تعقد الجولة الثانية عشر للمفاوضات الفنية حول ملف سد النهضة قريبا، حيث لاتزال قضية السد الإثيوبى محل اهتمام رسمى وشعبى لارتباطهما بالأمن القومى المصرى كما تشارك وزارة الخارجية كعضو استشارى فى اللجنة الوطنية الثلاثية لتوجيه المسار السياسى فى الأزمة من أجل تدعيم مسار المفاوضات الفنية... ولقد تحركت الدبلوماسية بكل ثقلها على الساحة الدولية منذ اعلان ميليس زيناوى يوم 2 ابريل 2011 عن نية بناء السد الإثيوبى وتشكلت لجنة دولية من الخبراء بدأت عملها فى 2012 وتوقفت فى مايو 2013 لأن سد النهضة كان يحتاج إلى مزيد من الدراسات لمعرفة آثاره على دول المصب ولقد احتضن الملف الرئيس السابق عدلى منصور وعقدت ثلاث جلسات من المفاوضات توقفت إلى أن عادت مصر للاتحاد الإفريقى وأدركت إثيوبيا أهمية التوصل إلى نتائج وأعدت الدراسات حول تأثيرات سد النهضة على مصر والسودان. بحيث أن تكون المعادلة هى تحقيق المكسب لجميع الأطراف وتحقيق التنمية لإثيوبيا وتوفير المياه لمصر. عشية الجولة الفنية الثانية عشر تحرص وزارة الخارجية على الالتزام باتفاق المبادئ الموقع بالخرطوم فى 2015 وتعمل جاهدة على تحقيق مبدأ عدم الإضرار والإخطار المسبق، حيث لا يجب أن يؤثر السد على احتياجات مصر من المياه. ويبدو أن هناك بريق أمل إزاء هذا الملف الشائك وأن الدول الثلاث المعنية مصر والسودان وإثيوبيا مقتنعة باستمرار المفاوضات للاتفاق على تشغيل السد بشكل لا يضر بالمصالح المصرية ويحقق المصالح الإثيوبية.. ولا شك أن الدبلوماسية المصرية والقيادة السياسية بذلت وتبذل جهدا مشكورا، حيث هناك الآن مساحة من التفاعل الإيجابى فى علاقاتنا مع إثيوبيا بعد فترة انقطاع طويلة أمتدت من 1995 إلى 2011. لتنطلق فى ظل الرئيس عبدالفتاح السيسى الزيارات السياسية والشعبية ولتواصل المؤسسات الدينية علاقاتها ولتشمل أيضا تلك العلاقات الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية ولتسهم زيارة الرئيس السيسى فى 26 مارس 2015 وحديثه أمام البرلمان الإثيوبى فى تدفئة العلاقات بعد 30 سنة من الانقطاع. وتواصل وزارة الخارجية اتصالاتها وانجازاتها مع دول المحيط الإقليمى لإثيوبيا ومع مختلف دول العالم وتحاول الوصول إلى صيغ مشتركة مع الجانب الإثيوبى من خلال اللجنة الدولية للخبراء واللجنة الدولية لدراسة آثار سد النهضة على دول المصب ومن خلال اللجنة الوطنية الثلاثية التى تتابع استكمال دراسات آثار السد. ولا شك إن اعلان المبادئ المبرم فى الخرطوم فى 23 مارس 2015 واعلان شرم الشيخ فى فبراير 2016 مؤشران فى غاية الأهمية لدفع العلاقات بين مصر وإثيوبيا والسودان وعدم التسبب فى أى ضرر للمصالح المائية لدولتى المصب، أن أزمة المياه كانت بمثابة قنبلة موقوتة لأن أوضاع الدول الأعضاء فى حوض النيل مختلفة تماما إزاء احتياجاتها التنموية وكثافتها السكانية ولذلك نشأ تضارب فى هذه الاحتياجات التى تحكمها اتفاقيات تعترف بها كل من مصر والسودان وتعتبرها الدول الأخرى غير ملزمة.ولابد من تكثيف التعاون مع جميع الدول المرتبطة بنهر النيل لخدمة مصالح كل شعوبها ولاشك أيضا أن أى دولة تحاول فرض أمر واقع على غيرها سوف تتعرض للفشل. وإذا كان مشروع السد قد تأخر عن جدول تنفيذه وانتهائه فى يناير 2016 فهذا يعود إلى أن الجهات المانحة تتمسك بالمبادئ الدولية المتعارف عليها وهى (الإخطار المسبق والتوافق حول المشروعات).. حتى إذا كانت إثيوبيا من أكثر الدول التى تحصل على مساعدات لتنفيذ مشروعات تنموية! وإنما يجب أن نتذكر وصية العزيز الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى قال »هناك دول لا تحتمل أن نكون معها فى علاقات توتر مستمر بسبب المصالح الحيوية والجيوبوليتيكية«،. لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار