فى كل صباح، بل فى كل ساعة تقريبا، يطالعنا مسئول غربى ببرنامجه لسوريا!! الكل يتحدث باسم الشعب السورى وحاضره ومستقبله، دون بذل عناء أخد رأى هذا الشعب، على الأقل، تطبيقا لشعار الديموقراطية، الذى ارتكبت باسمه قوى غربية، ابشع عمليات التخريب فى الوطن العربى، والعراق وليبيا وغيرهما خير مثال على ذلك .. فلم يحدث فى تاريخ القوى الاستعمارية إلا ورفعت شعارات ومبادئ نبيلة، تبريرا لغزو دولنا ونهب ثرواتها.. ويشهد واقعنا الثقيل، اننا لم نجنِ من سنوات الاحتلال والاستعمار، سوى التخلف والفقر وأمراضهما الاجتماعية.. غير أن الدول الغربية الكبري، حين اضطرت الى الرحيل عسكريا، زرعت ما هو أسوأ وأشد وطأة من الاحتلال العسكري، بزرع بذرة الطائفية فى الوطن العربى، منذ نهاية القرن التاسع عشر، عندما اتفق رئيس الوزراء البريطانى آنذاك ودى روتشيلد، زعيم اليهود البريطانيين ، على انشاء دولة يهودية، أى دولة، طائفية بامتياز، هى اسرائيل، فكان وعد بلفور المشؤوم عام 1917، والذى، بموجبه، أعطى من لا يملك وعدا لمن لا تستحق. ولا أعتقد أن هناك من يجادل فى صحة تناقض، الديموقراطية مع الطائفية، ناهيك عن جريمة الأكذوبة المنحطة، بمقولة، إن بريطانيا أعطت لشعب بلا إرض، أرضا بلا شعب !؟.. ولم يتحرك ضمير غربى، تقريبا حيال هذه الجريمة، ولا طرح سؤالا بصدد ملايين اللاجئين الفلسطينيين، واذا ما كانوا قد هبطوا من السماء، وبعد سنوات معدودة تم، بتخطيط ودعم بريطانى، تشكيل جماعة الاخوان المسلمين، واعتقد ان الحروب الدينية العبثية التى تسمم حياتنا اليوم، ليست إلا استكمالا لمخطط الحروب الطائفية، والذى تغذيه الولاياتالمتحدةالأمريكية، وريثة شرور الامبراطورية البريطانية، التى غربت عنها الشمس..وبتنا نعرف جميعا أن تفتيت الوطن العربى، الى دُويلات عرقية وطائفية، كان القصد والهدف من إعداد المسرح لقفز حركات الإسلام السياسى الى صدارته، كى يتم التفتيت، بأيد «إسلامية» لا ترى أى عائق فى تنصيب شخص غير عربى كخليفة لهذه الدويلات، وهو ما أفشلته ثورة الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو.. ولا يخفى على كل ذى عقل استحالة ان تبرز حركات الاسلام السياسى فى كل أرجاء الدول العربية، فى توقيت واحد، لتمكينها من السطو على السلطة.. ولكن فى هذه المرحلة، وبعد أن توسعت اسرائيل وتوحشت بدعم أمريكى كامل، طفا على السطح تنظيم داعش الارهابى، الذى بلغ قدرا من الوحشية ضد ضحاياه، جعل الرأى العام، يصمت أمام وصف رئيس حكومة الدولة الارهابية، بنيامين نيتانياهو، بأن المسلمين «وحوش» !؟ والشئ الذى يؤكد ضلوع المخابرات الأمريكية والاسرائيلية ،على وجه الخصوص، فى استخدام داعش ومثيلاتها، كأدوات لتشويه صورة الاسلام والمسلمين، هو حصول هذا التنظيم الإرهابى وغيره على أحدث الأسلحة واستخدامها، أولا وقبل كل شيء، فى مواجهة ابناء الوطن العربى، مسلمين وغير مسلمين..وتتوالى فصول المؤامرة، تحت سمع وبصر العالم ،فى سوريا بأجلى صورها.. ويتحدث الرؤساء الأمريكى تارة ووزير خارجيته تارة آخرى، ثم يخرج علينا رئيس الوزراء البريطانى، او الرئيس الفرنسي، ويذرفون جميعا دموع التماسيح، مقرونة بتصريحات واضحة عن تدخلهم العسكرى فى سوريا، وطبعا بمساعدة اطراف عربية. ولا أحد يسأل عن السند القانونى أو الشرعى لهذا التدخل..أما ما هو أشد وأنكي، فهو الاستهزاء بعقولنا، عندما تتلاقى التصريحات على تجييش عشرات الدول، من بينها أكبر قوة عسكرية فى العالم، أى أمريكا،للتصدى لداعش !! والسؤال البدهى الذى يفرض نفسه هنا: من الذى يُسلح داعش يا سادة؟.. وكيف صمد الشعب والجيش السورى كل هذه السنوات فى مواجهة هذا التنظيم «المعضلة» الذى لم تقدر عليه أكبر جيوش العالم؟. هل سوريا أقوى من كل «دول التحالف؟!» مثلا؟. ولماذا اسقط اردوغان، المحبط من تبخر حلم الخلافة، طائرة روسية ،تبين انها كانت تضرب خطوط قوافل النفط التى يسرقها داعش من سوريا والعراق لحساب تركيا؟.. ليتنا نجيب على هذه التساؤلات قبل ان ننزلق الى هوة جديدة، مدبرة، بإشعال نيران فتنة بين المسلمين ،سُنة وشيعة. لمزيد من مقالات فريدة الشوباشى