يحفل قانون العقوبات بتُهم غريبة يمكن أن تطول أى شىء وكل شئ بسبب صياغتها المطاطة. ومنها ما يُطلق عليه «خدش الحياء العام». وهذه تُهمة يستحيل أن تجد تعريفاً محدداً ومنضبطاً لها فى أى إطار قانونى، أو حتى لُغوى. فالحياء يعنى الخجل. وهو ما يشعر به الشخص فى حالات مختلفة منها أن يشاهد فعلاً أو يسمع كلاماً يُخجله أو يستحى منه. وهذا شعور شخصى خاص، وبالتالى يختلف من شخص إلى آخر. ففى الريف مثلاً قد ترد الأم على ابنها الذى شب عن الطوق حين يقول لها إنه يحب قائلة: «استحى ياولد». وهذه الأم نفسها قد تعاقب ابنتها بالضرب، وربما بما هو أكثر منه، إذا قالت مثلما قاله شقيقها. ولكن فى القاهرة تختلف ردود أفعال الناس فى مثل هذه الحالة وفقاً لخلفياتهم. والحياء فى هذا السياق شعور خاص لا يجوز تعميمه والقول إن هناك حياء عاماً يُحبس من يخدشه. ومثلما لا نعرف معنى عاماً للحياء، لا نفهم أية معجزة هذه التى تجعل ملايين الناس يشعرون الشعور نفسه بشكل جماعى. ولذلك حسناً فعل الصديق د. أحمد سعيد عضو مجلس النواب عندما قدم اقتراحاً بمشروع قانون وقعه 60 نائباً آخرون لتعديل المادة 178 من قانون العقوبات لكى تنسجم مع المادة 76 من الدستور التى ألغت عقوبة الحبس فى الجرائم التى تُرتكب بسبب النشر أو علانية المنتج الأدبى والفنى والفكرى. ولكن الواضح أنه واجه مشكلة فى التعامل مع تُهمة خدش الحياء العام الواردة فى هذه المادة التى تعاقب من نشر أو صنع أو حاز مطبوعات أو رسومات أو إعلانات أو صوراً أو (غير ذلك من الأشياء إذا كانت خادشة للحياء العام). وقد سعى إلى حل هذه المشكلة من خلال تغيير طبيعة التُهمة، ولكن مع الحفاظ على اسمها الملتبس حيث ينص التعديل على: (ولا يعتبر من قبيل الأشياء الخادشة للحياء العام المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى الذى لا يحتوى على الطعن فى أعراض الأفراد). وربما يكون الأفضل استبعاد هذا التعبير الغريب بشكل كامل، بحيث يكون محتوى المادة بعد تعديلها هو فرض غرامة على المنتج الأدبى أو الفنى أو الفكرى الذى يتضمن طعناً فى أعراض الأفراد. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد