من المعروف أن الأداء الإعلامي لمقدم برنامج التوك شو يمثل الواجهة التي إذا حصدت إعجاب المشاهد فإن النجاح يتحقق بالتبعية لعناصره الأخري من إعداد وتقارير وديكور وإضاءة واخراج وغيرها. ومع انتشار تلك النوعية من البرامج وبحثا عن التميز خرج كثير ممن يقدمونها عمدا علي التقاليد الإعلامية شكلا مع سبق الإصرار حيث أصبحت تدور حوارات مباشرة بينهم وبين المعدين أو المخرجين من خلال السماعة التي في آذانهم( الإيربيس) وقد تتحول في بعض الأوقات إلي خناقة أو(قفشات) ضاحكة متبادلة فيما يشبه( الشو) العمدي- بدلا من التركيز علي تغطية وتحليل الأحداث اليومية- استمرارا لحالة البحث عن التميز غير المقبول في الأداء مثلما تتجاوز مجموعة أخري من مقدمي البرامج الذين يقدمون صورا من عدم المبالاة بالمشاهد عندما يطلب أحدهم الخروج إلي فاصل لأنه( عاوز يشرب شاي) والثاني لأنه يعمل لساعات طويلة فإنه يريد تناول الطعام لشعوره بالجوع والثالث يقرره عقابا للمخرج الذي لم يطع أوامره, وجميعهم في منافسة شرسة علي ابتكار أساليب جديدة تكشف عن عدم احترامهم للمشاهد في وقت فقدت فيه التقاليد الإعلامية هيبتها في ظل انفلات فضائي أطاح بها بعيدا, ليطرح السؤال نفسه: لماذا يخرج مقدمو التوك شو علي نص الأداء الإعلامي؟ يري الناقد طارق الشناوي أن السبب يمكن تحديده بحالة سقوط للحائط الرابع الذي يتخيل الممثل المسرحي وجوده في أثناء أدائه لدوره وهوما ينطبق علي مقدم أي برنامج يقرر إزالة ذلك الحاجز الوهمي الذي يفصله عن المشاهد في رسالة مباشرة منه تعني أنه يؤدي عمله بتلقائية تامة خالية من التعقيدات وذلك مقبول ولكن في حدود معينة عندما يتجاوزها يتحقق عنصر المبالغة الذي يفسد كل شيء, ولا شك في أن ظاهرة خروج كثير من مقدمي برامج التوك شو علي نص الأداء الإعلامي ترجع أسبابها إلي التنافس الشديد بينهم علي جذب المشاهد خاصة وأنهم يقدمونها علي الهواء في فترة واحدة مساء مما يجعل مبدأ( تكسير) المعتاد بالتجديد في اسلوب تقديمها وأعتبره أمرا غيرمرفوض ولكن مع التأكيد علي أن( قليله) ممتع و(كثيره) طارد للمشاهدين. بينما يؤكد د.عبدالعزيز سيد عبدالعزيز رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب بقنا جامعة جنوبالوادي أن التناقض الشديد بين مضمون برامج التوك شو الجاد والأداء الهزلي لكثيرمن مقدميها يجعل الناتج الإعلامي المرئي في خطر لأن الطابع المميز لتلك البرامج في وعي المشاهد قد تحدد بأنها تخاطب عقله وتقدم له رؤية بانورامية تحليلية شاملة لقضايا المجتمع وأحداثه اليومية المهمة, كما أنها ليست من تلك النوعية التي يتحول خلالها من يقدمها إلي ممثل كوميدي يحكي تجاربه الشخصية ويتصنع( افيهات) ضاحكة باشارات غيرمفهومة للمشاهد ويشترك في( شو) مع المخرج ظنا منه أنها يمكن أن تحقق له التميزعن غيره, إلا أنها علي العكس تثير السخرية منه, لأنها بالفعل استخفاف صريح بالمنظومة الإعلامية وتقاليدها وأبجدياتها وآدابها التي غابت تماما عمديا من كثير ممن يقدمون التوك شو علي أنه مجرد عمل يجلب لهم ملايين الجنيهات, ولأن مؤهلاتهم غيرإعلامية ولعدم تلقيهم التدريب اللازم لتقديم البرامج التليفزيونية مع ثقافتهم المحدودة, فإنهم يندفعون بقوة في محاولات دائمة( لتعمية) المشاهد كي لا يري عيوبهم في ظل حالة الفوضي الإعلامية السائدة حاليا علي معظم الفضائيات والتي تساعدهم علي الاستمرار الذي مهما طال زمنه فإنه مؤقت وسوف يغيب كل من أفسد الأداء الإعلامي شكلا أومضمونا عن الشاشات بأمر المشاهد وليس من يمتلكونها عندما يعود الإستقرار للوطن قريبا جدا.