توقيع بروتوكول رباعي جديد لمبادرة «ازرع» لدعم صغار المزارعين وتحقيق الأمن الغذائي في مصر    تنسيق الجامعات| خدمة اجتماعية حلوان.. بوابتك للتميز في مجال الخدمة المجتمعية    انطلاق فعاليات بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتقييم الدعم الفني في مصر    حزب «مصر القومي» يكثف استعداداته لخوض انتخابات مجلسي النواب والشيوخ    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025    وزيرة البيئة: خطط طموحة لحماية البحر المتوسط    إزالة 5 حالات تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في الشرقية    البنك الأهلي المصري: تنفيذ 9.4 مليون عملية سحب عبر الصراف الآلي خلال 9 أيام    القومى لعلوم البحار ينظم أكبر تحالف لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى قياس البيانات البحرية    خوفًا من الاحتجاجات.. إغلاق المجال الجوي خلال حفل زفاف نجل نتنياهو    مظاهرات لوس أنجلوس.. فرض حظر التجول بعد انتشار النهب والسرقة.. والاحتجاجات تمتد إلى نيويورك وتكساس    ترامب: ثقتي بشأن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران تتراجع    إعلام إسرائيلي: سيتم إصدار 54 ألف أمر تجنيد للحريديم الشهر المقبل    الكرملين: من غير المرجح تحقيق نتائج سريعة فيما يخص تطبيع العلاقات الروسية الأمريكية    غضب بسبب تصريحات سفير أمريكا بإسرائيل عن فلسطين.. وواشنطن: يتحدث عن نقسه    مدرب بورتو البرتغالي: مواجهة بالميراس صعبة.. ونفكر في تخطي المجموعات أولًا    ريبيرو يصدر قرارًا بخصوص وسام أبو علي قبل مواجهة إنتر ميامي    مانشستر سيتي يتعاقد مع نجم ميلان    لجنة تخطيط الزمالك تسلم جون إدوارد ملف الصفقات والمدير الفنى    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 محافظة الفيوم.. رابط الاستعلام فور ظهورها    «الداخلية»: ضبط 54892 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    السجن المشدد ل 11 شخصا في المنيا بتهمة الاتجار بالمخدرات    طقس اليوم الأربعاء على مطروح مائل للحرارة واستقرار نشاط الرياح    ضبط ربع طن مكرونة منتهية الصلاحية داخل أحد المخازن الغير مرخصة بأرمنت غرب الأقصر    البعثة الطبية للحج: 39 ألف حاج ترددوا على عيادات البعثة منذ بداية موسم الحج    هيئة السكك الحديدية: التنسيق مع الداخلية حول واقعة اقتلاع لمبة أحد القطارات    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    "المشروع X" يتجاوز 94 مليون جنيه بعد 3 أسابيع من عرضه    احذر التعامل معهم.. 3 أبراج معروفة بتقلب المزاج    يحيي الفخراني يكشف أسباب ابتعاده عن موسم دراما رمضان 2025    يحيى الفخراني يكشف سر موقف جمعه بعبد الحليم حافظ لأول مرة.. ما علاقة الجمهور؟    شاهد| 3 يوليو.. المتحف المصري الكبير على موعد مع العالم.. كل ما تريد معرفته عن 7 آلاف عام من الأسرار    بن جفير يقتحم المسجد الأقصى برفقة كبار ضباط الشرطة الإسرائيلية    انطلاق فعاليات برنامج ثقافتنا فى اجازتنا بثقافة أسيوط    دموع الحجاج فى وداع مكة بعد أداء المناسك ودعوات بالعودة.. صور    تعاون بين «الرعاية الصحية» و«كهرباء مصر» لتقديم خدمات طبية متميزة    اعتماد وحدة التدريب بكلية التمريض الإسكندرية من جمعية القلب الأمريكية    "ولاد العم وقعوا في بعض".. 3 مصابين في معركة بالأسلحة بسوهاج    السعودية تعلن إطلاق موسم العمرة وبدء إصدار تأشيرات معتمري الخارج    محمد ثروت يدعو لابن تامر حسني بالشفاء: "يارب اشفه وفرّح قلبه"    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    لبنان.. قوتان إسرائيليتان تخترقان الحدود خلال ساعات    5 أطعمة تقوي قلبك وتحارب الكوليسترول    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    منتخب كوستاريكا يفوز على ترينداد وتوباجو في تصفيات أمريكا الشمالية المؤهلة للمونديال    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    متحدث الحكومة: معدلات الإصابة بالجذام في مصر الأدنى عالميًا    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الشرقية وأسوان    «فتح» تدعو الإتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد المخططات الإسرائيلية    أبو مسلم: أنا قلق من المدرسة الأمريكية الجنوبية.. وإنتر ميامي فريق عادي    ارتفاع الأسهم الباكستانية إلى مستوى قياسي جديد بعد إقرار الميزانية الجديدة    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    رياضة ½ الليل| صفقات الزمالك الأجنبية.. رحيل الشحات "راحة".. والسيتي يضم شرقي    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد بن بيلا‏..‏ وحديث ذو شجون

الجزائرية في القاهرة أسجل كلمات العزاء في وفاة الزعيم الجزائري والعربي الراحل أحمد بن بيلا‏,‏ جالت بذاكرتي موجات متلاحقة من الخواطر عن ذكريات ذات طابع شخصي مع الزعيم الراحل بنفس القدر الذي مرت أمام مخيلتي صور متتالية عما جسده الراحل الكريم من مكانة وأهمية ودلالة في مختلف مراحل عمره وفترات تطوره الفكري والثوري والسياسي والاجتماعي, الوطني والقومي والأفريقي والإسلامي والعالم ثالثي والإنساني.
كانت الجزائر هي أول بلد أسافر إليه خارج مصر في طفولتي المبكرة عام1964 وكان وقتها الزعيم الراحل بن بيلا رئيسا للجزائر الجمهورية والثورية, بل أول رئيس لها بعد الاستقلال, ومر أكثر من عقدين كاملين علي هذا التاريخ قبل أن ألتقي الرئيس الراحل, ولكن هذه المرة في مدينة جنيف السويسرية حيث كنت أبدأ دراستي العليا في العلوم السياسية بينما كان أحمد بن بيلا منفيا هناك بعد الإفراج عنه في الجزائر عام1980 وقبل السماح له بالعودة إلي وطنه من جديد في تسعينيات القرن العشرين.
كنت ومجموعة من الشباب العربي من مختلف الجنسيات نسعي دائما لكي نلتقي في مقهي أحد الفنادق بجنيف مع الزعيم بن بيلا ومعه عدد من الزعماء العرب المنفيين خارج بلدانهم آنذاك أذكر منهم السيد عبد الرحمن اليوسفي الذي صار لاحقا رئيسا للوزراء في المغرب الشقيق. وكان الاستماع إلي الزعيم بن بيلا والتحاور معه يحقق متعة فكرية واشباعا ثقافيا ويولد إعجابا متزايدا بهذه الشخصية الفريدة بدرجة من الصعب أن توفيها الكلمات حقها من الوصف الكمي والنوعي. لم يكن الراحل بن بيلا مجرد ثائر ومناضل, بل ومقاتلا, من أجل تحرير بلاده من الاستعمار أو حتي مجرد واحد من أبرز قادة حرب تحرير شعبية صارت منذ ذلك الوقت مضرب الأمثال علي الصعيد العالمي, كما لم يكن مجرد رئيس دولة تعرض لانقلاب ضده بواسطة أحد رفاقه المقربين بعد ثلاث سنوات فقط من الاستقلال, كذلك لم يكن أول ولا آخر رئيس دولة يتعرض للاعتقال أو الإقامة الجبرية لسنوات بلغت الخمس عشرة في حالته, ولم يكن أيضا أحد القادة التاريخيين لحركة التحرر الأفريقي, بل كان قبل ذلك وبعده إنسانا علي درجة متقدمة من الوعي الفكري والسياسي والقدرة علي ممارسة النقد الذاتي بشجاعة أدبية نادرة, وبالتالي كان صاحب إسهام فكري يتسم بالجدة والأصالة والعمق في آن واحد في تطوير الفكر الحضاري والسياسي العروبي والإسلامي, بل والإنساني.
لقد أحسن الرئيس الراحل بن بيلا توظيف سنوات الإقامة الجبرية في عدد من الأمور الإيجابية بدلا من أن يترك نفسه لليأس أو أن يكتفي بأن يدين من انقلبوا عليه أو وضعوه رهن الإقامة الجبرية. فمن جهة, أعاد قراءة واكتشاف الدين الإسلامي بحيث تعرف بشكل أكثر عمقا علي الدور والمضمون الحضاري لهذا الدين وادرك أبعادا جديدة تحريرية وتقدمية له لم تكن واضحة لديه من قبل حيث كان بعض معارضيه خلال فترة رئاسته للجزائر يرفعون رايات دينية بغرض تبرير مواقف سياسية بعينها. وبالتالي, فعندما خرج من إقامته الجبرية كان من رواد من بلوروا الطرح الذي بات يعرف باسم الإسلام الحضاري.
أما الوجه الثاني الذي أتاحت له سنوات الإقامة الجبرية فرصة المراجعة له فكان التوصل للقناعة بأن الديمقراطية التعددية هي الصيغة الأفضل ضمن ما هو مطروح علي الساحة العالمية لتوفير حقوق المواطنين وضمان تمتعهم بحريتهم, وذلك خلافا لما كان يسير عليه بن بيلا بالجزائر عندما كان رئيسا للجمهورية, وما كان شائعا في العالم الثالث بأسره حينذاك, من قناعة بأن فترة التحرر الوطني وبناء التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية يتطلب نظاما سياسيا يقوم علي أساس الحزب الواحد.
والأمر الثالث الذي استفاد في مجاله الرئيس الراحل بن بيلا من سنوات الإقامة الجبرية هو دراسة اللغة العربية والعمل علي إتقانها, حيث كان رحمه الله, مثله في ذلك مثل الكثير من الجزائريين, يعانون من آثار حملة الفرنسية التي سعت سلطات الاحتلال لفرضها علي الشعب الجزائري في محاولة لمحو هويته وثقافته العربية, وعندما حصل حريته رحمه الله كانت لغته العربية أفضل كثيرا من وقت تعرضه للإقامة الجبرية.
أما الأمر الرابع والأخير الذي سنذكره هنا في إطار الاستفادة القصوي للزعيم الراحل بن بيلا من سنوات الإقامة الجبرية فكان الاطلاع بشكل مستمر ومتعمق ليس فقط علي أحوال الجزائر أو حتي الدول العربية والأفريقية والإسلامية, بل أيضا علي تطورات العلاقات الدولية ذاتها, وفي الوقت ذاته دراسة مختلف المعارف المرتبطةبأوضاع المجتمعات الإنسانية من علم الاجتماع إلي الفلسفة إلي غير ذلك ما وسع من منظور رؤيته للأمور.
وكان لمصر مكانة خاصة دائما لدي الزعيم الراحل,ليس فقط نتيجة العلاقة العضوية غير القابلة للانفصام بين الثورتين المصرية والجزائرية ولا حتي بسبب العلاقة الحميمة التي ربطت بين الزعيمين الراحلين عبدالناصر وبن بيلا, ولكن لأنه كان يعتبر مصر وطنا له مثلها مثل الجزائر, ولذا كان من أوائل الأمورالتي حرص عليها بعد خروجه من الإقامة الجبرية أن يختار سكنا له في مصر وأن يكون هذا السكن في جوار رفيقي نضال قديمين له من مصر كان لهما دورهما في دعم مسيرة الثورة الجزائرية هما الراحل فتحي الديب والسيد محمد فائق. وعندما كنت رئيسا لجمعية المصريين في سويسرا في النصف الثاني من عقد التسعينيات من القرن الماضي كان الرئيس الراحل بن بيلا حريصا دائما علي تلبية كافة الدعوات لحضور فعاليات وأنشطة الجمعية مبرزا دائما أمام السويسريين والمصريين والعرب علي حد سواء مدي حبه لمصر واعتزازه بها.
المزيد من مقالات د.وليد محمود عبد الناصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.