فى الوقت الذى يسعى فيه البعض إلى التشكيك فى كل إنجاز يتم على الأرض، يظل فى الوطن رجال يواصلون الليل بالنهار يروون الأرض بعرقهم ويشقون الجبال بأيديهم، لا يبالون بحملات الهدم والتخريب، ماضون فى طريق التنمية والبناء، بسواعد أبناء مصر من القوات المسلحة والشركات المدنية الوطنية وبجهد وعرق الشباب المخلص بدت الأحلام حقيقة تشهدها الأعين على أرض الواقع. وانطلاقا من الدور الوطنى التى تقوم به «الأهرام»، وفى إطار متابعة تنفيذ مشروعات تنمية منطقة قناة السويس الجديدة والوقوف على نسب الإنجاز التى تقوم بها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وشركات المقاولات المتعاونة معها فى تنفيذ هذه المشروعات الضخمة التى تمثل خطوات كبرى على طريق التنمية الشاملة لمصر، قامت «الأهرام» بجولة جديدة بمنطقة حفر أنفاق مدينة الإسماعيلية أسفل قناتى السويس والتى ستربط سيناء بدلتا النيل، وذلك للوقوف على آخر المستجدات وحجم المجهود المبذول فى ظل ظروف مناخية صعبة ومخاطر جمة من أجل تحقيق الهدف المنشود لبناء مصر الحديثة. وخلال الجولة تبين أنه تم الانتهاء من حفر 10% تقريبا من نفقى الإسماعيلية فى مدة زمنية لم تتجاوز 3 أشهر، وأنه سيتم الانتهاء من حفر الأنفاق الأربعة المخصصة لعبور السيارات فى الإسماعيلية وبورسعيد نهاية العام المقبل، علما بأن مشروعات الأنفاق التى يتم تنفيذها أسفل قناة السويس حاليا هى الأضخم على مستوى العالم، من حيث الأطوال والأقطار وحجم أعمال التنفيذ والخطة الزمنية المقررة لتسليمها، كما أن تنفيذ هذا المشروع حاليا هو نتيجة لقرار رشيد ودراسات متأنية وبسواعد ومعدات مصرية 100%. وعلمت الأهرام خلال الجولة أنه بعد الانتهاء من تنفيذ أنفاق الاسماعيلية وبورسعيد سوف يتم البدء فى مشروعات أنفاق السويس، وأن الخبرات التى اكتسبتها مصر فى هذا المجال سوف تفتح أبوابا كبيرة لتنفيذ مشروعات أخرى عملاقة داخل مصر وخارجها بمعدات وأيد عاملة مصرية خالصة وهو ما يمثل مكسبا جديدا لا يقدر بثمن، ومهما تكن المكاسب المادية المتوقعة من هذه المشروعات فإن عوائدها الحقيقية لا تقدر بثمن، لأن تلك المشروعات سوف تربط سيناء بالدلتا وتسهم فى سرعة تنمية سيناء واستغلال ثرواتها المهملة منذ عقود طويلة، كما أن الأمن القومى المصرى يستدعى ربط سيناء بباقى محافظات مصر لأنها تمثل جزءا غاليا من الوطن ولايمكن السماح بالتفريط فيه أكثر من ذلك، كما أن الأنفاق الجديدة سوف تتقاطع مع شبكة الطرق الجديدة التى يتم تنفيذها وتطويرها لتربط مصر شرقا وغربا شمالا وجنوبا. وخلال الجولة لمسنا على أرض الواقع أن المشروعات التى يتم تنفيذها تتم من خلال شركات مدنية وبأيدى الآلاف من شباب مصر، وأن دور الهيئة الهندسية والقوات المسلحة هو الإشراف على التنفيذ ومتابعة الخطط الزمنية للتسليم ومراقبة الجودة. «الأهرام « التقت خلال جولتها عددا من المهندسين العاملين بالموقع، حيث أعربوا عن شعورهم بالاعتزاز الشديد لمشاركتهم فى هذه المشروعات، وكشفوا أن معظمهم تركوا عملهم فى دول أوروبية وأجنبية وأتوا لمصر ليشاركوا فى صنع هذا الإنجاز الذى وصفوه بالحلم. فمن جانبه قال المهندس وليد على جنرال فورمال بالمشروع - ان الدقة والالتزام فى التنفيذ هى أبرز المزايا الخاصة بالتعامل مع القوات المسلحة، خاصة أن كل الشركات تلتزم بالتسليم فى المواعيد المحددة، وفقا لأعلى مستوى من الجودة، بالإضافة إلى أنها تقدم أجورا مرضية لكل الشركات الكبيرة والصغيرة، وتوفر التأمين اللازم والحماية للعمال والمهندسين والمعدات على مدى 24 ساعة، وأضاف أن القوات المسلحة توفر جميع سبل الإعاشة اللازمة لموقع المشروع مثل مولدات الكهرباء، ونقاط الإسعاف، وخطط لإنتاج الخبز، إلى جانب توفير كل الخامات الأساسية اللازمة لعملية البناء والانشاءات مثل الأسمنت والطوب والحديد والرمل، وهذا يوفر كثيرا من الوقت والجهد، وأن المشروعات التى تشرف القوات المسلحة على تنفيذها تستغرق نصف الوقت المخصص للمشروعات فى القطاع المدنى. وفى سياق متصل أضاف المهندس شعبان إبراهيم مدير التركيبات الميكانيكية بالمشروع - أن الأنفاق الجديدة ستخلق شبكة طرق تختصر الوقت وتفتح أبوابا جديدة للاستثمار فى مناطق كانت محرومة من التنمية، وسوف تربط سيناء بالوادى ربطا حقيقيا، وأشار إلى أن شركات المقاولات التى تعمل على تنفيذ المشروع ملتزمة بالبرنامج الزمنى المحدد، وقال إن المدة الزمنية التى تم تركيب الحفارات العملاقة فيها تعتبر إعجازا هندسيا، حيث تم الانتهاء من تجميعها قبل المدة الزمنية المحددة لها ب 15 يوما، وأوضح أنه كان يعمل فى إحدى الشركات الأجنبية الكبرى فى مجال شق الأنفاق بفرنسا، ولم يتردد للحظة واحدة عندما تم استدعاؤه للعمل فى مشروع أنفاق الإسماعيلية. وأضاف المهندس مجدى منصور مدير وردية - أنه يعمل مع الشركات الفرنسية منذ 25 عاما فى مجال حفر الأنفاق وأنه لم يتخيل أبدا أن تمتلك مصر ماكينة حفر واحدة بهذه المواصفات ووصف العمل فى المشروع بهذه الامكانات بأنه حلم تحقق على أرض الواقع، وأنه كان يعمل فى مشروع مترو أنفاق قطر قبل أن يأتى إلى مصر للعمل فى أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد. وأضاف المهندس دياب والى مدير كهرباء المشروع أن كل من يعمل فى المشروعات الجديدة وكل من يدعمها هو جزء لا يتجزأ من المستقبل ولابد أن يشعر بالفخر وأن نعلم أبناءنا معنى التضحية من أجل بناء الوطن، وأوضح أن إشراف القوات المسلحة على تنفيذ المشروع يمثل نقطة قوة للشركات المدنية المنفذة، لأن أى مشكلة تواجهنا فى أثناء التنفيذ يتم تذليلها وحلها فورا، الأمر الذى يشجعنا ويزيد حماسنا فى الإنجاز بشكل أدق وأسرع. «الأهرام» التقت أيضا عددا من العاملين بالمشروع خلال الجولة وقد عبروا عن شعورهم بالفخر والاعتزاز بمشاركتهم فى تنفيذ المشروعات الوطنية التى تمثل إعادة بناء لمصر، وقال حسين محمد إبراهيم المسئول عن تركيب الحلقات الخرسانية بالأنفاق ، انه يشعر بسعادة كبيرة لمشاركته فى المشروعات القومية العملاقة التى تقوم القوات المسلحة بالإشراف على تنفيذها، وقال إنه لأول مرة يشعر بأنه لا يعمل عند أحد، ولكن «يعمل عند مصر بلدى وعلشان كده إحنا كلنا فى الموقع بنخاف على الماكينات وبنحافظ عليها زى عنينا»، وقال إنه شارك فى العمل فى مترو الأنفاق ونفق الأزهر، وأوضح أن مشروع الأنفاق الحالى شهد أسرع معدلات فى العالم فى تركيب الجسم الخرسانى الداخلى للنفق. كما زارت «الأهرام « مصنع سيجمانت المخصص لصب الحلقات الخرسانية اللازمة لجسم الأنفاق، والذى تم إنشاؤه بجوار منطقة أنفاق الإسماعيلية، بدلا من نقلها من أماكن بعيدة وإضاعة الوقت، وقال المهندس أحمد عبدالعزيز مهندس أمان أنه يتم لأول مرة فى مصر تطبيق جميع معايير السلامة والصحة المهنية بهذه الصرامة فى المشروعات الكبري، مشيرا إلى أن دوره هو تأمين العمال والحفاظ على سلامتهم فى أثناء تنفيذ المشروع وتذليل العواقب التى تؤثر على سير العمل، وتوفير بيئة مناسبة وصحية للعاملين، وأكد أن العمل بالمشروع بنظام ال «نايت شيفت» أى على مدى 24 ساعة، ولا يتوقف تحت أى ظروف مناخية، مؤكدا أن كل العاملين ملزمون بتعليمات السلامة والصحة المهنية حتى نتفادى حدوث أى حوادث أو أخطاء فى أثناء تنفيذ المشروع. وقال إن معدل الانتاج اليومى للمصنع يبلغ 324 كمرة خرسانية، وان مراحل التصنيع تبدأ بتصميم الأقفاص الحديدية داخل ورش اللحام، وبعد تقفيل الأقفاص ومعايرتها تدخل مرحلة صب القوالب بالخرسانة الجاهزة التى يتم تجهيزها أيضا داخل المصنع، وقال إن كل مرحلة من مراحل تجهيز الحلقات الخرسانية يتم فحصها بأجهزة حديثة لضمان قوة تحمل جسم النفق للضغط، وأشار إلى أن جميع العمال فى المصنع مصريون ومعظمهم من مدن القناة، وأن نظام العمل على مدى الساعة وأن المصنع بالكامل قابل للفك والتركيب فى أى موقع جديد. وأكد إبراهيم مصطفى يعمل فى مجال رفع الأقفاص الحديدية - أن الخرسانة المستخدمة داخل المصنع من نوع خاص مقاوم لكل العوامل الخارجية من أجل تلافى مشكلات ضغوط الماء والتربة، وغير قابل للاختراق أو النفاذية، وقد تم إجراء عشرات التجارب على هذه الحلقات الخرسانية للتأكد من سلامتها وجودتها وصلاحيتها للاستخدام.