فى قاعة المؤتمرات بكلية الآداب جامعة القاهرة، أعلنت لجنة المناقشة حصول الباحث الصينى الجنسية آى خه شيو ، أو آسر إبراهيم -كما أسمى نفسه بالعربية- على درجة الماجستير بامتياز، عن دراسة بعنوان: الرواية السياسية، دراسة فى نماذج من إحسان عبد القدوس، وذلك تحت إشراف أ.د. خيرى محمد دومة، وبمناقشة أ.د. سيد البحراوى (جامعة القاهرة)، ود. شريف سعد محمد الجيار ( جامعة بنى سويف). تتناول الدراسة، التى تقع فى نحو 200 صفحة، العلاقات بين السياسة والأدب فى روايات الأديب المصرى الراحل إحسان عبد القدوس من خلال رواياته السياسية عبر مراحلها المختلفة، بالتطبيق على: فى بيتنا رجل ( 1957م)، وشيء فى صدرى ( 1958م )، وثقوب فى الثوب الأسود ( 1962م )، مع عرض آراء النقاد الذين تعرضوا لموضوع الأدب فى علاقته بالسياسة. و قد تتبع الباحث جذور الإبداع والعامل السياسى فى أدب إحسان من خلال تحليل مستويات المكان، والزمان، والشخصيات، والأفكار المحورية، والسرد فى كل رواية على حدة. ويرى شيو إبراهيم أن السياسة حاضرة فى كل الخطابات والفنون والأجناس الأدبية، وخصوصًا فى فن الرواية, الذى يعكس نثرية الواقع وصراع الذات مع الموضوع، والصراع الطبقى والسياسي، والتفاوت الاجتماعي، وتناحر العقائد والأيديولوجيات، والتركيز على الرهان السياسى من خلال نقد الواقع السائد واستشراف الممكن السياسي. ويقول شيو إبراهيم: "من الملاحظ قلة الدراسات التى تتناول الرواية السياسية، حتى فى مصر، التى كان لأدبائها تجارب إبداعية مؤثرة فى هذا المجال، ومنهم: نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وإحسان عبدالقدوس، والأخير واحد من أبرز كتاب الرواية والقصة فى العالم العربى وأكثرهم إثارة للجدل بما قدمه للمكتبة العربية من تسعة وخمسين عمل فى الأدب والسياسة، ناقش فيها قضايا المرأة عبر تبنيه لحقها فى الحرية والعمل والتعليم والمشاركة السياسية. وقد حققت أعمال إحسان نجاحاً كبيراً فى مصر والعالم العربي، وفى وطنى الصين أيضًا، بسبب تناولها القضايا الاجتماعية والسياسية والوطنية الشائكة فى مصر والعالم العربي. وقد اقتصرت معظم الدراسات حول أعماله على المرأة والسياسة, أو لنقل الجنس والحرية، وباستثناء هذين الموضوعين، نجد الدراسات المتعلقة به قليلة ونادرة, ومن بينها رسالة دكتوراه لشريف الجيار، و4 بحوث ماجستير، فضلًا عن عدد من الدراسات والإصدارات العامة الأخرى". وينقسم بحث شيو إبراهيم إلى بابين، حيث يتناول الأول المفهوم النظرى الرواية السياسية، والعلاقة بين الأدب والسياسة، وآراء النقاد حول الأدب السياسي، ويتناول الباب الثانى نشأة الفكر السياسى وتطوره عند إحسان، والتأثير الذاتى والتأثير الخارجي، والتحليل السياسى للروايات المختارة، فضلًا عن الخاتمة والنتائج، وأخيرا المصادر والمراجع والقائمة الببليوجرافية التى تضمنت قائمة بأعمال إحسان والكتب والدراسات الجامعية التى تناولت حياته وأعماله بالعربية والإنجليزية والصينية. وابراهيم المولود فى 20 يناير 1990، قادم من مدينة هاربن عاصمة محافظة هَيْلوُنْغْجِيَانْغْ، الصين، والتى يشبهونها لجغرافيتها فى الأدبيات الصينية بأنها " اللؤلؤة فى عنق البجعة"، كما أطلقوا عليها ألقابًا أخرى منها "موسكو الشرق" لعمرانها المتميز، وكذلك "باريس الشرق"، أو "مدينة الثلج" بسبب طول فصل الشتاء بها. وقد درس إبراهيم فى الفترة من 2008م – 2012م فى قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، حيث أنهى مرحلة الليسانس بامتياز عن بحث بعنوان: تأثيرات الثقافة الإسلامية فى الصين. وإلى جانب إجادة العربية، درس إبراهيم اللغة اليابانية، واللغة الكورية, إضافة إلى عمله فى 2010 فى قسم الضيافة، وزارة إكسبو بشانغهاي، حيث كان فى استقبال الزوار من الوزراء والرؤساء العرب، كما تولى إبراهيم فى أثناء دراسته بجامعة القاهرة منذ 2012، وحتى حصوله على الماجستير, مهام الأمين العام لفرع اتحاد الطلبة والعلماء الصينيين فى مصر التابع لسفارة الصين. ويرجع إبراهيم اهتمامه باللغة العربية إلى كونها لغة عالمية ينطق بها نحو 400 مليون، وتتميز بأدبياتها التى جعلت منها إحدى اللغات العالمية الخمسة الأشهر، كما أن ثراء المنطقة العربية وعلى رأسها مصر بالتراث الحضارى، وحالة الحراك التى تعيشها المنطقة بأكملها منذ سنوات يجعل من فهم اللغة العربية أمرًا ضروريًا وحيويًا للباحثين المهتمين. كما أن مصر باعتبارها دولة عربية رائدة من مختلف الأوجه، وكونها الأكثر انفتاحا فى التبادل الثقافى باستقبالها للطلاب الأجانب الشغوفين بتعلم اللغة العربية أو الدراسة الإسلامية، يجعل منها كعبة ثقافية للطلاب الوافدين. ويرى شيو إبراهيم أن احد أهم أسباب شغفه باللغة العربية هو المنتج الأدبى العريق، وما تضمه المكتبة العربية من الأعمال الضخمة الأقرب للمعجزات الأدبية لقدامى المبدعين، وهو ما استمر على يد المعاصرين والمحدثين من المبدعين الذين لم يتوقفوا عن تقديم المزيد، وهو ما انتبهت إليه حديثًا دول الشرق الأقصى. ويدين إبراهيم فى استكمال دراساته فى اللغة العربية وآدابها بالفضل لأساتذته ويقول: على رأس القائمة أستاذى والمشرف على بحثى أ.د. خيرى دومة، الذى يجمع بين عشقه للعربية ومعرفته بالعادات والتقاليد الأسيوية لعمله السابق فى اليابان، كما أنه يولى اهتمامًا بالطلاب الوافدين باعتباره مديرًا لمركز جامعة القاهرة للغة والثقافة. وهناك العالم الجليل أ.د.عبد الله التطاوي، العارف بالمدارس النقدية عند القدماء، والقادر على نقل المعرفة بمتعة ورقي، فضلًا عن صحبة الناقد الكبير والكاتب أ.د. سيد البحراوي، الذى تولى مهمة تعريفى بالمناهج النقدية، كما أن تجربته فى العمل والدراسة فى فرنسا جعلته متفهمًا للصعوبات التى تواجه أمثالى من الوافدين، وهو ما جعل منه صديقًا لنا لا يبخل باقتراح، ولا يتردد فى تقديم مساعدة. وهناك أساتذة آخرون، ومنهم: العميد السابق لكلية الآداب أ.د حسين نصار، وأ.د سليمان العطار، وأ.د هدى الخولي، أ.د. أشرف دعدور( رئيس القسم )، وأ.د. عوض الغباري، أ.د. تسيو ون جيو(جامعة الدراسات الدولية بشانغهاي)، وأ.د. لو بيه يونغ (جامعة الدراسات الدولية بشانغهاي) وخه سى يو، وتسانغ لى لي، وتسانغ شيو لى ، وآخرين". وبعد إنجاز إبراهيم لبحث الماجستير فى نقد الأدب العربى الحديث، وإلقاء الضوء على رأى العين الأجنبية الراصدة لمحتوى الأدب المصرى المعاصر، يسعى الباحث الصينى إلى نيل درجة الدكتوراه على أن تكون فى مجال المقارنة بين قواعد اللغتين العربية والصينية، نظرًا لما تحتويه دراسة قواعد اللغتين على صعوبات جمة فى مواجهة الطلاب الأجانب على الجانبين، وخصوصا فيما يتعلق بندرة دارسى قواعد اللغة الصينية نظرًا لتعقيداتها وصعوباتها.