انشغل الناس فى هذه الأيام بالأموال والأرزاق متناسين بذلك الخالق الرازق خصوصا مع غلاء الأسعار الشديد، والرزاق المتين يقول لهم فى محكم التنزيل (وما من دابة إلا على الله رزقها ومستودعها) حيث قسم المولى عز وجل الأرزاق بين عباده، ووعدهم بكفالته لهم فلا حيلة فى الرزق ولاشفاعة فى الموت قال تعالى (الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ). القرآن الكريم يقدم روشتة واضحة لضمان أرزاق العباد ويطرح تساؤلا يجيب عنه وهو كيف يقى الإنسان نفسه الوقوع فى الشرك بالله بسبب انشغاله بقضية الرزق، ومشاركة العباد للخالق الرزاق بتوكلهم على بعض العباد اعتقادا بأن أرزاقهم بأيديهم، وهو ما يتنافي مع عبوديتهم لخالقهم ويضع القران علاجا ناجعا لهذه القضية الشائكة شديدة الحساسية. وتشير الآيات القرآنية إلي ان الرزق مضمون للعباد جميعهم كافرهم ومؤمنهم وعاصيهم دون شك أو ريبة فى ذلك يقول المولى عز وجل (الذى أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف ) فالرزق مكفول وقدم على الأمن ولو عرف ذلك قطاع الطرق ومحترفو السرقة والمفسدين في الأرض لما أقدموا على ذلك، ولكنهم فقدوا إيمانهم برازقهم فانحرفوا عن جادة الطريق. ويقول المولى عز وجل (ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) (وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته ) والمقصود بالغيث فى الآية الرزق وليس المطر .. (الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوى العزيز) وهنا يربط المولى بين لطفه بعباده وحنوه عليهم بكفالته لرزقهم .. لكن العباد ضلوا الطريق لاعتقادهم ان رزقهم بأيدي البشر وبالتالى يخطئ من يعتقد انه بيده رزق العباد، ويروي ان أحد الصالحين خرج مجاهدا فى سبيل الله ولم يترك لأهل بيته مالا أو طعاما، وعندما سئلت زوجته ماذا ترك قالت ذهب الذى كان يسعى إلى رزقنا وبقى الرزاق المتين، ومر عليهم فى نفس الليلة رجل طالبا الماء وعندما لبوا طلبه قال هذا الماء لم أتذوق طعمه من قبل اليوم فاخرج ما كان معه من نقود وأعطاه لهم وقال لمن معه من أحبنى يفعل مثلما فعلت فاخرج جميعهم ما معهم من مال للأسرة التى تركها عائلها وذهب فاليقين بالله يضمن لنا الرزق دون توكل. ولن تموت نفس حتى تستوفى رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب وانظر إلى ماهو ادني منك تكن اسعد الناس، ويقول المولى (وكأين من دابة لاتحمل رزقها الله يرزقها وإياكم) مقدما رزق الدابة على رزق الإنسان التى تحمله إلي الإنسان وليس لها مما تحمله شئ ليقدم لنا القرآن الكريم أروع الأمثلة الدالة على كفالة الرزق حتى للدابة التى لا تعقل ولا تطالب برزقها لكنه مكفول لها من قبل خالقها. ويربط المولى فى أية أخري من بين الخلق والرزق بقوله (أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ) وضمان الرزق وكفالته تؤكده السيدة مريم عليها السلام حين سألها زكريا (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال أنى لك هذا قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب ) وسيدنا ابراهيم قال (الذى يطعمنى ويسقين ) فأكد ان الإطعام والشراب بيد المولى عز وجل ولا دخل للبشر فيه .. أما قضية الانشغال بالرزق والنظر إلى توزيع الله سبحانه وتعالى للرزق بين عباده والنظر إلى الغنى، فالمولى له حكمة بالغة الأهمية فى ذلك حيث يقول (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا فى الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء ) فهو العليم الخبير بعباده ويعلم حيثما سبق علمه ان هناك بشرا لو وسع لهم فى الأرزاق لبغوا فى الأرض وضلوا عن سواء السبيل وأحيانا يكون الفقر نعمة من المولى عز وجل والغنى نقمة .. ومن أعظم الآيات التى حسمت الصراع على الرزق التى تقول (فورب السماء والأرض انه لحق مثلما أنكم تنطقون ) فيقسم المولى بذاته أن الرزق حق مكفول مثل النطق تماما، فهل هناك شك فى تحدثنا ونطقنا وهو ليس بأيدينا وكفله الله للجميع، فكذلك الرزق فهل بعد ذلك يشك الإنسان فى رزقه؟ فالانشغال بالرزق على حساب العبادة والانشغال بالعباد على حساب الخالق أمران متفشيان بين العباد بشدة، ويعدان شركا بالله فقضية الرزق محسومة تماما (وفى أنفسكم أفلا تبصرون وفى السماء رزقكم وما توعدون ) (وارزق أهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر قال ومن كفر) ومن الروشتة القرآنية لسعة الرزق المداومة علي قراءة سور الواقعة ويس والعنكبوت والإنفاق في سبيل الله حتى فى حالات الشدة لأنه بمداومة العبد على ذلك يرزقه الله ويزيد له فى رزقه (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين ). لمزيد من مقالات فهمي السيد