لم يجد وزير التربية والتعليم الجديد الدكتور أحمد زكي بدر في إصلاح التعليم الذي أصبح المسئول الأول عنه سوي غياب هيبة المعلم أو بتعبير الوزير نفسه «المدرس أصبح ملطشة».. وأرجع سيادة الوزير ذلك إلي منع الضرب في المدارس!! هكذا قال وزير التربية - بكل فخر- أمام لجنة برلمانية وتحديدا لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشوري.. للأسف لم يناقشه أحد من أعضاء اللجنة في هذا الأمر رغم عضوية علماء وخبراء تعليم باللجنة. ولم يكتف السيد الوزير بوجهة نظره تلك.. بل أكدها من خلال الحديث أمام اللجنة عن تجربته الشخصية، حيث ذكر أن المدرس كان يضربه علي يديه بالعصا كعقوبة عن أخطائه عشر مرات.. وأنه حينما يشتد به الألم فإن المدرس يتوقف عن الضرب ليكمله في اليوم التالي.. .. وأوضح أن السيد أحمد زكي بدر جاء وزيرًا للتربية والتعليم وليست له علاقة علي الإطلاق بالتربية، ولم يقرأ أي بحث تربوي عن العنف في المدارس وتأثيره في الأطفال في مستقبلهم .. لقد أوضحت جميع البحوث التربوية والنفسية الآثار السلبية للآلام نتيجة للضرب في مراحل الطفولة في الحالة النفسية والسلوكية للطفل في حاضره ومستقبله بما يؤدي إلي خلل في الشخصية وقدراتها علي التقييم واتخاذ القرار في المستقبل. فهل يريد السيد الوزير إصلاحاً أم القضاء علي التربية بعد التعليم في المدارس؟ إن التربية في خطر فعلاً بعد أن ضاع التعليم في المدارس. الغريب أن السيد الوزير لم يتكلم عن حالة الفصول في المدارس وازدحامها بشكل يفوق أي تصور بما يعوق التحصيل والمتابعة من قبل المدرس. ولم يتكلم السيد الوزير عن حالة المدرسين ووضعهم المهني والاقتصادي .. فهناك إهمال التعليم التأهيلي في الجامعات والكليات المؤهلة لتخرج المدرسين، ناهيك عن إلهاء المدرسين بحكاية «الكادر» الذي لم يعد يغني أو يسمن من جوع.. ومن ثم انتشار الدروس الخصوصية.. تلك الدروس التي أصبحت تعليما موازيًا.. فلم يعد هناك تلميذ في بر مصر لا يحصل علي دروس خصوصية في معظم المواد بعد أن أصبحت المدارس لا تعطي أي دروس.. بل هناك مدارس لا يذهب إليها تلاميذها.. نفس الأمر مع المدرسين الذين لم يعودوا يروا جدوي من التعليم في المدارس.. وإنما التعليم الآن في المراكز الخاصة!!.. وهذا كله نتاج سياسة متخبطة من النظام الذي لم يعد يهمه تخريج أجيال تعي واقع المجتمع وتطالب بتغييره إلي الأفضل .. فكل همه إشغال التلاميذ في المراحل الأساسية وأولياء أمورهم بالحياة اليومية وبالحصول علي الدرجات بأي شكل.. ناهيك عما يحدث في التعليم الجامعي من إهمال شديد بما في ذلك التنازل عن حق التعليم للجميع.. وأصبح الوضع الآن من يملك يستطيع تعليم أولاده.. ومن لا يملك فالدولة لن تعلم أولاده!! لقد نسي أو تناسي السيد الوزير كل ذلك.. ولم يجد إلا العودة إلي الضرب في المدارس.. لقد رفض الكثير تولي الدكتور أحمد زكي بدر وزارة التربية والتعليم لتجربته المريرة في جامعة عين شمس، الذي كان يضرب فيها «بالشلوت».. لكن يبدو أن الحكومة تريد تعميم تلك التجربة في المدارس.. وطز في التربية .. بعد أن ضاع التعليم .. فالضرب في المدارس هو الحل!!