لا حديث يشغل المصريين طوال الاسبوع الماضى سوى حديث تيران وصنافير وانقسام الشارع المصرى مابين الانحياز إلى موقف الحكومة باعادة الجزيرتين الى السعودية، وآخرين يتمسكون بحق مصر فى وضع يدها على تيران وصنافير كجزء من السيادة الوطنية، وبين هذا وذاك تاهت الحقيقة، وتبارى أصحاب الاتهامات، بالتفريط فى الارض وبيع العرض، وكانت الغلبة للرأى الاخيرعلى شبكات التواصل الاجتماعي، والتى أشعلتها منذ البداية مليشيات الكترونية منظمة لاتستبعد منها جماعة الاخوان، وذلك ردا على ما أثير وقت حكم الجماعة من تفريط مرسى فى أراضى سيناء وتمليكها لعناصرفلسطينية حمساوية بعد منحهم الهوية المصرية، ولكن تصدت له وقتئذ القوات المسلحة بقيادة المشيرعبد الفتاح السيسى وزير الدفاع فى ذلك الوقت، وها هى الفرصة تواتيهم للانتقام وتصفية الحسابات، وانفعل الشعور الجمعى المصري، لنسمع الكثير من الاراء مدفوعة بالعواطف والحماس للمشاركة فى «المولد» وآخرون يدلون بآرائهم انطلاقا من لونهم السياسي، والبعض أمسك بالعصا من المنتصف خوفا من احتسابه مؤيدا للنظام أو مناوئا له، وفى زحمة «المولد» اختفى صوت خبراء القانون وترسيم الحدود، وعندما ظهر فى صورة د.مفيد شهاب ود. فاروق الباز قالوا لا.. نترك الموضوع للبرلمان، وأخيرا طالبوا بطرحه للاستفتاء؛ فالهدف ليس الحقيقة ولكن إثارة البلبلة والفوضي، والسبب حكومة أخفقت فى ادارة ملفات خطيرة وحساسة، وتركتها للصدفة وردود الافعال غير المحسوبة، حتى وصل الامر لتشكيك كل طرف فى الآخر، تقول لهم هيكل ذكر فى كتابه سنوات الغليان إن الجزيرتين سعوديتان، رغم اختلافه مع إدارة المملكة وتوجهاتها، يقولون هيكل صحفى وليس مؤرخا.. طيب البرادعى كتب مقال عام 1982 بنفس المعنى يقولون لا المقال تم اجتزاؤه، وعلى النقيض تقول عبد الناصر قال فى خطابه أن الجزيرتين مصريتان.. يقولون عبد الناصر كان يتحدث عن واقع وليس عن تاريخ..؛ بل والاغرب ما عرضته احدى الفضائيات لخبير استراتيجى يدلى بشهادتين متناقضتين فى وقت واحد مؤكدا مرة سعودية الجزيرتين، وأخرى مصريتهما، وهكذا تدار القضايا الخطيرة فى حياتنا؛ فالكل لازم يدلى ويكتب ويسجل ويبصم كمان، أو يصول فى الفضاء الالكترونى دون رقيب أو حسيب، والخاسر هو غالبية الشعب الكادح الذى يبحث عن قوت يومه، فلا يجد ما يسد رمقه، فيضطر للبحث عن رزقه لدى جيرانه عبر جسرالخير رايح جاي. [email protected] لمزيد من مقالات مريد صبحى