من مشكلاتنا المزمنة أن لدينا من يتحمسون بشدّة لكل ما يبديه الرئيس السيسي، والحقيقة أنهم دأبوا على الحماس لما يبديه كل رئيس، ويلهثون وراء تأييده، حتى قبل استيعاب المعنى والتمعن فى الأهداف، وربما يكون اندفاعهم وراء أخطاء قد تتناقض مع ما كان الرئيس يقصده. ويُخشى من هؤلاء فى المسائل المعقدة الجديرة بالفحص والتأنى قبل الحسم، خاصة عند اتخاذ قرار مصيري، وعلى الأخصّ عند إصدار تشريع، مثلما هو الحال الآن فيما أبداه الرئيس أمس الأول، فى جنازة الشهداء الأقباط ضحايا الجريمة الإرهابية على الكنيسة البطرسية، عندما طالب، فى سياق ملاحظة على أداء مجلس النواب، بإصلاح تشريعى يُعيِن القضاء على سرعة البت فى القضايا. فجأة، وفى نفس اليوم ظهر بعض النواب المتحمسين على شاشات التليفزيون يزايدون على مطلب الرئيس ويتحدثون عن أنهم بصدد البدء فوراً فى اتخاذ الخطوات العاجلة لإصدار التشريعات المطلوبة وأنهم سيحسمون الأمر خلال أيام! والغريب أن الموضوع مطروح منذ سنوات، بكل الحجج والأسانيد، ولكنه لم يحظ بمجرد التفات منهم. لقد كنتُ، حتى مقال الأمس هنا، من المطالبين بوجوب وبسرعة إصدار هذه التشريعات، ولكن أجدنى مضطراً الآن، بسبب هذه الحماسة المفاجئة، أن أحذِّر من خطورة التعجل فى سلق تعديلات قد تورطنا فيما يجب ألا نقع فيه. لأن المطلوب أن نحقق السرعة المطلوبة لإحقاق الحق ولإنصاف المظلوم ولإنزال العقاب المستحق على المخطئ لتحقيق الردع العام، ولطمأنة المواطنين إلى نظامهم القضائي، ولإلغاء حجة كل من يتجنب التقاضى ويلجأ إلى سبل أخري، مع ضرورة توفير ضمانات العدالة وفق الشروط التى تعرفها الدولة الحديثة، اتساقاً مع ضمانات حقوق الإنسان المعترَف بها. لذلك، وتجنباً لنذر لا تبعث على الاطمئنان، فإنه من الأفضل أن يأخذ الموضوع بضعة أسابيع، يُطرَح فيها للنقاش العام، وربما يكون من الأجدى أن يُتوَج بمؤتمر وطنى يضم متخصصين فى كل المجالات ذات الصلة وممثلين لكل التيارات، لبلورة الأفكار ولوضع التوصيات لتكون عوناً لمجلس النواب فى حسم الموضوع. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب