كأن ثري الأرض في سيناء أبي ألا يرتوي إلا بغيث دمائهم الطاهرة وسطعت أنوار ارواحهم الصاعده الي السماء وفاحت رائحة المسك من اجساد الشهداء لتتنسم ارض الفيروز عطر أبناء أرض الكنانه الذين ماتوا كي تحيا ام الدنيا ويشهد التاريخ ان مصر لاتنجب الا الابطال الشجعان ولكن هؤلاء الخونه اصحاب الايادي الرثة والقلوب المتحجرة والعقول الحمقي والعيون العمياء ليسوا من أبناء ارض الكنانة فهم خونة باعوا انفسهم للشيطان وتلطخت اياديهم بدماء شباب قدموا حياتهم قربانا للوطن لتطهيره من هؤلاء الشياطين. من بين هؤلاء الابطال الشهيد فتحي جمال الشافعي الذي اغتالته رصاصات الارهاب بسيناء اثناء تأدية واجبه وسرقه الجبناء من فرحته وتم زفافه الي الجنة قبل ان يٌزف الي عروسه فقد كان في طريقه إلي إعلان خطوبته بعد الانتهاء من أداء الواجب الوطني، نشأ هذا البطل في أسرة بسيطة لوالده المزارع ومعه شقيقه الوحيد محمد، والتحق بالعمل » كأويمجى» في إحدي ورش الأثاث وبعد الانتهاء من عمله كان يساعد والده في الزراعة، تميز الشهيد بأخلاقه العالية وبقيم أبناء القرية المصرية الأصيلة حيث كان شديد العطف والرعاية لوالده ووالدته وبدأ والده يجهز له ولشقيقه شقتين داخل المنزل لتكوين أسرتيهما وقد أدي شقيقه الخدمة العسكرية وعاد إلي قريته منذ عشرة أيام ليبدأ طريق إعداد عش الزوجية في إنتظار إنهاء أخيه الشهيد خدمته حيث كان يرغب والدهما أن يخطبا ويتزوجا معاً خاصة أن الشهيد كان يرتبط عاطفياً بإحدي الفتيات وكان الكثير من أبناء العائلة يعلم أنه في سبيله للإرتباط بها عقب إنهاء واجبه الوطني، وفي آخر إجازة له كانت تلوح في حياته علامات ومقدمات الشهادة التي كان يتمناها كثيراً ويحلم بها فقد قام قبل مغادرته للقرية بزيارة جميع أقاربه وأصدقائه ولأول مرة منذ حصوله علي أجازه أوصي أخاه وبإصرار شديد برعاية والدهما ووالدتهما وكأنه يودعه في لقاء أخير، إستشهد هذا البطل مع زملائه وهو يدافع ببسالة وشرف عن قطعة غالية من أرض وطنه في حادث كمين الصفا الأخير بالعريش، علمت الأسرة باستشهاده ما عدا الأم التي أخفوا عنها الخبر في وقت الاحتفال بعيد الأم مراعاة لمشاعرها وظروفها الانسانية حيث كانت في زيارة أمها المريضة ، ولم تعلم الأم المكلومة باستشهاد ابنها إلا وهو في طريقه إلي مثواه الأخير، ولم تملك إلا أن تطلق الزغاريد في هذا الموقف العصيب وكأنها تشارك في حفل زفافه الذي كانت تنتظره هي وزوجها بفارغ الصبر، كان المشهد تختلط فيه دموع الفرح بالشهيد مع مشاعر الألم واللوعة علي حياة شاب كان ينتظره مستقبل واسع الأفق ليسعد بفتاته التي أحبها وكان يعد الأيام والسنين من أجل الاحتفال بارتباطهما ، حضر الجنازة العسكرية القيادات الأمنية بالمحافظة وعلي رأسهم اللواء فيصل دويدار مدير أمن دمياط وكان العلم يحتضن جثمان الشهيد في رسالة موحية لكل المصريين بأنه يجب أن يكونوا علي مستوي المسئولية والظروف العصيبة التي تتعرض لها مصر، وأن يدركوا أن هناك من يضحي بروحه من أجل هذا الوطن لتعيش مصر آمنة مطمئنة، وأنهم يهبون حياتهم من أجل صنع الحياة لبلدهم وهم مقرورو العيون ذاهبون إلي الله أحياء يرزقون في جنه الخلد. يقول «محمد جمال شقيق الشهيد» أن آخر زيارة للشهيد كانت قبل الحادث بأيام قليلة وكانت الأجازة 48 ساعة فقط وخلالها زار جميع أصدقائه وأهله وكأنه كان يودعهم الوداع الأخير وقبل سفره بلحظات أخذ يوصيني وبشدة علي والدي ووالدتي وكان دائما يقول رداً علي ما يحدث في سيناء أنه مستعد أن يفتدي الوطن ويموت من أجله وكان لديه إصرار شديد علي المشاركة في تلك العملية التي استشهد بها , و نحن كل ما نتمناه حالياً هو القصاص لأخي ولكل الشهداء الذين راحوا ضحية غدر هؤلاء الإرهابيين القتلة الذين لا يعرفون أي شيء عن الدين الإسلامي الحنيف بل هو برىء منهم ومن أفعالهم الحقيرة .