أعرف الدكتور كمال الجنزوري جيدا, وكانت حواراتي معه متواصلة وأسجل له مصداقيته داخل البرلمان في عهد مبارك ورفضه لكل طلب مشبوه كان يحمله إليه نائب منتفع من نواب الحزب الوطني المنحل. مما أفقده شعبيته بين هؤلاء النواب المتربحين. وأعلم جيدا كيف كان وزراء الفساد في عهد مبارك يحاربونه ويخططون للإطاحة به, لأنه ليس منهم ومصالحهم تتعرقل مع بقائه في منصبه وقد انحاز مبارك لهذا الثالوث الوزاري الفاسد وقرر التخلص من رئيس وزرائه المعروف عنه نزاهته ليحل مكانه من هو علي نقيضه.. ولم يكن أمرا غريبا أن يستبعد مبارك المسئول النزيه.. فالنزاهة كانت مرفوضة ومنبوذة في عهده. ولم يكن بالأمر الغريب استغناء مبارك عن الجنزوري والإطاحة به دون لقاء أو كلمة شكر توجه إليه.. لكن الأمر الغريب بالفعل هو علاقة هذا الرجل الذي انقلب عليه وزراء مبارك بالرجل الآخر الذي أتي ليترأس البرلمان بعد الثورة علي رغم أن كليهما يسجل له نزاهته وتفانيه وجديته, لكنهما علي خلاف دائم والصدام بينهما بلغ ذروته بل والعناد أيضا وهو عناد لا يختلف كثيرا عن عناد مبارك البغيض الذي عانينا منه. كيف نجد رئيس الوزراء ورئيس البرلمان في وقت تمر فيه البلاد بأحلك وأصعب الظروف يتراشقان وكأن كلا منهما يريد أن يفتك بالآخر, وكأنهما في حلبة مصارعة بينما الأصل أن يكون بينهما التواصل والتعاون والتكامل والعمل معا كيد واحدة.. المشهد مأساوي بالفعل ومؤسف ويدعو إلي الاحباط والأسي حيث نري الكتاتني يتعاظم اصراره علي التخلص نهائيا من الجنزوري بل ويعلق جلسات المجلس لحين رحيله عن منصبه بينما الجنزوري ووزراؤه يقاطعون جلساته وكأنه يبلغه رسالة بأنه لا يعترف به أو بمجلسه ويؤكد أن البرلمان ليس من سلطاته عزله, وليس له سند قانوني في هذا العزل ويصل الأمر أن الكتاتني يتهم الجنزوري وحكومته بأنهم وراء الأزمات التي تعيشها البلاد, بينما الجنزوري يلوح بعدم رضائه عن أداء أغلب نواب البرلمان ويرفض أسلوب رئيسهم, كيف نتصور بعد هذا كله أن يعود الاستقرار إلي الشارع المصري؟! [email protected] المزيد من أعمدة شريف العبد