الشهيد مجند «عمر أحمد الريس» كان له شرف الانتماء إلي مواكب شهداء مصر الذين يقدمون أرواحهم الغالية ودماءهم الطاهرة دفاعاً عن أرضها المباركة وخوض معركة حاسمة ضد الإرهاب الأسود الغاشم الذي ظن عناصره الخبيثة أن مصر وجنودها الأوفياء الأبطال لقمة سائغة وهدف سهل. وأصبح رمزا للحياة ضد الفناء، والبناء ضد الهدم، والأمل ضد الاحباط، فهو انضم إلي الشهداء الذين وصفهم الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بأنهم خير أجناد الأرض فهم في رباط إلي يوم القيامة. هو ابن قرية تفتيش السرو بمركز فارسكور، هو شاب من شباب مصر الطاهرة نبت علي أرضها الطيبة وشرب من مياه نيلها العذب واختلط حب الوطن بدمائه منذ نعومة أظافره حيث التحق بالتعليم واكتفي بالحصول علي شهادة الدبلوم الفني وكعادة معظم شباب أبناء دمياط عمل في إحدي ورش النجارة في صناعة الأثاث، التحق بالشرطة، ومثل باقي الشباب كان الشهيد يتطلع إلي الحياة وبناء عش الزوجية، بعد أن اتفق مع والده علي أن يتقدم لإحدي فتيات القرية، إلا أن القدر لم يسعفه، حتي أن والده لم يره منذ ستة أشهر نظرا لسفره بالخارج، وعندما عاد الأب وهو في اشتياق ولهفة لرؤية فلذة كبده، كانت بشري الشهادة تداعب خيال الشهيد البطل في أيامه الأخيرة وكأنه كان علي موعد معها لدرجة أنه كان يلمح لأسرته في المكالمات التليفونية أن لديه شعورا بعدم رؤيتهم مرة أخري، وكان دائماً يوصي أشقاءه بوالديهم، وكان دائما يطلب من والديه الاكثار من الدعاء له، ولا يفوته أن يحكي لهم عن صموده هو وقيادته وزملاؤه في وجه الإرهاب الأسود، ويروي لهم قصص البطولات التي يقدمها أبناء مصر البواسل، وحان الوقت ليكتب للبطل الشهادة، واستقبلت أسرته الخبر بثبات وفخر وعزة، كان الجميع في انتظار وصول جثمان الشهيد البطل وكأنه يوم عرسه الذي حرم منه، إلا أنه سيزف إلي حياة الخلود. وفي مشهد مهيب تقدمه اللواء فايز شلتوت سكرتير عام محافظة دمياط نائباً عن الدكتور إسماعيل عبد الحميد طه محافظ دمياط وتعبيراً عن الوفاء والمحبة لابنهم الشهيد أصر أهالي القرية علي أن يسير موكب الجناة لأكثر من كيلو مترين وكأنهم يفاخرون به الدنيا، حتي إن نساء القرية بادرن بإطلاق الزغاريد فرحاً بزفاف الشهيد الي جنة الخلد بإذن الله، وسط ترديد لهتافات ( لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله) و( وفي جنة الخلد يا شهيد) و (لعن الله الارهاب الأسود). وقال والد الشهيد إن ابنه كان يساعده في العمل، وأنه كان يجهز لزواجه من فتاة بالقرية، وأن آخر اتصال هاتفي مع نجله الشهيد أبلغه أنه يتمني رؤيته بعد طول غياب، فقال له وكأنه يشعر بقرب أجله (الله أعلم جاي ولا مش جاي) وكان دائماً ما يطمئنني علي نفسه خاصة أنه تعرض لإطلاق النار أكثر من مرة، وكل ما أطلبه الآن من جميع زملائه ضرورة الثأر من هؤلاء المجرمين الذين حرمونا من فلذات أكبادنا وحتي تهدأ تلك النيران التي تملأ قلوبنا من فقدنا هؤلاء الأحبة.