تمثل ظاهرة الإرهاب ومكافحته أحد أهم وأعقد الظواهر التى تمر بها الساحتان الدولية والاقليمية.وكانت مصر- من خلال قائدها الرئيس عبدالفتاح السيسى ودبلوماسيتها التى يقودها سامح شكرى وزير الخارجية- فى بؤرة التحركات الدولية والاقليمية، حيث طالبت مصر فى أكثر من مناسبة بضرورة تكاتف المجتمع الدولى لمحاربة التطرّف والإرهاب، ونجحت فى وضع قضية مكافحة الإرهاب على أجندة المجتمع الدولى بقوة، بما يؤكد صحة الرؤية المصرية ودقتها فيما يتعلق بأولوية مكافحة الإرهاب، وضرورة عدم التفرقة بين تنظيمات وأخرى أو بين إرهاب فى دولة ما دون الأخري. ولا تكاد جمعية عامة للأمم المتحده تخلو من مناقشه ملف الإرهاب ومكافحته، سواء فى كلمات المتحدثين أو من خلال الاجتماعات التى تعقد على هامش الجمعية العامة. وتعتمد النظرة المصرية على أهمية مكافحة الأفكار المتطرفة منذ بداية اختمارها وانتقالها من مراحل التنشئة والتعليم إلى مراحل التجنيد للعناصر المتطرفة، بالإضافة إلى ضرورة تجفيف منابع تمويل الإرهاب، وضبط الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية والتسلل عبر الحدود والاتجار غير الشرعى فى السلاح. وتمكنت مصر من خلال عضويتها فى التحالف الدولى ضد داعش من إبراز خطورة الارهاب والتنظيمات المتطرفة، والدعوة للوسطية، وتقدم مساهمات كبيرة على مستوى محاربة الفكر المتطرف وقطع التمويل. تعاملت مصر مع ظاهرة الإرهاب على عدة مستويات، شملت المستوى الثنائى والإقليمي، خاصة جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، كما تم التصدى للنظرة الانتقائية لمواقف الدول الغربية تجاه الإرهاب، والعمل على إقناع الدول الرئيسية المؤثرة بضرورة تبنى نظرة شاملة تنطلق من القناعة بأن كل التنظيمات الإرهابية فى المنطقة تنبع من إطار فكرى وعقائدى واحد على الرغم من اختلاف أشكالها وأهدافها. وأيضا تعزيز التعاون الثنائى مع القوى الكبرى فى مجال مكافحة الإرهاب بما يخدم المصالح المصرية والجهود الوطنية للتصدى للتهديدات الإرهابية . وقد نجحت الدبلوماسية المصرية فى إبراز تجربة مصر فى مواجهة الإرهاب، خاصةً فى المجال الفكرى والتوعية الدينية، من خلال الدور الرائد الذى تضطلع به مؤسسة الأزهر التى تقدم مساهمات كبيرة على مستوى محاربة الفكر المتطرف وقطع التمويل، مع التأكيد على الأهمية البالغة للتعامل مع تنظيم داعش الإرهابى ومع ظاهرة الإرهاب من منظور شامل وكامل وليس فقط فى منطقة بعينها، كشف ما يجمع بين التنظيمات الإرهابية من عناصر كثيرة مشتركة، سواء فى الفكر والأيديولوجيا، أو على مستوى التنسيق العملياتى وضرورة وقف التمويل والتسليح الذى تحصل عليه هذه التنظيمات الإرهابية من أطراف إقليمية . كانت مصر عقب ثورة 30 يونيو قد واجهت حملة انتقامية مكثفة من قبل إرهابيين ومتطرفين ينتمون لجماعة الإخوان وجماعات إرهابية أخري، مما أدى إلى وضع مكافحة الإرهاب على رأس قائمة أولويات الأمن القومى المصري. وفى فى إطار الحملة الإعلامية- التى اطلقتها بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة الثلاثين من يونيو- قامت مصر بتكثيف الجهود المحلية والإقليمية والدولية لمكافحة ظاهرة الإرهاب، التى تتصاعد على مستوى العالم، حتى أصبحت مصر تقف فى الصفوف الأمامية لمحاربة الإرهاب إقليميا ودوليا. وأوضحت الدبلوماسية أن مصر تتعاون مع شركائها فى المنطقة وخارجها لمواجهة الفكر المتطرف والأنشطة الإرهابية التى تنتج عنه، حيث تعتبر مصر عضوا محوريا فى الائتلاف الدولى لمحاربة تنظيم داعش، باعتبارها موطن الأزهر الشريف ودار الإفتاء، وهما أهم مراكز الفكر الإسلامى الوسطى على مستوى العالم . وقد تم انتخاب مصر لعضوية المقعد غير الدائم فى مجلس الأمن الدولى عام 2015 بدعم واسع من الجمعية العامة، مما يعد تقديرا من المجتمع الدولى لمصر ودورها فى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وتعمل مصر عبر هذا المقعد على دعم القضايا الإفريقية والعربية وقضايا الدول النامية. كما تولت مصر رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولي، وقامت فى هذا الإطار بعدد من المبادرات الرامية لتعزيز التعاون والتنسيق الدوليين فى إطار مكافحة الإرهاب، ومحاولة إيجاد حلول مستديمة تستهدف التعامل مع جذور ظاهرة التطرف. وتتمثل أولويات مصر داخل مجلس الأمن فى الدفاع عن القضايا العربية والإفريقية، ومكافحة الإرهاب، وتسوية النزاعات فى الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وتعتبر مصر الدولة العربية الوحيدة داخل المجلس فى الوقت الراهن، فى ظل تحديات جسيمة تواجه المنطقة، حيث تعمل من خلال عضويتها بالمجلس على حماية المصالح العربية والدفع بحلول بناءة لأزمات القارة الإفريقية والدول العربية. وقد ترأس سامح شكرى وزير الخارجية خلال مايو الماضى الجلسة الوزارية المفتوحة التى عُقدت بمجلس الأمن، بمبادرة من مصر خلال فترة رئاستها لمجلس الأمن الشهرية، بحضور وزراء الدول الأعضاء، كما شاركت مصر فى المؤتمر الوزارى الموسَّع بواشنطن، والذى شاركت فيه أكثر من 43 دولة للتحالف الدولى ضد تنظيم «داعش»، حيث تأتى المشاركة على مستوى وزراء خارجية الدول أعضاء التحالف . ويكشف السفير الدكتور السيد أمين شلبى المدير التنفيذى السابق للمجلس المصرى للشئون الخارجية أن هناك تطورا نوعيا حدث، وذلك بظهور الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها ما يسمى «داعش» مما مهد لمرحلة جديدة فى بناء تحالفات دوليه ضد الاٍرهاب، ومن هنا رأينا التحالف الدولى الذى شكلته إدارة اوباما لوقف تمدد داعش فى كل من العراق وسوريا، واشتركت فيه نحو 60دولة،. ويؤكد السفير أن هناك خطرا آخر ينبه إليه الخبراء الأوروبيون وهو «العائدون» الذين يتركون داعش ليعودوا لأوطانهم، وخاصة المجتمعات الأوروبية، وهو خطر اكثر تعقيدا حيث يرتكبون جرائم فردية كا حدث فى فرنسا وبروكسل. ويشير إلى أن مصر، من خلال عضويتها فى مجلس الأمن وربما قبل ذلك وبفعل دورها، ترأست لجنة مهمة فى مجلس الأمن هى لجنة مكافحة الارهاب، ومن الواضح أن اختيارها لم يكن اختيارا عشوائيا، وإنما لتجربتها السابقة والحالية فى مواجهه ما تتعرض له من إرهاب.