لم يعد حلم كثير من الأمهات إلحاق أبنائهن بكليات القمة كالهندسة والطب, لأن هؤلاء الأمهات يؤكدن أن القمة هو ما يبرز موهبة أطفالهن, لذلك عملن علي ثقل موهبة أبنائهن بإلحاقهم بأكاديمية الفنون, وهن علي يقين بأن البلاد لن تتقدم من جانب واحد. فبالفن والعلم يتقدم المجتمع. .......................................................................... وهنا أسمع صوت فتاة تجلس بجواري في الميكروباص في المرحلة الثانوية, تتحدث في هاتفها بحماس عن البروفات والاستعداد للمحاضرة, وبفضول سألتها أين تدريسين؟ بكل ثقة بأكاديمية الفنون, وسألتها عن حلمها؟ فقالت: أن أكون مثل أم كلثوم كوكب الشرق التي نهضت بمصر وبالفن.. إنه بالفن الراقي ينهض المجتمع ويتقدم. وهنا قررت أن أذهب معها للأكاديمية.. وأمام الباب تنتظرها صديقتها مها أحمد ثانوية عامة للالتحاق بمحاضرة الكمان لكي تعزف المقطوعة الشهيرة ل اندريا يور فحلمها هو الالتحاق بمعهد الكونسرفتوار لتصبح عازفة كمان, وليس طيبية أو مهندسة كما يحلم أمثالها.. فالتحقت بالمعهد منذ بداية المرحلة الإعدادية لشغفهابالموسيقي, وشجعتها والدتها التي تعمل عازفة في فرقة أم كلثوم وتعتبر الفن رسالة سامية. وتقول منال جرجس حرصت علي إلحاق ابنتي بمعهد البالية, وتقاطعها نيفين حسين بتعجب من الحال الذي وصل اليه الفن الذي كان رائدا ويضع بصماته المميزة في كل العصر بدأ من الفرعوني إلي الحديث, ولكنها تشعر بالأسف لاقتصار شهرة الأكاديمية علي معهد السينما.. وتؤيد نرمين مهاب رغبة ابنها لدراسة لغة إضافية كالمدارس التجربية, وهنا تقاطعها بالرفض ماهيتاب فالهدف من المعهد هو دراسة الفن, ولا يسأل أحد الفنان عن اللغة التي يجيدها, إنما علي الآلة التي يجيد العزف عليها, فالموسيقي لها سحر لا يمكن أن يقاوم.. ولهذا أدخلت ابني المعهد لكي يحقق حلمي في أن يكون فنانا عالميا مثل عمر خيرت. لم يتوقف حلم الطلاب علي تحقيق الهدف الأكبر لهم وهو تقديم فن راق, ويتمنون الوصول الي العالمية عن طريق المهرجانات المتعددة.. وكذلك لم يؤثر المظهر أو الشكل الجسماني أو الإعاقة في تحقيق حلم الطالبة سارة جمال بالالتحاق بقسم الديكور, فهي تهوي الرسم منذ نعومة أظفارها وكانت تعتقد أن عدم قدرتها علي الحركة سيكون عائقا إمام حلمها, ولكنها وجدت تشجيعا وحبا من جميع أساتذة المعهد وعلي رأسهم د.أحلام يونس ود.أشرف زكي. ومن أجل ذلك توضح د.أحلام يونس رئيس أكاديمية الفنون أنه تم إنشاء أكاديمية الفنون بقرار من وزارة الثقافة عام1959 كإحدي مؤسسات التعليم الجامعي المتخصصة في تدريس الفنون علي مساحة حوالي40 فدانا, الدراسة تبدأ من الصف الثالث الابتدائي بمصاريف تقررها وزارة التربية والتعليم وتدرس نفس مناهج الوزارة ونفس امتحانات الشهادات العامة التابعة للوزارة, والفرق هو تدريس مناهج عملية في الفنون المختلفة التي يتخصص فيها الطلاب, فيتم قبول طلاب معهد الباليه في الصف الثالث الابتدائي, ومعهدي الموسيقية العربية والغربية كونسرفتوار في المرحلة الإعدادية, أما معهد السينما والنقد الفني والمسرح والفنون الشعبية فالدراسة بعد الشهادة الثانوية العامة سواء من أبناء الأكاديمية أو خارجها, ويتم اختيار طلاب مراحل الابتدائية أو الاعدادية بعد اختبارات القدرات التي يتم تحديدها في شهر أغسطس, وفي المقابل يتم توفير للطالب كل ما يلزمه من الأدوات- حذاء البالية وأدوات الموسيقي وصالة التدريب المناسبة لكل تخصص- بشرط استكمال دراسته بعد حصوله علي الثانوية العامة من الأكاديمية, وإذا حصل طالب الثانوية العامة من الأكاديمية ولكن يرغب في استكمال دراسته خارجها يجوز له ذلك بشرط دفع جميع المصاريف التي تحملتها الأكاديمية.. فالهدف الأساسي هو تخريج فنان واع ممارس للفن بصورة مشرفة لمصر في الداخل والخارج. وأما بالنسبة للطلاب الذين التحقوا بالأكاديمية منذ الصغر من حقهم استكمال تعليمهم في المعاهد التابعة لها بعد الحصول علي الثانوية العامة, أو ما يعادلها, كما يمكن الدراسة بالنظام الموازي الذي لا يخضع لشروط المعاهد لأنه بمصاريف خاصة. وتنصح د.أحلام الأمهات التي ترغب بتعليم أبنائها الموسيقي والفنون المتنوعة باللالتحاق بقاعة سيد دوريش دراسات حرة قسم تنمية المواهب. وتسعي د.أحلام لافتتاح المعهد العالي للفنون للأطفال الذي يهدف إلي عودة ريادة مصر في تنمية وتعديل سلوك الطفل من خلال الفن الراقي, وكذلك إنشاء معاهد للنقد الفني ولعمارة البيئة ولعمارة الترميم. وأخيرا لم يعد حلم دخول كليات القمة هدف وحيد لبعض الطلاب لأنهم علي يقين بأن البلاد لن تتقدم من جانب واحد. فبالفن والعلم يتقدم المجتمع, الهند تشتهر بالفن الراقي ورغم تقدم كوريا واليابان إلا أنهم أصبحوا دول منتجه للفن الهادف وغيرهم من البلاد.