شاهدت أولى حلقات برنامج «العربى « الذى جذبنى بإيقاعه السريع وبهرنى بثراء صورته ودقة إعداده وتنوع ضيوفه وكاريزما مذيعته يسرا التى نجحت فى توظيف نجوميتها لصالح البرنامج على عكس مسلسلاتها الأخيرة التى فعلت فيها العكس فوظفت العمل لصالح النجومية، تصالحت يسرا مع الإيقاع السريع اللاهث للبرنامج وتخلت عن أى ثرثرة أو مط مسلسلاتى فنجح البرنامج وتميز وصار متفرداً، وأعتقد أنه سيصبح، بدون مبالغة، علامة فارقة فى تاريخ البرامج العربية، فهو ليس حبيس قمقم الأستوديو أو شرنقة اللوكيشن المتكرر الخانق، إنما هو برنامج يتجول فى الشارع فيخلق حميمية نفتقدها فى جميع برامج الأستوديوهات، والإنتاج ضخم لا يبخل بتمويل أو سفر أو تأجير أماكن.. إلخ، وهنا لابد أن نعترف بأنه قد آن الأوان بأن نعترف بأن زمن برامج الملاليم قد ولى وراح، وأن عصر ديكورات «المناصرة» وماركات بير السلم وكاميرات الرصيف وصور «الميه» قد خرج ولم يعد والمفروض ألا يعود ثانية. حلقة الأطباء العرب النابغين فى باريس ولندن كانت مفاجأة على مستوى الفكرة والتنفيذ، ومن الواضح أن هناك خطة واضحة ورؤية دقيقة وسيناريو منضبطاً ومحكماً للحلقات، أما التنفيذ والإخراج فهو ينفذ بروح السينما أو الفيلم التسجيلى الذى ينفذ بالكاميرا إلى الأعماق ولا يكتفى بما هو على السطح، نجحت يسرا فى لقائها مع الطبيب الجزائرى رضا سويلمات وهو من أشهر الجراحين الذين يقومون بزرع الرئة فى الحديث عن وضع العلم المتردى فى العالم العربى وعلاقة الفن بالجراحة، وفى لقائها بالدكتور الطرانيسى المصرى صاحب أشهر مركز لعلاج العقم فى بريطانيا والذى كشفت فيه النقاب عن مدى تحكم بيزنس التنافس فى مصير الأطباء المهاجرين إلى لندن وكيف يحارب هؤلاء من بعض الحاقدين، أما لقاء يسرا بالدكتور مجدى يعقوب فقد كان وثيقة لتمجيد هذا الرجل العظيم الذى يشع حناناً وحميمية مع مرضاه، ويكفى كلمة الأم التى زرع لابنتها قلباً بجوار قلبها الأصلى فى عملية كانت الأولى من نوعها، قالت الأم وهى تصافحه: «أتمنى أن آخذ هذه اليد معى إلى البيت»!! برنامج العربى يخاصم الملل، برنامج جاد بدون تجهم، بسيط بدون سطحية، مبهر بدون صراخ، إيقاعه موزون بالثانية، نجح الكاتب محمد سلماوى فى السيطرة على فريق عزف هذه المقطوعة الجميلة فلم ينشز أحد، نجحت يسرا فى تقديم برنامج مختلف عن السائد، لم تتملكها روح التمثيل أو التصنع، بل كانت بسيطة ومنطلقة وقريبة من المشاهد، قدمت وثيقة لتمجيد عرب المهجر العلماء الذين نبغوا عندما وضعوا فى المنظومة الصحيحة، وتفوقوا حين تحرروا من الروتين والكبت والقهر. شكراً لفريق برنامج «العربى» الذى أرشحه ليكون أفضل برنامج عربى. [email protected]
