وزير الاتصالات: مصر تتصدر إفريقيا في سرعة الإنترنت مع الحفاظ على الأسعار في متناول المواطنين    وزير الاتصالات: ارتفاع الصادرات الرقمية إلى 7.4 مليار دولار وخطة لمضاعفة صادرات التعهيد    مفاجأة سارة من رئيس الجمارك للمستودين بشأن تطبيق «ACI» على الشحنات الجوية    المتحدث باسم الحكومة: الأعوام المقبلة ستشهد تحسنا في معدلات الدخل ونمو ينعكس على المواطنين    رئيس الوزراء: خطة واضحة لخفض الدين الخارجي إلى أقل من 40% من الناتج المحلي الإجمالي    فنزويلا ترافق ناقلات النفط بسفن حربية لمواجهة الضغوط الأمريكية    فلسطين.. مروحيات الاحتلال تطلق نيرانها شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة    العراق: التوسع في الرقعة الزراعية مع هطول أمطار غزيرة    سفير الهند لدى سلطنة عمان: العلاقات الاقتصادية تشكل دعامة قوية للشراكة بين البلدين    رئيس بلدية خان يونس: الأمطار دمرت 30 ألف خيمة بغزة ونقص حاد في المستلزمات الطبية    اسكواش - بالم هيلز تستضيف بطولة العالم للرجال والسيدات في مايو المقبل    كأس الرابطة الإنجليزية - نيوكاسل يواصل حملة الدفاع عن لقبه بفوز قاتل على فولام    سفير مصر بالرباط يستقبل بعثة المنتخب الوطني بمدينة أغادير استعدادا لكأس أمم أفريقيا    أمم إفريقيا - البطل يحصد 7 ملايين دولار.. الكشف عن الجوائز المالية بالبطولة    مصرع عامل تحت تروس الماكينات بمصنع أغذية بالعاشر من رمضان    إصابة 11 شخصاً فى حادث تصادم سيارتين ب بدر    استنفار كامل للأجهزة التنفيذية والأمنية بموقع انهيار عقار غرب المنيا    وزير الثقافة يعزز الشراكة مع متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني.. صور    بصورة تجمعهما.. محمد إمام ينهي شائعات خلافه مع عمر متولي بسبب شمس الزناتي    أبناء قراء القرآن يتحفظون على تجسيد سيرة الآباء والأجداد دراميًا    وائل فاروق يشارك في احتفالات اليونسكو بيوم اللغة العربية    نوبات غضب وأحدهم يتجول بحفاضة.. هآرتس: اضطرابات نفسية حادة تطارد جنودا إسرائيليين شاركوا في حرب غزة    إصابة نورهان بوعكة صحية أثناء تكريمها بالمغرب    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    جامعة الإسكندرية تستقبل رئيس قسم الهندسة الحيوية بجامعة لويفل الأمريكية    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    اندلاع حريق في حظيرة ماشية بالوادي الجديد    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    السلاح يضيف 7 ميداليات جديدة لمصر في دورة الألعاب الإفريقية للشباب    رسميًا.. إنتر ميامى يجدد عقد لويس سواريز حتى نهاية موسم 2026    الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير    وزير الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتميز للفائزين بمدينة بني سويف الجديدة    نجوم الفن فى عزاء إيمان إمام شقيقة الزعيم أرملة مصطفى متولى    نتنياهو يعلن رسميًا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر بمبلغ فلكي    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    وكيل تعليم القاهرة في جولة ميدانية بمدرسة الشهيد طيار محمد جمال الدين    إصابة شخصين في حادث تصادم 3 سيارات أعلى الطريق الأوسطي    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    حين تغرق الأحلام..!    بين الحرب والسرد.. تحولات الشرق الأوسط في 2025    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    أشرف فايق يكشف حقيقة دخول عمه محيي إسماعيل في غيبوبة بسبب جلطة بالمخ    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    ريال مدريد يبدأ رحلة كأس ملك إسبانيا بمواجهة تالافيرا في دور ال32    اليونيفيل: التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق    مانشستر سيتي يواجه برينتفورد في مباراة حاسمة بربع نهائي كأس الرابطة الإنجليزية 2025-2026    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    ضبط 8 متهمين في مشاجرة دندرة بقنا    سعر طن حديد التسليح اليوم الأربعاء 17 ديسمبر في مصر    طوابير أمام لجان البساتين للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات مجلس النواب    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روسيا تتجه شرقا لتشكيل تحالفات إعلامية
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 07 - 2015

كان الرئيس فلاديمير بوتين اول من تلقف فكرة الاكاديمي الراحل يفجيني بريماكوف التي اطلقها في نهاية تسعينيات القرن الماضي حول ضرورة"التوجه شرقا"، سعيا وراء الحد من سطوة وهيمنة عالم القطب الواحد، وبناء عالم متعدد الاقطاب.
ولذا فقد كان من الطبيعي ان يواصل بوتين خطواته الرامية الى دعم امن بلاده من خلال تشكيل التحالفات المشتركة مع من يشاطره الفكر والتوجه، والتي اراد أخيرا تعزيزها بمؤسسات اعلامية تكفل حماية بلاده وحلفائها من اخطار المعلومات الموجهة، وتساعده على احتواء "تحركات الطابور الخامس" في الداخل الروسي.
وكانت الازمة الاوكرانية واشتعال الحرب الاعلامية عقب اندلاع هذه الازمة، كشفت عن حاجة روسيا الى سياسة اعلامية جديدة تراعي المتغيرات التي تموج بها المنطقة في ظل تصاعد الضغوط الغربية واستمرار الادارة الامريكية في محاولاتها الرامية الى الاطاحة بالرئيس بوتين ونظامه اعتمادا على منظمات المجتمع المدني، ومن خلال الصحف والقنوات الاعلامية المحلية ذات التوجهات المعارضة التي باتت اشبه ب"حصان طروادة" داخل المجتمع الروسي. واذا اضفنا الى كل ذلك تصاعد حدة العداء الشخصي بين الرئيس الامريكي باراك اوباما، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي اعترفت الادارة الامريكية صراحة بالوقوف وراء مخططات الاطاحة به، فضلا عما اعلنته الدوائر الغربية من توجهات صوب تبني "الحرب الاعلامية" واعتمادها كواحد من امضى اسلحة الحرب الباردة، بديلا للمواجهة المسلحة التي تقف متغيرات العصر ضد اي محاولات اشعالها في القارة الاوروبية، فاننا نكون عمليا امام مخطط مكتمل الاركان، صارت موسكو تدرك اكثر من ذي قبل ضرورة التصدى له، والعمل علي ايجاد البدائل اللازمة لمواجهته.
من هذا المنظور كان من الطبيعي ان تبدأ موسكو بالتركيز على معالجة اوضاع الداخل واتخاذ ما يلزم من قرارات تستهدف ضبط ايقاع التحركات الاعلامية، واحكام قبضتها على خيوط اللعبة، بما يتسق مع ما سبق واتخذه بوتين من قرارات لترتيب البيت من الداخل والتخلص من ابرز ممثلي الطابور الخامس من رموز اللوبي اليهودي الصهيوني الذي كان فرض هيمنته الاعلامية والسياسية على صانعي القرار في الكرملين طوال تسعينيات القرن الماضي. وكان بوتين استهل فترات حكمه في مطلع القرن الحالي بالتركيز على مواجهة العديد من المشاكل الداخلية التي طالما وقفت الدوائر الغربية وراء تأجيجها، ومنها سيطرة رجال المال والاعمال على مقاليد الادارة في الكرملين في اطار تزاوج الثروة مع السلطة، بما فرض لاحقا المواجهة مع اصحاب "الامبراطوريات الاعلامية" التي طالما كانت "دولة داخل الدولة ". وما ان فرغ بوتين من تصفية حسابته مع رموز ذلك العهد حتى عاد وتحول لاحقا مع بداية فترة ولايته الثالثة الى احكام قبضته على "ادوات العصر"، وفي مقدمتها الانترنتومواقع التواصل الاجتماعي ومنظمات المجتمع المدني من خلال ترسانة القوانين التي استصدرها مجلس الدوما وشملت ما تسمى ب"الصحافة المستقلة" واجهزة الاعلام التي يجري تمويلها من الخارج، فضلا عما اصدره مجلس الدوما من تشريعات في نهاية العام الماضي تتعلق بتقليص حصة الشريك الاجنبي في المؤسسات الاعلامية الروسية حتى 20% ، بهدف الحد من النفوذ والهيمنة الغربية في الساحة الداخلية الروسية ومواجهة محاولات تنفيذ الخطط التي كانت ولا تزال تضمرها واشنطن في اطار ما يسمى ب"الثورات الملونة" و"حرب المعلومات" في بلدان الفضاء السوفيتي السابق. ويقضي القانون الصادر بهذا الشأن بحظر تملك المستثمرين الاجانب والهيئات والمؤسسات الدولية لاكثر من 20% من اسهم الشركات والمؤسسات الاعلامية الوطنية الروسية. واذا كانت هذه التشريعات والقوانين تبدو وقد اقتصرت على شئون الداخل، فان ما عاد الكرملين وطرحه على شركائه من اعضاء التحالفات والتنظيمات الاقليمية والعابرة للقارات مثل "بريكس" و"شنغهاي" و"التحالف الاورواسيوي" من اقتراحات حول "الفضاء الاعلامي الموحد" يمكن ان يكون خطوة بالغة الاهمية ابعد مدى واوسع اطارا، على طريق الحد من سطوة وهيمنة الوكالات الغربية التقليدية التي تستأثر عمليا ب 80% من حجم ما يتداوله العالم من اخبار وتعليقات صحفية، ومنها "اسوشيتد برس" و"رويتر" و"فرانس برس"، وغيرها من القنوات التليفزيونية وكبريات الصحف والمجلات الغربية. ويذكر المراقبون ان الرئيس بوتين وقف في موسكو وراء اطلاق وكالة "سبوتنيك" سلاحا إعلاميا في حربه مع البيت الأبيض، قبل ان يعود الى حلمه القديم الذي عاد ليناقشه مع شركائه في اوفا عاصمة بشكيريا بشأن ضرورة تقديم العالم "بعيون جديدة بعيدا عن معايير عالم القطب الواحد"، ليخلصوا الى اتخاذ قرارهم حول انشاء منظومة اعلامية جديدة ناطقة بالانجليزية مدعوة لان تكون واجهة اعلامية لبلدان منظمة "بريكس"، التي تضم كلا من روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا.
وكان الرئيس بوتين سبق واشار في أحد أحاديثه الصحفية على هامش "قمة العشرين" في نوفمبر من العام الماضي الى الحرب المعلنة وغير المعلنة من جانب الولايات المتحدة ضد روسيا، من خلال ما تفرضه من عقوبات اقتصادية، وما تمارسه من ضغوط سياسية، وما تشنه ايضا من حروب اعلامية عبر ما تملكه من وسائل الاعلام المحلية والعالمية، الامر الذي يفسر الكثير من القرارات الصادرة عن القمة الاخيرة لمجموعة بلدان "بريكس" في اوفا ومنها انشاء منظومة "بريكس" للاعلام. وكانت المصادر الرسمية الروسية سبق وانتقدت بشكل غير مباشر سقوط معظم وسائل الاعلام في البلدان الاجنبية وخاصة النامية منها بطبيعة الحال في شرك استقاء معلوماتها عن روسيا والعالم، من المصادر الغربية بالدرجة الاولى، فضلا عن انها قَلً ما توفد مراسليها على اساس دائم الي البلدان الشرقية بما في ذلك روسيا والصين والهند، لتسقط عن غير عمد فريسة المنتج الاعلامي الغربي الذي سبق واشرنا الى انه يقدر عمليا بنسبة 80% من المنتج الاعلامي العالمي. ومن المعروف ان هذا المنتج الاعلامي يعتمد اليوم في معظمه على الاخبار الصادرة عن روسيا او عن علاقاتها مع العالم الخارجي، عبر وكالات"اسوشيتد برس" الامريكية التي سوف تحتفل بعد عامين بالذكرى السبعين بعد المائة لتأسيسها، و"رويترز"البريطانية التي يتداولون اخبارها في 130 بلدا من خلال 19 لغة، و"فرانس برس" الفرنسية الواسعة الانتشار، و"د.ب. ا." الالمانية التي تستأثر ب95% من حجم ما تتناقله وسائل الاعلام الالمانية من اخبار وتعليقات.
ونذكر بهذه المناسبة ان دميتري كيسيليوف المدير العام لوكالة "سبوتنيك" الاعلامية الروسية كان اشار في معرض تفسيره لاسباب انشاء هذه الوكالة الى ان موسكو تقف مناهضة لكل الاشكال الدعائية الغربية التي "يقتات" عليها العالم، وانها تريد بطبيعة الحال تقديم "التفسير البديل". واضاف كيسيليوف ان ما سوف تقدمه "سبوتنيك" سيكون " منتجا إعلاميا متميزا خاليا من الفبركة، ويتسم بأكبر قدر من الموضوعية والأمانة التي يحتاجها العالم، وما يعد محاولة لمواجهة سيل الأكاذيب والافتراءات التي تتدفق من مواقع القطب الواحد. ويبدو العالم وقد سئم تكرار محاولات ترويجها وفرضها؛ ولذا، فإن ما سوف يتلقاه المشاهد أو المستمع أو القارئ سيكون من إعداد الصحفيين العاملين في بلادهم، وبما يتلاءم مع احتياجات هذه المناطق المتفرقة من العالم"، وهو ما يظل حتى اليوم في اطار الامنيات بسبب ما يعتري نشاط الوكالة الجديدة من قصور نسبي يتعلق في معظمه بالكوادر المهنية.
على ان ذلك لا يعدو "هنًات" سرعان ما سوف يتجاوزها الزمن، على ضوء تصاعد الضرورات والمتغيرات الجديدة التي تفرض على موسكو اليوم شحذ الجهود من اجل اقامة صرح اعلامي جديد يكون ممثلا لطموحاتها وحلفائها نحو مستقبل اكثر رحابة، باعتبارها قاطرة التكامل في كل التشكيلات والتحالفات الجديدة. ومن اللافت بهذا الشان ان الحديث حول التكامل الاعلامي لا يخلو من اشارات صوب اعتبار ذلك مقدمة لبناء الثقة بين شعوب هذه التكتلات الجديدة على طريق تنفيذ الاستراتيجية الجديدة صوب تعزيز العلاقات بين اطراف هذه التحالفات في مختلف المجالات الاخرى، وفي مقدمتها العلاقات الانسانية والثقافية بكل تنوعاتها، جنبا الى جنب مع العلاقات السياسية والاقتصادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.