدنى على المشاركة فى ماراثون سور الصين العظيم، حيث كنت أتابعه منذ عدة سنوات، ولكن فى بداية العام الماضى قررت المشاركة به، ولكن الأمر لم يكن سهلا على الإطلاق نظرا لطوله، وهو 42.195 كيلو متر إلى جانب درجات السور صعودا وهبوطا، والتى تبلغ 5164 درجة، ولم تكن هناك فترة كافية كى أتدرب عليه، لذا فقد أصبت بألم عضلى فى بداية الماراثون، ولكن روح التحدى كانت أكبر من الألم، فصممت على استكماله حتى النهاية، وبالفعل أصبحت أول مصرية تكمل ماراثون سور الصين العظيم وتصل لنقطة النهاية وهى تحمل علم مصر. ما هى أول مغامرة جبلية قمت بها وأبرز الانجازات التى حققتها حتى الآن ؟ كانت أول مغامرة جبلية لى فى عام 2009،عندما تسلقت جبل سانت كاترين وكانت بدافع التجربة والاكتشاف، لكننى وجدتها رياضة ممتعة، لذلك وضعت هدف الوصول لأعلى 7 قمم فى العالم نصب عينيى وعلى أن اسعى لتحقيقه. وبالفعل وصلت فى عام 2012 لقمة جبل كلمنجارو اعلى قمة فى إفريقيا، وطوله 5895 مترا، ويقع فى تنزانيا، كما تسلقت جبل كينيا، وهو ثانى اعلى قمة جبلية فى إفريقيا، ثم وصلت لقمة جبل البروس، اعلى قمة جبلية فى أوروبا، وطوله 5642 مترا، وأنا حاليا فى الأرجنتين لتسلق جبل اكونكاجوا، أعلى قمة جبلية فى أمريكا الجنوبية، وطوله 6962 مترا، وهو ثانى اعلى قمة فى العالم بعد إيفرست. أما عن إيفرست، فانا لم أصل لقمته كما تداولت بعض المواقع أخيرا، أنا فقط تدربت على صعوده ووصلت لقاعدته او كما يطلقون عليها معسكر إيفرست فقط فى سبتمبر الماضي، وسأتسلقه فى ابريل المقبل، ولكن الوصول لقمته أمر شاق ومكلف جدا، فطوله 8848 مترا، ومازلت ابحث عن الدعم المادى من خلال شركات راعية لي. ماذا كان موقف والديك حينما أخبرتهما برغبتك فى السفر وتسلق الجبال؟ لم يكن إقناعهما أمرا سهلا، فقد حاولت إقناع والدى على مدى 5 سنوات ليوافق لى على خوض التجربة، وجاءت موافقته بعدما نجحت فى طمأنته عليِّ ومنحه كل تفاصيل الرحلات التى أقوم بها وأسماء الشركات التى أسافر بصحبتها وأماكن وجودي، وهو الآن يشجعنى ويدعمني، أما والدتى فقد فشلت كل محاولاتى معها لإقناعها فهى حتى الآن لا توافق على ما أقوم به. هل هدفك من الوصول لل 7 قمم إثبات نجاحك وتفردك أم سعى للشهرة ؟ لا لم أسع للشهرة مطلقا، والدليل انه منذ 2012 أى منذ بداية احترافى تسلق الجبال وحتى فترة قريبة لم يكن احد يعلم عنى شيئا. فمنذ طفولتى وأنا أتمنى تسلق الجبال، وكنت أدرك جيدا انه سيأتى يوم ويتحقق حلمي، خاصة أننى كنت واحدة من المعجبين بعمر سمرة أول مصرى صعد لقمة إيفرست ، وهو ما جعلنى أكثر تمسكا بخوض التجربة. والهدف الأساسى من تجربتى هو دعم ومساندة السيدات والفتيات المصريات بشكل خاص والعربيات بشكل عام، بتوجيه رسالة لهن تفيد بأن فكرة ان المرأة خلقت للأمور المنزلية وانتظار فارس الأحلام فقط غير صحيحة، فيمكنها أن تجيد عمل كل الأمور المنزلية، وبجانب ذلك يجب أن يكون لها أهدافها وإنجازاتها الخاصة التى تميزها.. فأنا لم أتزوج حتى الآن وعمرى 37 عاما، وربما هذا يكون أشبه بالعار فى مصر، ولكن ليس على المكوث فى المنزل لانتظار الزوج المناسب. كما كان حلمى أيضا هو رفع علم مصر على تلك القمم واثبات لمن معى من المتسلقين الأجانب أن هناك مصريين يعشقون المغامرة ولديهم روح التحدى فهذا يمنحنى الفرصة لتمثيل بلدى بشكل جيد. ما هى أدواتك التى تستخدمينها أثناء التسلق؟ تعطينا الشركات المسئولة عن تلك الرحلات الملابس الخاصة بالتسلق وهى مختلفة تماما عن الملابس العادية، وذلك إلى جانب بعض متعلقاتى الشخصية كالمصحف وعروستى المفضلة لى منذ طفولتى فانا اصطحبها معى فى كل رحلاتي، وعن ما يخص الطعام فإننى أتناول كل شىء لان التسلق يحتاج لقوة بدنية وعضلية. ألم ينتبك الخوف فى بعض اللحظات ؟ بالفعل ينتابنى الخوف كثيرا، ولكن اتذكر ان هناك هدفا لابد من تحقيقه، يجعلنى استعين بالله وأتغلب على مخاوفي، خاصة ان التسلق يتطلب درجة عالية جدا من التركيز، وإذا استسلمت لنقطة ضعف ستؤثر على تركيزى ولن أصل للقمة. لك جروب شهير على الفيس بوك تدافعين من خلاله عن الحجاب وكان احد أسباب شهرتك .. فما قصته ؟ نعم لدى جروب على الفيس بوك بعنوان «surviving hijab» قمت بتأسيسه فى عام 2014، وذلك بعدما شاهدت عددا كبيرا من الفتيات المحجبات اتجهن للاستغناء عن الحجاب، لذا فكان الهدف منه دعم الفتيات المحجبات وعدم الالتفات للضغوط الاجتماعية التى قد تمارس ضدهن فيضطررن للاستغناء عنه، كما كان الهدف منه أيضا إشعار الفتاة المحجبة أن حجابها لا يعوقها عن تحقيق أحلامها وطموحاتها. أشادت بك الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومى للمرأة، كما قام عمرو خالد بعمل فيديو عن انجازاتك .. صفى لى شعورك بعد هذه التكريمات ؟ بالفعل أشادت بى الدكتورة مايا وذلك فى إطار مبادرة المجلس «فيها حاجة حلوة» لإلقاء الضوء على النماذج الإيجابية الناجحة والمتميزة للفتيات والسيدات المصريات، ولا يمكننى وصف مدى سعادتى لكونى واحدة منهن واتمنى ان يكون هناك المزيد من النماذج المشرفة. كما سعدت بعد مشاهدتى فيديو الداعية عمرو خالد عن نجاحاتى حتى إننى بكيت فرحا، خاصة ان الهدف من الفيديو هو النظر لإنجازات الفتاة المسلمة التى لم يعرقلها حجابها عن تحقيق حلمها. كانت هناك بعض التعليقات وردود الأفعال السلبية على تسلقك الجبال .. هل كان لها تأثير عليك ؟ بالطبع الأمر آثار غضبى جدا لأننى فى بداية الطريق،خاصة ان بعض هذه الآراء كان سلبيا وهو ما اثر على نفسيتى ، فمن بين التعليقات كان هناك من يرى أن تسلق الجبال أمر غير مهم، وكان ردى عليه أننى على الأقل سعيت لرفع علم بلدى فى مكان لم يرفع به مسبقا وحاولت الترويج لبلدي، وهناك من انتقد ملابسي، «أن ملابسى ضيقة لا تليق بمحجبة»،.. الأمر أزعجني، لكن أسرتى كانت تطلب منى عدم الالتفات أو التأثر بهذه الآراء. وأنا ادعو هؤلاء للتفكير بشكل ارقى وسيجدون أن الأمر يستدعى الفخر، فكونى عربية محجبة تصل الى قمم الجبال أمر جيد. رسالة مباشرة ترغبين فى توجيهها لمعجبينك .. أرى انه أمر محزن بعدما تجاوز عددنا ال 90 مليون مصرى ألا يصعد لقمة ايفرست سوى عمر سمرة، ثانيا أدعو الأسر المصرية للتخلى عن بعض التقاليد البالية، والسماح لبناتهن بالسفر للخارج فالسفر ليس للتنزه أو لمشاهدة مناظر مختلفة فقط، ولكنه احد أهم أساليب الاطلاع على ثقافات أخري، ويزيد من دائرة المعرفة، وتلك هى إحدى أدوات النجاح فى الدراسة والعمل، كما أتمنى أن تطمح الفتيات المصريات إلى الوصول لقمم العالم وتحقيق المزيد من الإنجازات فى شتى المجالات وعدم الاستسلام للعوائق والقيود.