دأبت بعض البرامج فى الفترة الأخيرة التعرض للحياة الخاصة على بعض القنوات بالإضافة إلى الهجوم المباشر باللفظ والقول أو بالإيحاء أو بكشف أسرار خاصة لا يصح التعرض لها ومناقشتها بشكل أمام ملايين المشاهدين. فأصبح كرسى المذيع فى بعض البرامج منبرا لإهانة الأشخاص و كشف المستور عن علاقات أسرية خاصة يحاسب عليها القانون.. وتناسى بعض الإعلاميين الحقوق المشروعة للمواطن التى كفلها له الدستور بالحفاظ على حياة أسرية كريمة ، وأن للحياة الخاصة حرمة ومصانة ولا تمس وفقا لمواد الدستور 10 و51 و54 و57 و58 و59 وغيرها التى تنص على الحفاظ على حرمة واحترام الحياة الشخصية للمواطنين.. ولهذا، فعلى الإعلام أن يلتزم بهذه المواد ولا يتجاهلها فى برامجه. يقول د.عبد الله زلطة أستاذ الإعلام: نظرا لعدم وجود جهة محددة حتى الآن تحاسب التجاوزات التى تحدث كل يوم فى القنوات الخاصة، فقد استمرت بشكل لم يحدث له مثيل فى تاريخ الإعلام المصرى ، وإذا رجعنا إلى الدستور نجد العديد من المواد التى تؤكد الالتزام بأخلاقيات الممارسة الإعلامية . فالمادة 57 مثلا تقول إن «للحياة الخاصة حرمة وهى مصونة ولا تمس وتلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها". وأضاف : بالرغم من أن الدستور حظر فى المادة 71 حبس الصحفيين والإعلاميين فى جرائم النشر، فإنه استثنى 3 جرائم أحالها للمشرع القانونى لوضع العقوبة المناسبة لها بالحبس أو الغرامة أو كلتهما معا من بينها «الطعن فى أعراض الأفراد». إلا أن أهم المواد الدستورية على الإطلاق التى احتواها الدستور المادة 211 التى تنص على إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وجعله هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى ومن بين اختصاصاته التى نص عليها الدستور وضع الضوابط والمعايير اللازمة لالتزام وسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها. وأشار زلطة إلى أن الساحة الإعلامية ستظل حقلا «يعيث » فيه كل من هب ودب ممن يطلقون على أنفسهم إعلاميين ولم يدرسوا الإعلام ولم يفهموا مبادئه وأخلاقياته وأصوله ولا سبيل الآن حتى يتم إنشاء المجلس إلا لجوء المواطن المتضرر من التجاوزات الإعلامية فى حقه إلى القضاء لإنصافه ، فهيئة الإستثمار التى تمنح تصاريح القنوات الخاصة لا علاقة لها بأخلاقيات المهنة والنواحى الفنية فى العمل الإعلامى . وتوقع أستاذ الإعلام انتهاء تلك الأزمة العام المقبل بإصدار التشريعات المنظمة للعمل الإعلامى فى مصر. ويقول د. شريف درويش أستاذ الإعلام: " هناك هبوط واضح فى أداء بعض الإعلاميين خاصة على شاشات الفضائيات، يتمثل فى تناول قضايا لا تفيد المجتمع على الإطلاق، بل تكشف عن نوايا خبيثة وغير مهنية تزعزع الاستقرار الأسرى والمجتمع بأكمله فى ظل تعطش المجتمع لإعلام مستنير يدعو لإعلاء قيم المجتمع ويحافظ عليها ويساهم فى مرحلة البناء التى تمر بها مصر وهى من أصعب المراحل على الإطلاق". ويتساءل :" كيف تهتم بعض الشاشات بأمور تافهة مثل الجنس والشعوذة والجدل وكشف أسرار الفتيات بشكل سافر؟" ..ويجيب قائلا: تحولت بعض الفضائيات إلى" قنوات شوارع" لا تناقش قضايا المجتمع من اقتصاد وثقافة ومعرفة ومحاربة الأمية وصحة وتعليم ونصرة المظلوم بشكل مهنى، بينما تعرض صراعًا يمس كرامة المواطن. ويتفق درويش مع ما سبق وعرضه زلطة بأن مواد الدستور تمنع بشكل واضح هذا العبث، ولكن المشكلة فى التطبيق والتنفيذ.. فلو تم تفعيل القانون على الجميع سنرى دولة عظيمة فى سنوات قليلة. ولهذا يشدد درويش على مطلبه ويتلخص فى إصدار قرار جمهورى بقانون بشأن التشريعات الإعلامية وعدم انتظار مجلس النواب المقبل. ويضيف: أنا مع حرية الإعلام ولكن الحرية المسئولة التى تحافظ على كرامة المواطن والوطن، كما أن هناك مشكلة الإعلاميين المساهمين فى بعض المؤسسات حيث أثر ذلك بالسلب على الأداء ولابد من الفصل بين المالك وإدارة التحرير . كما دعا الى تفعيل مشروع ميثاق الشرف الإعلامى فى وسائل الإعلام المختلفة مع تفعيل القانون. ويقول د.حسن على رئيس جمعية حماية المشاهد: تأثير الإنفلات الإعلامى تعدى حقوق وواجبات وكرامة المواطن الى كيان الدولة وحدث ذلك كثيرا حتى فى العلاقات مع بعض الدول ، فعدم وجود عقاب أغرى الكثير من الفضائيات بتقديم أى مادة وفى أى إتجاه دون النظر بالأضرار التى تنتج عن ذلك ، وبالطبع فإن التشريعات والقوانين موجود وكافية سواء القديمة أو مواد الدستور الأخير، ولكن المشكلة فى التنفيذ . وهنا يطالب حسن على الدولة بالقيام بدورها فى هذا الشأن.