ارتفاع سعر الجنيه الذهب اليوم الجمعة 19 ديسمبر.. ننشر أخر تحديث    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الزيمبابوي تعزيز التعاون الثنائي وتنسيق المواقف المشتركة    مصابون في قصف مدفعي للاحتلال على مبنى للنازحين بحي التفاح    رئيس جمهورية اليمن الأسبق: أرقام ضحايا أحداث 13 يناير مبالغ فيها    حكايات منتخب مصر مع أمم أفريقيا| حسام وحازم.. ثنائية صنعت لقب 1998    توك توك يدهس سيدة بالغربية.. الداخلية تكشف تفاصيل الواقعة| فيديو    رئيس الطائفة الإنجيلية ومحافظ أسيوط يبحثان تعزيز التعاون    لافروف: المحادثات الأمريكية الروسية لا تحتاج إلى مساعدة أوروبا    انخفاض درجات الحرارة وشبورة كثيفة على الطرق.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    أحمد الأحمد.. نضر وجه الإسلام    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد ختام مشروع منحة FEXTE الفرنسية لتعزيز منظومة التأمين الصحي الشامل    جوارديولا يحسم الجدل حول مستقبله مع مانشستر سيتي    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية تفتتحان حديقة مدينة ناصر العامة في سوهاج    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    مصر تستضيف وفدا رفيع المستوى من منظمات الطيران المدني الدولية.. وإطار تعاون لتعزيز الشراكات وبناء القدرات    الداخلية تضبط 3 سيدات بالإسكندرية للإعلان عن أعمال منافية للآداب    خارطة التمويل الثقافي وآليات الشراكة في ماستر كلاس مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    اليوم.. ريم بسيوني تكشف أسرار تحويل التاريخ إلى أدب في جيزويت الإسكندرية    تركيا ترحب برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بموجب قانون قيصر    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    حقيقة انتشار الأوبئة في المدارس؟.. مستشار الرئيس يُجيب    محافظ قنا ينعى الطبيب الشهيد أبو الحسن رجب فكري ويطلق اسمه على الوحدة الصحية بمسقط رأسه    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    شاب من مركز "قوص بقنا" يُعلن اعتناقه الإسلام: "قراري نابع من قناعة تامة وأشعر براحة لم أعرفها من قبل"    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    محافظ المنيا يعلن افتتاح 4 مساجد في 4 مراكز ضمن خطة وزارة الأوقاف لتطوير بيوت الله    لافروف مشيدا بمصر: زيادة التبادل التجاري وتعاون استراتيجي في قناة السويس    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية لنادي الجزيرة    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    لقاء أدبي بفرع ثقافة الإسماعيلية حول أسس كتابة القصة القصيرة    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    حماس: محادثات ميامي لن تفضي لوقف خروقات إسرائيل للهدنة    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    نيجيريا الأعلى وتونس وصيفًا.. القيمة التسويقية لمنتخبات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    أحمد شيبة ينتهي من تسجيل أغنية جديدة لطرحها في رأس السنة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    زراعة سوهاج: حملة إزالة فورية للمخلفات الزراعية بقرية الطليحات لمركز جهينة    "المفوضية الأوروبية" تقرر خفض فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلًا من 20%    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    تعرف على مسرحيات مبادرة "100 ليلة عرض" في الإسكندرية    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    مصرع عامل وإصابة شاب فى حادثين بالجيزة    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ قنا يشهدون احتفالية بقصر الثقافة    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما وراء السياسة: أسئلة مسكوتٌ عنها
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 11 - 2015

لم يمر علم السياسة فى مصر والعالم العربى بمثل حالته التى هو عليه الآن، فقد أوشك أن ينتهى كعلم؛ ويتحول إلى أدوات برجماتية لتسويغ وتبرير أيديولوجيات وسياسات حزبية، حيث تحول من كان يفترض فيهم انهم علماء سياسة إلى سياسيين وناشطين ووزراء ومستشارين ومذيعين، وخرج الكثير منهم عن وقار العلم، وتحول للدعاية البهلوانية فى قنوات محلية أو إقليمية، وفى نفس الوقت أصبح لقب «أستاذ علوم سياسية» يدعيه باحثون لا علاقة لهم بالأستاذية، وأساتذة من تخصصات أخري، وحاصلون على الدكتوراه لم يقوموا بالتدريس فى أى جامعة، أو خريجون جدد مروا بإحدى الجامعات وألقوا محاضرة أو أكثر هنا أو هناك، حالة من الفوضى المزرية التى توشك بإعلان موت العلم ذاته. فى ظل هذه الوضعية من غياب العلم والمنهج العلمى أصبح كل من يستطيع الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعى عالما فى السياسة لا يشق له غبار، يفتى فى أحداث دولية ومحلية غاية فى التشابك والتعقيد، ولا يقبل عن رأيه بديلا ومن السهل أن يتهم المتخصصين بأى من التهم المعلبة الجاهزة، بحيث صارت أمتنا أصواتاً عالية زاعقة بلا عقل أو منطق، والعالم من حولنا يخطط لنا، ويقرر لنا وينفذ ما يقرره، ونحن كعرب ومصريين، بكل بلاهة، نشتبك فى معارك قررها الآخرون، وننحاز إلى خيارات هى من صميم مصالح أطراف خارجية، كل هذا يحدث جهاراً نهاراً بدون مؤامرة، بل فى واضحة النهار. وهنا سوف أطرح مجموعة من التساؤلات المشروعة التى تساعد على كشف ما وراء الظواهر السياسية التى نعايشها، ونختلف حولها، ونتقاتل عليها:
أولا: لماذ حاصر الغرب حكومة الإنقاذ الإسلامية فى السودان، وحشد كل قواه ضدها من الأمم المتحدة إلى اتحاد الكنائس العالمى حتى نجح فى تقسيم السودان وانفصال جنوبه، ووضع دارفور على خطى الجنوب، وشرق السودان فى الطريق لذلك؟…ولماذا حشد الغرب كل قواه لدعم الإسلاميين فى مصر وليبيا الذين جاءوا من نفس الخلفية التنظيمية والفكرية التى جاءت منها نخبة الإنقاذ فى السودان؟…ما الفارق بين الاثنين؟…لماذ يعادى أولئك، وينصر هؤلاء بكل قوة وحماس؟…هل الغرب حقا يريد أن يدعم طموحات شعوبنا فى الديمقراطية والحكم الرشيد؟ وهل يريد لشعوبنا التنمية والتقدم والازدهار؟، ولماذا حارب تجربة الإخوان فى السودان ومازال، ودعمها فى مصر وليبيا وسوريا ومازال؟ فى عامى 2008 و2009 نشرت وزارة الخارجية الأمريكية وكذلك وزارتا خارجية الدنمارك وبلجيكا تقارير عن الشيخوخة فى العالم، وكانت خلاصة هذه التقارير أن أوروبا وأمريكا واليابان سوف تتحول إلى دار مسنين كبيرة بحلول عام 2050، وأن الجنس الأبيض مهدد بالانقراض لانه تراجع من نسبة 28٪ من عدد سكان العالم عام 1915 إلى 18٪ من سكان العالم عام 2015، وأن أوروبا تواجه خطر تغيير ديموغرافى يجعلها دولا إسلامية. وهنا يرى بعض الباحثين أن دعم أمريكا وأوروبا للإسلاميين فى العالم العربى من أحد أهدافه تفريغ الغرب من المسلمين غير المندمجين ثقافيا فى المجتمعات الغربية، ودفعهم للعودة إلى بلادهم بعد أن يصل الى الحكم فيها أحزاب ينتمى إليها معظمهم. وهناك من يرى أن الدول الغربية أدركت أن الأحزاب الإسلامية هى الأقدر على تفجير مجتمعاتها من الداخل، واثارت كل الأزمات التاريخية التى تم من خلالها إسقاط الدولة العثمانية، واستعمار العالم العربى ابتداء من مشكلة الأقليات الدينية إلى إشكاليات التعامل مع الحداثة بكل تجلياتها، لذلك كان دعم الأحزاب الإسلامية فى مصر وليبيا وسوريا هو الطريق الأقصر لإستراتيجية الفوضى الخلاقة فى العالم العربي، وقد مثل حكم الإسلاميين فى العراق نموذجا يمكن تعميمه؛ لأنه أدى إلى تفجير المجتمع العراقي؛ ووضع العراق على طريق الدولة الفاشلة تمهيداً لإنهاء وجود الدولة العراقية ذاتها.
ثانيا: لماذا كل هذا الدعم السلبى والإيجابى للتنظيمات الإرهابية فى سوريا والعراق وليبيا؟، والدعم السلبى هنا بالتواطؤ… ولماذا يتم تمكين تنظيمات مثل داعش من إستقطاب الآلاف من الشباب من خلال استغلال الدعاية الغربية لمحاربة داعش من خلال تحالف وهمى من عشرات الدول، دون أن يكون لهذه الدعاية من حقائق على الأرض؟ لقد أطلقت الدول الغربية حملات دبلوماسية ودعائية تظهر أنها تحارب داعش، وقد استخدمت داعش تلك الدعاية فى استقطاب الشباب المتحمس من العالم الغربى والعربي، وفى نفس الوقت لم تقم الدول الغربية وتحالفها الدولى بالنيل من قوة داعش فى شىء؛ بل على العكس أدت إلى تقوية داعش، وتوسيع الأراضى التى تسيطر عليها. هناك من يرى أن وراء هذه السياسة هدفا غربيا تتشارك فيه أوروبا وأمريكا؛ وهو تفريغ تلك الدول من الشباب المسلم الذى يحمل جنسيتها، وفى نفس الوقت يتبنى أفكاراً عنيفة وإرهابية ويمثل خطراً على المجتمعات الغربية ومستقبلها، لقد فتحت الدول الغربية الباب أمام شباب من جنسيتها للتوجه إلى سوريا والانضمام لداعش، ولم تمنعهم رغم علمها بذلك وقدرتها عليه، وذلك لتصدير ظاهرة العنف إلى البلاد العربية، والتخلص نهائيا من هذه الظاهرة من خلال خلق بيئة جاذبة لتلك العقول المريضة خارج أوروبا، ولذلك لم يتحرك الغرب بصورة جادة إلا بعد أحداث باريس.
ثالثاً: هل نحن أمام مواجهة سياسية، أم مواجهة حضارية السياسة واجهتها؟ هل تأييد الغرب للإسلاميين فى العالم العربى يعنى تخلى الغرب عن حالة المواجهة مع الحضارة الإسلامية، والتعامل معها كعدو حضاري؛ أم أنه تغيير ذكى لأدوات الصراع، وتوظيف المسلمين لكى يتخلص الجيد منهم من الردىء، وهنا الغرب هو الذى يحدد الجيد والردىء وليس المسلمون؟ فى عام 2010، أصدر مركز السياسة الأمنية فى أمريكا وهو بيت خبرة تابع للحزب الجمهوري، تقريرا عنوانه “الشريعة: تهديدٌ لأمريكا”، خلاصة التقرير الذى يقع فى 177 صفحة أن الخطر الحقيقى الذى يمثله الإسلام لا يأتى من الجماعات الإرهابية والمتطرفة والعنيفة، وإنما يأتى من التيارات التى تدعو إلى الإحياء الحضارى الإسلامى فى العلوم والثقافة والفكر والفنون والعمارة، لأن إحياء الحضارة الإسلامية، وإعادتها إلى ذلك النموذج المنفتح على العالم كما كان فى العصور الوسطى الأوروبية فيه تهديد لتفرد الحضارة الغربية وانفرادها بالعالم، وهو ما يهدد القوة الأمريكية فى العالم على المدى الطويل. خلاصة القول أن هناك أعماقاً أبعد مما يراه الكثيرون، وأن وراء السياسات العالمية أبعادا حضارية، ورحم الله أستاذ المستقبليات المغربى الدكتور المهدى المنجرة الذى نشر كتاباً بعد ضرب العراق 1991 عنوانه «الحرب الحضارية الأولي»، فهل ذات الحرب ما زالت المستمرة إلى الآن؟ ….كثيرون يراهم البسطاء حماة للدين مثل الحكومة التركية، وهم فى الحقيقة أدوات الحرب الحضارية العميقة التى ستقود إلى تفكيك مجتمعاتنا، وحينها لن يكون هناك مكان تتحقق فيه أحلام الحالمين بالخلافة والدولة والشرعية والشريعة.
لمزيد من مقالات د. نصر محمد عارف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.