عندما يمر الإنسان بفترة أزمة واضطراب ويحيد عن طريق النجاح والفلاح فإنه يبحث عن الطريق السليم ليعود إليه. وقد يرتكن فى بحثه عن هذا الطريق, بعد الاتكال على خالقه, إلى خبراته الشخصيةاستنادا الى المثل القائل "ماحك جلدك مثل ظفرك", وهناك من يرتكن الى طلب العون من الآخريناستنادا إلى أن "يد الله مع الجماعة", وهناك من يسعى الى التعرف على خبرات من سبق لهم وانسلكوا ذات الطريق عندما مروا بفترات من الأزمات والاضطراب مماثلة لتلك التى يمر بها. ومنذ وقت قصير كنت مشاركا فى مؤتمر بالهند تلك الدولة التى توصف بالقارة من فرط ضخامةمساحتها بالإضافة الى كبر تعداد سكانها الذى يقدر 1200 مليون نسمة (أى مليار ومائتين مليونإنسان). واسعدنى حظي ان قابلت تى.أس.كريشنا مورتى الرئيس الأسبق للجنة الانتخابات بعمومالهند. وهو المسئول الذي طبقت فى عهده ولأول مرة طريقة الانتخاب الإليكتروني فى البلادوعندما تجاذبت أطراف الحديث معه اشار الى تجربته فى قيادة اكبر عملية انتخابات ديمقراطية فيالعالم. وهى حقيقة لا شك فيها. فعدد الناخبين الهنود (715مليون شخص) يفوق تعداد كامل سكانالولايات المتحدةوروسيا الاتحادية واستراليا معا, أو مجموع سكان دول الإتحاد الأوروبى ال27مضافا اليها سكان روسيا هذا بالطبع مع الأخذ فى الإعتبار ان الصين لا تأخذ بنظام الانتخاباتالديمقراطي حتى الأن. وعندما عرف كريشنا مورتى أنى قادم من مصر بلد الثورة وميدان التحرير أكد لى إعجابه بالثورةالمصرية وبما فعله المصريين مؤكدا ان له 3 ملاحظات نابعة من خبرته السابقة فى مجال الإشرافعلى جانب هام من جوانب العملية الديمقراطية يقصد به الانتخابات فى بلاده الهند. الأولى هي أهمية الإسراع بوضع دستور للبلاد انطلاقا من أن دستور بالبلاد خير ألف مرة من بلد بلادستور. والثانية تتعلق بأهمية أتباع نظم انتخابية مختلفة عن تلك المتبعة في الدول الغربية وتحديدا فيبريطانيا التي كانت تستعمر كل من الهند ومصر. فهو يرى إن بمصر والهند جماعات مختلفة لهامصالح متضاربة في بعض الأحيان وبالتالي فمن المفضل أن يطبق نظام انتخابي لا يسمح بنجاح أيمرشح إلا بعد التأكد من حصوله على تأييد أكثر من 50% من الناخبين. والثالثة والأخيرة فتتعلق باحتياج العملية الديمقراطية لمشاركة الكثير من الأطراف من خارج نطاقالحكومة بل ومن خارج نطاق جمعيات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية. فهو يشير إلى أهمية وجود الكثير من المؤسسات والهيئات من خارج الدوائر سالفة الذكر تكونمهمتها الرئيسية هي تنظيم ومتابعة أداء القطاع السياسي والإقتصادى. وعندها شكرت الرجل على نصائحه وخاصة تلك النصيحة الأخيرة مؤكدا له ان بمصر المئات منالجهات التنظيمية والرقابية منذ عقود ولكنها "آفة" النفاق والتواكل والكسل التي استشرت فيها علىمر السنوات إلى أن فقدت مصداقيتها في البداية قبل أن تفقد دورها تماما بل ومبرر وجودها وهو ماأجبر الشعب على الثورة في النهاية. فثورة 25 يناير 2011 كانت ثورة قام بها الشعب لتخليص بلادهونفسه من "ائتلاف الأمراض الاجتماعية" المتمثل في الفساد والنفاق والتواكل والكسل والإهمالوالمهانة والظلم. المزيد من مقالات طارق الشيخ