لم أقل شيئا جديدا وأنا أشير أمس إلي أهمية مدرسة الحياة في صنع نجومية الفنان عادل إمام وصقل موهبته لأنني كثيرا ما سمعت معظم المشاهير يقولون إن المدرسة الحقيقية التي تعلموا فيها هي مدرسة الحياة... ولو أن هذه العبارة اقتصر ترديدها علي الذين نبغوا وتفوقوا رغم أنهم لم يتعلموا في مدارس أو علي الأقل لم ينالوا قسطا وافرا من التعليم لما كانت تستحق الاهتمام والتأمل لأن البعض سوف ينظر إليها علي أنها مجرد تبرير للفشل أو القصور أو العجز عن تحقيق الحد الأدني من المعرفة الدراسية... ولكن أعظم العلماء والمبدعين من حملة الدرجات العلمية الرفيعة يحرصون بشدة أيضا علي ترديد هذه العبارة. والحقيقة أن مدرسة الحياة ليست ذات نمط واحد وإنما بينها مدارس نظرية تعتمد علي شهوة القراءة والاطلاع عند روادها وبينها أيضا مدارس عملية يكتسب طلابها خبراتهم من واقع الحياة في الشارع والحقل والمصنع والمتجر. وفي اعترافات معظم النابغين والمشاهير وبالذات طائفة العلماء إشارة صريحة إلي أنهم كانوا رواد مدرسة الحياة النظرية رغم أنهم بالعلم والتخصص والاهتمام يعيشون معظم ساعات حياتهم بين الميكروسكوبات والأجهزة العلمية داخل المعامل ينتقلون من تجربة إلي تجربة ومن بحث إلي بحث... ولكنهم عندما يعودون إلي منازلهم أو يخرجون للنزهة فإنهم ينتظمون تلقائيا في مدرسة الحياة. ومعني ذلك أن سبب النبوغ والتفوق لم يكن بسبب نوعية المدارس التي تعلموا فيها أو الجامعات التي تخرجوا منها وإنما الفضل يعود أساسا إلي مدرسة الحياة لأن المدرسة التقليدية تعلم الإنسان أشياء معينة لكن مدرسة الحياة تلقن الإنسان من المعارف ما يبقي معه حتي نهاية العمر. ومن يقرأ تاريخ الموهوبين والنابغين في الحياة المصرية علي مدي التاريخ سوف يكتشف بسهولة أن معظم الذين تركوا بصمات مازالت باقية حتي اليوم كمشاعل إضاءة تنير الطريق لمصر ولأمتها العربية لم يكونوا من حملة الدرجات العلمية فقط وإنما أبرزهم وأشهرهم كانوا من خريجي مدرسة الحياة. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: ليس فخرا أن تكون موهوبا وإنما أن تتبني أي موهوب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله