علي هامش مشاركة وفد الباجواش المصري بمؤتمر تحويل الديمقراطية إلي واقع في الهند التقيت تي.اس. كريشنا مورثي الرئيس الأسبق للجنة الإنتخابات بعموم الهند وكان المسئول الذي طبق في عهده ولأول مرة الانتخاب الإليكتروني في البلاد وهو الأمر الذي يثير فخره. ولم لا فهو صاحب تجربة قيادة أكبر عملية إنتخابات ديمقراطية في العالم. فالحديث عن الهند يعني انك تتحدث عن زهاء مليار ومائتين مليون إنسان هم سكان هذا البلد.وهو ما يعني انك تتحدث عن أكبر دولة تطبق النظام الديمقراطي في العالم.فعدد الناخبين الهنود الذين يشاركون في التصويت يقدر ب715 مليون شخص وهو ما يفوق تعداد كامل سكان الولاياتالمتحدة وروسيا الاتحادية واستراليا معا. وعندما عرف السيد كريشنا مورتي اني قادم من مصر بلد الثورة وميدان التحرير أعرب عن إعجابه بالثورة المصرية وبما فعله المصريون واجرت معه الأهرام الحوار التالي: ما رأيكم في الثورة المصرية ؟ { إسمح لي في البداية ان أمدح مصر بوصفها الدولة صاحبة السبق في هذا الربيع العربي والتي بادرت بأن تأتي بالديمقراطية الحرة والعادلة لهذا البلد. إنه لأمر جيد ان توفرت لديكم في مصر القدرة علي الإطاحة بالنظام الأوتوقراطي( الإستبدادي)القديم بشكل عادل وفعال ايضا. الا اني لا أود لثورتكم ان تتشتت أو تتبدد خاصة بعدما رصدت بعض العلامات التي تشير الي ان حركتكم الثورية تتعرض لبعض العراقيل التي قد تعوقها عن المضي قدما. وكيف يمكن للثورة المصرية أن تتجنب العراقيل ؟ { أولا: عليكم أن تضعوا دستوركم الجديد في أقرب وقت ممكن.فبعض الدساتير تعد أفضل كثيرا من عدم وجود دستور للبلاد.فوجود الدستور يعني وصول الأمور الي نهايتها.فبمجرد وجود الدستور يمكنكم ان تحسنوا منه علي مدي فترة زمنية أطول.فالديمقراطية وحدها لا يمكنها أن تكون الديمقراطية الكاملة ولا يمكن أن تصل الي أفضل مستوياتها بين يوم وليلة. الديمقراطية هي عملية متدرجة ولكنها تتطلب في ذات الوقت ان تكون هناك رقابة علي السلطات الممنوحة للمجموعة الحاكمة.والدستور هو الذي سيساعدكم في هذا الأمر. وثانيا أود ان أتحدث عن النظام الانتخابي الذي سيطبق لديكم.فغالبية الدول وخاصة تلك الدول التي كانت مستعمرات بريطانية سابقة غالبا ما تطبق نظم انتخابية موروثة مثل نظام الفوز بأغلبية الأصوات أو الأغلبية البسيطة. وهنا أود أن أشير الي ان هذا النظام يصلح في حالة الدول التي ينتمي أغلب الشعب فيها الي طبقة معينة.أما في دول مثل الهند ومصر حيث تظهر التعددية بوضوح ينبغي ان يكون هناك نظام مختلف عند إجراء الإنتخابات.وبالتالي أقترح أن نتبني نظام انتخابي لا يسمح بنجاح المرشح الا بعد التأكد من حصوله علي نصف(50%) من أصوات الناخبين في الدائرة. وثالثا أعتقد أن الديمقراطية تتطلب الكثير من اللاعبين من خارج الحكومة.بل ومن خارج المجتمع المدني ومن خارج دائرة الإعلام.فالأمر يتطلب الكثير من الترتيبات المؤسسية والكثير من المؤسسات التي سيكون عليها تنظيم السياسة والاقتصاد والإعلام.. الخ في البلاد. ولذلك فبامكانكم في مصر أن تقيموا هيئات تنظيمية خلال مدة زمنية ممتدة تكون مهمتها هي مراقبة ومتابعة الساسة والبيروقراطيين.فحتي البيروقراطية يمكن أن يكون التعامل معها صعب جدا في بعض الأوقات. وبالتالي عليكم ان تضعوا في دستوركم ما يؤسس لنظم رقابية وتنظيمية للبنوك وللإعلام ولشركات التأمين ولأسواق المال.. الخ وبالتالي يمكنكم إقامة تلك المؤسسات التنظيمية والرقابية بشكل تدريجي حتي يمكنها أن تعمل في وقت واحد ومتزامن. في إعتقادك ما هو أفضل نموذج للسلطة ؟ { ينبغي الا تتركز السلطة في يد أي شخص أو حتي في يد مجموعة صغيرة من الناس( حزب واحد).فغالبية الأنظمة السياسية الحاكمة,سواء كانت دول ملكية أو رأسمالية أو شيوعية أو حتي الديمقراطية,تشترك جميعا في سعيها لتركيز السلطة في يد قلة صغيرة.وبالتالي فعلي نظامكم أن يبحث عن نظام يكفل المشاركة في السلطة. فعلي سبيل المثال يجب أن تتاح للقري مساحة أكبر من السلطة مقارنة بالحكومة الفيدرالية.وعلي الأقل يجب أن تكون سلطة تقديم القروض والمساعدات ممنوحة لحكومة القرية ولحكومة الولاية وللمحليات, فالمركز يجب أن يقوم بالرقابة والتنظيم فيما يختص بأمور معينة فقط وبالتالي سيكون لدينا نظام تلعب فيه القرية أو البلدة أو المدن الصغيرة أو حتي المؤسسات دورا هاما في البيئة الديمقراطية. سيكون لمصر برلمان جديد وسيتولي بأمر تشكيل لجنة تأسيسة لوضع الدستور الجديد.فمن وجهة نظرك ماهي الطريقة المثلي لتشكيل تلك اللجنة ؟ أقترح عند تشكيل اللجنة التأسيسية أن تضم الكثير من الشخصيات المستقلة من الرجال والسيدات أصحاب المقام الرفيع ممن خدموا قضايا وطنكم.وقد تضم نصف اللجنة شخصيات حزبية أما النصف الباقي فينبغي ان يضم أشخاص من غير الساسة. ويمكن الإستعانة بمجموعة من المستشارين والفقهاء الدستوريين وهم متوفرون محليا وفي انحاء العالم ويجب الا تخشوا من الإستعانة بهم فالكثير من الدول لديها خبراء دستوريين.فليكن لديكم4 او5 منهم لتقديم المشورة للجنة التأسيسية.فعلي سبيل المثال يمكنهم أن يقدموا المشورة فيما يتعلق بكيفية عمل اللجنة وبالمناطق التي يتم بنائها في الدستور..الخ, وبالتأكيد لايحصل المستشارين علي حق التصويت عند اتخاذ القرارات داخل اللجنة فمهمتهم تنحصر في تقديم النصح والمشورة فقط. ولكن اللجنة التأسيسية ذاتها يجب أن تتشكل من أصحاب المقام الرفيع. ولدينا في الهند الكثير من المحامين والكثير من الشخصيات العامة ولم يكونوا أعضاء سياسيين لديهم انتماءات حزبية, وهناك زعماء دينيين وأشخاص معتدلين. فالإستعانة بالمعتدلين أمر هام لأن المتطرفين دائما ما يسعون الي فرض وجهات نظرهم علي الأخرين. عليكم بالمعتدلين أصحاب الرؤي الليبرالية فالديمقراطية لا تعيش الا في وجود آداء إقتصادي جيد وبالتالي فعليكم ان توائموا بين مصالح تنافسية متعددة.... وفي النهاية أود أن أكرر سارعوا بوضع الدستور.. سارعوا بوضع الدستور. [email protected]