من أهم عوامل النجاح وتحقيق الانتصار فى أى مواجهة أن تعرف كيف يفكر عدوك، وأن تفهم منطلقاته وثقافته، ومن هنا فإن على الدولة وهى تواجه هذا الإرهاب الأسود أن تدرك ضرورة المواجهة الفكرية الى جانب المواجهة الأمنية والعسكرية للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التى تسببت فى تمزيق بعض دول الجوار وتشردها وتشتيت شعوبها فى شتى بقاع الأرض، وأصبحت الآن مهددة بالتفتت والتقسيم إلى دويلات طائفية ومذهبية، بعد أن كانت دولا ذات سيادة وتاريخ وحضارة ضاربة فى أعماق التاريخ. لذلك فإن مواجهة هذا الإرهاب بالفكر ضرورة، وذلك لأن معرفة ما يدور فى عقول هؤلاء الإرهابيين سيمكننا من تحقيق النصر عليهم، وتبدأ هذه المواجهة من دراسة منطلقات هؤلاء الإرهابيين ومرجعياتهم الفكرية التى يستقون منها منهجهم وأفكارهم المتطرفة التى تستبيح القتل والدماء، وكذلك دراسة الطرق والأساليب التى ينفذون من خلالها الى عقول بعض الشباب المغرر بهم، وذلك من أجل سد هذه المنافذ أمام الجماعات التكفيرية التى تحاول استقطاب بعض الفئات من عامة الشعب والفقراء الى صفوفها وتستهويهم أفكارها المتطرفة، الأمر الذى يؤكد ضرورة الاهتمام بإجراء الحوار المستمر مع الشباب لتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة لديهم وإرشادهم الى صحيح الدين. ومن أهم سبل تجفيف منابع الإرهاب والتطرف الاهتمام بالعشوائيات والمناطق المهمشة التى يجد الإرهابيون فيها أرضا خصبة لنشر أفكارهم وسمومهم بين الشباب، وكل ذلك يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع تطوير الخطاب الدينى وتنقية بعض الكتب الفقهية التى تحتوى على الفتاوى المتشددة والتى لا تستقيم مع إيقاع عصرنا، بالإضافة إلى فتح باب الاجتهاد لإيجاد فقه معاصر، كما اجتهد العلماء الأولون وأخرجوا فقها يناسب أزمنتهم وعصورهم التى عاشوا فيها. إن تشكيل وعى المجتمع وتنوير أفراده يحتاج إلى تضافر جهود كل المؤسسات الرسمية والمجتمعية فى الدولة «المدرسة إلى جانب المسجد والكنيسة»، وكذلك الأسرة، وذلك من أجل إعادة صياغة الشخصية المصرية القادرة على مواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة، والصمود أمام أى عواصف أو أنواء قد تواجه الأمة. لمزيد من مقالات رأى الاهرام;