عبد الهادي القصبي رئيسا للجنة التضامن وحقوق الانسان    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    وزير الري يوجه بالاستمرار الفعال للتعامل مع موسم السيول والأمطار الغزيرة    مستقبل وطن يطلق مؤتمرات جماهيرية لدعم مرشحيه في انتخابات النواب 2025    رئيس الوزراء يفتتح مصنع "سيناي للمستلزمات الطبية"    استمرار هجمات المستوطنين على سكان الضفة الغربية    ضحايا في كييف جراء هجوم جديد بالطائرات المسيّرة    إكسترا نيوز: دفعات جديدة من المساعدات الإنسانية تستعد لدخول قطاع غزة    وزير الرياضة يهنئ سيف عيسى بذهبية العالم في التايكوندو    يلا كووورة.. مانشستر سيتي يواجه أستون فيلا في الجولة التاسعة من الدوري الإنجليزي الممتاز    السيطرة على حريق اندلاع داخل مصنع تغليف مواد غذائية بالقليوبية    «رفضت رد ممتلكاته».. المتهم بتعذيب زوجته حتى الموت بالإسكندرية يكشف سبب ارتكاب الجريمة    أول ظهور بعد الزفاف.. حاتم صلاح وزوجته يؤديان مناسك العمرة    وزير الخارجية: المتحف المصري الكبير يمثل إنجازًا أثريًا وسياحيًا    وزارة الثقافة تحتفي باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي    5 لغات للحب.. اكتشف السر بمن يحبك    وزير الصحة: منظومة التأمين الصحي الشامل تغطي 73% من سكان السويس    ضبط 5 أشخاص روعوا المواطنين بالالعاب النارية بالجيزة    التضامن تعلن استثناء السن للتقديم في حج الجمعيات الأهلية لهذه الفئة .. اعرف التفاصيل    تطوير كورنيش شبين الكوم.. ومحافظ الفيوم: هدفنا تحويل العاصمة لمدينة حضارية عصرية    «هيلز للتطوير العقاري» و«بروتكشن للتطوير العقاري» (PRD) تطلقان شراكة استراتيجية لترسيخ معايير جديدة للجودة والقيمة وتجربة العملاء في السوق المصري    فتح: نطالب بسلاح فلسطيني واحد.. وعلى حماس التعاطي مع الواقع الجديد    حكاية منظمة (5)    محافظ الإسماعيلية ورئيس قصور الثقافة يفتتحان الدورة 25 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    الموت يفجع الفنانة فريدة سيف النصر.. اعرف التفاصيل    غدا .. الطقس مائل للحرارة نهارا وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 29 درجة والصغرى 20    محافظ الدقهلية يفاجئ عيادة ابن لقمان للتأمين الصحي بالمنصورة: تكليفات فورية بالتعامل مع أي نواقص في الأدوية    رئيس الوزراء يغير مسار جولته بمحافظة السويس ويتفقد مدرسة محمد حافظ الابتدائية    ضبط 105 كيلو جرامات من اللحوم الفاسدة في حملة بيطرية مكبرة بدمياط    مدير تعليم بورسعيد يتابع بدء المرحلة الثانية لبرنامج تطوير اللغة العربية بالمدارس    6 أفلام من «أسوان لأفلام المرأة» ضمن برنامج خاص في مهرجان لندن بريز    مركز الازهر للفتوى :الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا يعد جريمة في ميزان الدين    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    الرياضية: اتحاد جدة يجهز لمعسكر خارجي مطول في فترة توقف كأس العرب    وكيل صحة كفر الشيخ يناقش تعزيز خدمات تنظيم الأسرة بالمحافظة    موعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد و برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    "هيتجنن وينزل الملعب" | شوبير يكشف تطورات حالة إمام عاشور وموقفه من تدريبات الأهلي    محافظة أسوان تعطى مهلة أخيرة لأصحاب طلبات التقنين حتى نهاية أكتوبر    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 400 شاحنة حاملة 10 آلاف طن مساعدات إنسانية إلى غرة    محمد صلاح ينافس على جائزة أفضل لاعب في العالم 2025    بدء فعاليات المبادرة الرئاسية «تمكين» لذوى الهمم بجامعة بنها    المتحف المصرى الكبير ملتقى العبقريات    بالصور.. صيانة شاملة للمسطحات الخضراء والأشجار والمزروعات بمحيط المتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    مصرع طالبة سقطت من الطابق الثالث في مغاغة بالمنيا    بكم طن عز؟ سعر الحديد اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025 محليًا و أرض المصنع    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    ب«79 قافلة طبية مجانية».. الشرقية تحصل على الأعلى تقييمًا بين محافظات الجمهورية    مسئول أمريكي: الولايات المتحدة والصين تعملان على التفاصيل النهائية لاتفاق تجاري    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    خطوط وزارة التضامن الساخنة تستقبل 149 ألف اتصال خلال شهر واحد    عدم إعادة الاختبار للغائب دون عذر.. أبرز تعليمات المدارس للطلاب مع بدء امتحانات أكتوبر    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    محمد الغزاوى: أخدم الأهلى فى جميع المناصب ونمتلك أقوى لاعبى اسكواش بأفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما وراء السياسة: أسئلة مسكوتٌ عنها
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 11 - 2015

لم يمر علم السياسة فى مصر والعالم العربى بمثل حالته التى هو عليه الآن، فقد أوشك أن ينتهى كعلم؛ ويتحول إلى أدوات برجماتية لتسويغ وتبرير أيديولوجيات وسياسات حزبية، حيث تحول من كان يفترض فيهم انهم علماء سياسة إلى سياسيين وناشطين ووزراء ومستشارين ومذيعين، وخرج الكثير منهم عن وقار العلم، وتحول للدعاية البهلوانية فى قنوات محلية أو إقليمية، وفى نفس الوقت أصبح لقب «أستاذ علوم سياسية» يدعيه باحثون لا علاقة لهم بالأستاذية، وأساتذة من تخصصات أخري، وحاصلون على الدكتوراه لم يقوموا بالتدريس فى أى جامعة، أو خريجون جدد مروا بإحدى الجامعات وألقوا محاضرة أو أكثر هنا أو هناك، حالة من الفوضى المزرية التى توشك بإعلان موت العلم ذاته. فى ظل هذه الوضعية من غياب العلم والمنهج العلمى أصبح كل من يستطيع الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعى عالما فى السياسة لا يشق له غبار، يفتى فى أحداث دولية ومحلية غاية فى التشابك والتعقيد، ولا يقبل عن رأيه بديلا ومن السهل أن يتهم المتخصصين بأى من التهم المعلبة الجاهزة، بحيث صارت أمتنا أصواتاً عالية زاعقة بلا عقل أو منطق، والعالم من حولنا يخطط لنا، ويقرر لنا وينفذ ما يقرره، ونحن كعرب ومصريين، بكل بلاهة، نشتبك فى معارك قررها الآخرون، وننحاز إلى خيارات هى من صميم مصالح أطراف خارجية، كل هذا يحدث جهاراً نهاراً بدون مؤامرة، بل فى واضحة النهار. وهنا سوف أطرح مجموعة من التساؤلات المشروعة التى تساعد على كشف ما وراء الظواهر السياسية التى نعايشها، ونختلف حولها، ونتقاتل عليها:
أولا: لماذ حاصر الغرب حكومة الإنقاذ الإسلامية فى السودان، وحشد كل قواه ضدها من الأمم المتحدة إلى اتحاد الكنائس العالمى حتى نجح فى تقسيم السودان وانفصال جنوبه، ووضع دارفور على خطى الجنوب، وشرق السودان فى الطريق لذلك؟…ولماذا حشد الغرب كل قواه لدعم الإسلاميين فى مصر وليبيا الذين جاءوا من نفس الخلفية التنظيمية والفكرية التى جاءت منها نخبة الإنقاذ فى السودان؟…ما الفارق بين الاثنين؟…لماذ يعادى أولئك، وينصر هؤلاء بكل قوة وحماس؟…هل الغرب حقا يريد أن يدعم طموحات شعوبنا فى الديمقراطية والحكم الرشيد؟ وهل يريد لشعوبنا التنمية والتقدم والازدهار؟، ولماذا حارب تجربة الإخوان فى السودان ومازال، ودعمها فى مصر وليبيا وسوريا ومازال؟ فى عامى 2008 و2009 نشرت وزارة الخارجية الأمريكية وكذلك وزارتا خارجية الدنمارك وبلجيكا تقارير عن الشيخوخة فى العالم، وكانت خلاصة هذه التقارير أن أوروبا وأمريكا واليابان سوف تتحول إلى دار مسنين كبيرة بحلول عام 2050، وأن الجنس الأبيض مهدد بالانقراض لانه تراجع من نسبة 28٪ من عدد سكان العالم عام 1915 إلى 18٪ من سكان العالم عام 2015، وأن أوروبا تواجه خطر تغيير ديموغرافى يجعلها دولا إسلامية. وهنا يرى بعض الباحثين أن دعم أمريكا وأوروبا للإسلاميين فى العالم العربى من أحد أهدافه تفريغ الغرب من المسلمين غير المندمجين ثقافيا فى المجتمعات الغربية، ودفعهم للعودة إلى بلادهم بعد أن يصل الى الحكم فيها أحزاب ينتمى إليها معظمهم. وهناك من يرى أن الدول الغربية أدركت أن الأحزاب الإسلامية هى الأقدر على تفجير مجتمعاتها من الداخل، واثارت كل الأزمات التاريخية التى تم من خلالها إسقاط الدولة العثمانية، واستعمار العالم العربى ابتداء من مشكلة الأقليات الدينية إلى إشكاليات التعامل مع الحداثة بكل تجلياتها، لذلك كان دعم الأحزاب الإسلامية فى مصر وليبيا وسوريا هو الطريق الأقصر لإستراتيجية الفوضى الخلاقة فى العالم العربي، وقد مثل حكم الإسلاميين فى العراق نموذجا يمكن تعميمه؛ لأنه أدى إلى تفجير المجتمع العراقي؛ ووضع العراق على طريق الدولة الفاشلة تمهيداً لإنهاء وجود الدولة العراقية ذاتها.
ثانيا: لماذا كل هذا الدعم السلبى والإيجابى للتنظيمات الإرهابية فى سوريا والعراق وليبيا؟، والدعم السلبى هنا بالتواطؤ… ولماذا يتم تمكين تنظيمات مثل داعش من إستقطاب الآلاف من الشباب من خلال استغلال الدعاية الغربية لمحاربة داعش من خلال تحالف وهمى من عشرات الدول، دون أن يكون لهذه الدعاية من حقائق على الأرض؟ لقد أطلقت الدول الغربية حملات دبلوماسية ودعائية تظهر أنها تحارب داعش، وقد استخدمت داعش تلك الدعاية فى استقطاب الشباب المتحمس من العالم الغربى والعربي، وفى نفس الوقت لم تقم الدول الغربية وتحالفها الدولى بالنيل من قوة داعش فى شىء؛ بل على العكس أدت إلى تقوية داعش، وتوسيع الأراضى التى تسيطر عليها. هناك من يرى أن وراء هذه السياسة هدفا غربيا تتشارك فيه أوروبا وأمريكا؛ وهو تفريغ تلك الدول من الشباب المسلم الذى يحمل جنسيتها، وفى نفس الوقت يتبنى أفكاراً عنيفة وإرهابية ويمثل خطراً على المجتمعات الغربية ومستقبلها، لقد فتحت الدول الغربية الباب أمام شباب من جنسيتها للتوجه إلى سوريا والانضمام لداعش، ولم تمنعهم رغم علمها بذلك وقدرتها عليه، وذلك لتصدير ظاهرة العنف إلى البلاد العربية، والتخلص نهائيا من هذه الظاهرة من خلال خلق بيئة جاذبة لتلك العقول المريضة خارج أوروبا، ولذلك لم يتحرك الغرب بصورة جادة إلا بعد أحداث باريس.
ثالثاً: هل نحن أمام مواجهة سياسية، أم مواجهة حضارية السياسة واجهتها؟ هل تأييد الغرب للإسلاميين فى العالم العربى يعنى تخلى الغرب عن حالة المواجهة مع الحضارة الإسلامية، والتعامل معها كعدو حضاري؛ أم أنه تغيير ذكى لأدوات الصراع، وتوظيف المسلمين لكى يتخلص الجيد منهم من الردىء، وهنا الغرب هو الذى يحدد الجيد والردىء وليس المسلمون؟ فى عام 2010، أصدر مركز السياسة الأمنية فى أمريكا وهو بيت خبرة تابع للحزب الجمهوري، تقريرا عنوانه “الشريعة: تهديدٌ لأمريكا”، خلاصة التقرير الذى يقع فى 177 صفحة أن الخطر الحقيقى الذى يمثله الإسلام لا يأتى من الجماعات الإرهابية والمتطرفة والعنيفة، وإنما يأتى من التيارات التى تدعو إلى الإحياء الحضارى الإسلامى فى العلوم والثقافة والفكر والفنون والعمارة، لأن إحياء الحضارة الإسلامية، وإعادتها إلى ذلك النموذج المنفتح على العالم كما كان فى العصور الوسطى الأوروبية فيه تهديد لتفرد الحضارة الغربية وانفرادها بالعالم، وهو ما يهدد القوة الأمريكية فى العالم على المدى الطويل. خلاصة القول أن هناك أعماقاً أبعد مما يراه الكثيرون، وأن وراء السياسات العالمية أبعادا حضارية، ورحم الله أستاذ المستقبليات المغربى الدكتور المهدى المنجرة الذى نشر كتاباً بعد ضرب العراق 1991 عنوانه «الحرب الحضارية الأولي»، فهل ذات الحرب ما زالت المستمرة إلى الآن؟ ….كثيرون يراهم البسطاء حماة للدين مثل الحكومة التركية، وهم فى الحقيقة أدوات الحرب الحضارية العميقة التى ستقود إلى تفكيك مجتمعاتنا، وحينها لن يكون هناك مكان تتحقق فيه أحلام الحالمين بالخلافة والدولة والشرعية والشريعة.
لمزيد من مقالات د. نصر محمد عارف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.