أكد العلماء أنه حان الوقت للمواجهة الفكرية والحوار الحقيقي بين العلماء من دعاة الأمة ومعتنقي هذه الأفكار وتوضيح الشبهات الموجودة والرد عليها بجانب المواجهة الأمنية والعسكرية مع الجماعات التكفيرية في سيناء ومصر عموماً. كشف العلماء عن اقتراب تحرك المؤسسة الدينية بقيادة الأزهر للمواجهة الفكرية للمتطرفين لتتكامل مع المواجهة العسكرية لقادة الفكر التكفيري.. وأوضحوا أن المراجعات مع المغرر بهم ضرورة لانتشالهم من بؤر الفساد الفكري الذي وقعوا فريسة له في ظل الأمية الدينية. وطالبوا بمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزت شباباً جاهلاً بدينه ولا ينتمي إلي وطنه انتماء حقيقياً. في البداية أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر: أن الأزهر يقوم بدوره علي أكمل وجه في مكافحة أفكار التشدد والإرهاب وإذا كنا نرغب في مواجهة حقيقية للإرهاب فلابد أن يبدأ ذلك من مدينة الإنتاج الإعلامي وإعادة الشيء إلي نصابه وترك الدعوة للدعاة المؤهلين والإفتاء للمختصين وإبعاد المتطفلين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ويجب ألا يتحدث في أمور الدين إلا من تأهل في مؤسسة رسمية معترف بها من الدولة ولا يترك المجال مفتوحاً علي مصراعيه لكل باحث عن الشهرة أو فاشل في تخصصه لينخر في أساس الدين وثوابته ويهاجم الأزهر. وأوضح أن المشكلة التي لا يدركها الكثيرون أن هناك فضائيات تستضيف بعضاً ممن يسمون أنفسهم دعاة جدد والذين يشدون الرحال كل ليلة لإحدي الفضائيات ويجلسون أمام الكاميرات ومعظهم لم يدرس شيئاً يتعلق بالدين وهكذا ينشرون سمومهم وفكرهم المريض بين مشاهديهم بدعوي تجديد الخطاب الديني وللأسف الشديد فهؤلاء يستضيفون من هم علي شاكلتهم وأحيانا يكتفون بأنفسهم! يقولون كلاماً ما أنزل الله به من سلطان ويتناولون قضايا جدلية لا تخدم هدفاً اللهم إلا هز الثقة في الدين وثوابته وتراثنا الإسلامي وخطر هؤلاء المجرمين المفسدين في الأرض الذين ينطلقون من سيناء وقد آن الأوان لنتكاتف جميعاً لكف شرور هؤلاء وهؤلاء عن الناس وعلي الجميع أن يرعي الله في الوطن ويعلي المصلحة الوطنية علي المصلحة الضيقة البغيضة. من جانبه كشف الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية أنه سيطرح في الجلسة المقبلة للمجمع ضرورة المواجهة الفكرية للأفكار المغلوطة بل إن هيئة كبار العلماء ربما تطرح نفس القضية في جلستها المقبلة في هيئتها لأن المواجهة أصبحت حتمية الآن من الأزهر ومؤسساته لهذا الفكر المنحرف. أشار د. الجندي إلي أنه حان الوقت للمواجهة الفكرية الشاملة مع دعاة الفتنة وأئمة التكفير الذين أفسدوا الشباب وضربوا البلاد عن طريق إثارة قضايا من المتشابهات في حين يتم إهمال القضايا الحيوية التي يريد الجميع معرفة صحيح الدين فيها مثل أفعال داعش واخواتها وأنهي الدكتور الجندي كلامه بانه لا مانع من الجلوس مع معتنقي الأفكار الضالة من أعضاء الجماعات المسماة إسلامية بمختلف انتماءاتها والتي تستغل الأمية الدينية للسيطرة علي عقول الشباب. يشير الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة إلي أنه بغض النظر عما يقال عن غياب المؤسسة الدينية فإننا يجب أن ندرك أنه لمواجهة الإرهاب نحتاج إلي تكاتف الجميع ويبدأ هذا التكاتف بإعلان الإدانة والشجب وينتهي بالمواجهة القانونية والأمنية والفكرية بمعني أن الإدانة كبداية تكشف لك أن العمليات التي يشنها الإرهابيون هي عمليات ضد الشريعة الإسلامية وبالنسبة للمؤسسة الدينية فيقع علي عاتقها مواجهة أصحاب الفكر التدميري وذلك بالعمل علي أن تصل الرسالة الدينية التي توضح خروج الإرهابيين عن الوسطية الإسلامية إلي كل مكان في المدن والقري والواحات والجبال والصحاري بحيث تصل المعلومة الإسلامية الصحيحة للشباب في كل مكان حتي لا يجد المتطرفون وسيلة يزيدون فيها أعدادهم ويفشلون في ضم مزيد من الشباب إلي صفوفهم. ويضيف د.الدسوقي لابد في هذا الإطار أن تتعاون وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة مع المؤسسة الدينية من أجل توصيل الآراء الدينية الصحيحة إلي القاريء والمشاهد والمستمع ولابد أن تتكاتف أجهزة الدولة بحيث تستضيف الهيئات الشبابية والثقافية علماء المؤسسة الدينية في ندوات مفتوحة تناقش ما يخطر علي بال الشباب ويجبون عليه دون حظر علي فكرة أو رأي حتي يتم تحصين الشباب نهائيا في مواجهة أفكار التطرف والإرهاب. واعتبر الدكتور مصطفي مراد أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر أن الحوار مع معتنقي مثل هذه الأفكار المتشددة وتصحيح المفاهيم وتوضيح صحيح الدين الإسلامي هو السبيل إلي الخروج من المأزق الراهن.. مستدلاً بما حدث في التاريخ القريب إذ لم تنته مواجهات الدولة مع قادة الجماعة الإسلامية والجهاد بعد معركة طويلة سالت فيها الدماء وأزهقت فيها الأرواح إلا بالمراجعات الفكرية التي كانت نهاية لمحاولات حوار جاد قاده الأئمة الأعلام الكبار أمثال الشيخ الدكتور محمد الغزالي رحمه الله وإمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله. وبين أن المواجهة الأمنية وحدها لا يمكن أن تجابه كل هذا الحجم الكبير من الأعمال الإرهابية التي تستند في الأصل إلي أفكار ومعتقدات خاطئة ولذا فالفكر يواجه بالفكر لينتهي العنف وليدرك الجميع أن بلادنا تسعنا جميعاً.