يتجه أغلب المثقفين في مصر إلي المطالبة بأن تتضمن التعديلات الدستورية الجديدة إلغاء شرط تخصيص نسبة50% للعمال والفلاحين في مقاعد البرلمان المصري بغرفتيه الشعب والشوري. ويستند هذا الطلب إلي أن وجود هذه النسبة من غير المثقفين في البرلمان سوف ينعكس بالسلب علي مستوي الأداء البرلماني. وتتلخص أهم المبررات التي تدفعنا إلي المطالبة بالابقاء علي هذه النسبة فيما يلي: 1 إن هذه النسبة تتناسب وتتكافأ, حقا وعدلا مع قوي العمال والفلاحين في مصر, وهي تمثل الوزن النسبي لهذه القوي داخل المجتمع. هذا علي الأقل من حيث الثقل الاجتماعي.. أما من حيث العطاء, فهي تفوق قطعا ماتقدمه غالبية الأحزاب التي تتصارع علي مقاعد البرلمان بينما البعض منها لم يقدم لمصر غير الانقسامات والتشرذم ووعود وكلمات ليست كالكلمات. وتجدر الإشارة إلي ان احد اسباب قيام ثورة يوليو1952 كان يتمثل في مواجهة فساد التمثيل النيابي في مصر, والذي كان يقوم علي احزاب متنازعة متناحرة قصم معظمها ظهر مصر, وشق صفوفها, وشتت جهودها, ونكب ابناءها, فغاب أي أمل في نهضة حقيقية, فكان ان تصدت لها الثورة وحلتها وحاكمتها وآلت أموالها إلي الشعب المصري. 2 إن الصلة وثيقة بين الأوضاع الاقتصادية وبين العمليات الانتخابية, وقد بان جليا ان الاقوي ماليا يستطع ان يسيطر ويهيمن ويوجه المعارك الانتخابية ويحدد مصيرها, وهذا ومع طوفان من الأموال تنهمر من هنا ومن هناك علي العمليات الانتخابية شئنا أو ابينا فإنه لا أمل في أي تمثيل حقيقي للعمال أو للفلاحين, فهم الأضعف اقتصاديا, وبالتالي يصبح الحديث عن إقامة حياة برلمانية وتمثيل نيابي سليم هو مجرد خديعة مضللة للشعب. 3 انه وإذا كان المستوي العلمي مطلوبا في التمثيل البرلماني فإن المطلوب في اعضاء المجالس النيابية ليس العلم المتخصص, لكن الثقافة العامة وسعة الافق والقدرة علي المجالس النيابية عن المصالح والاحاطة بالخطوط العامة. ومع ذلك وهو مانؤكد أهميته فإنه يمكن التغلب علي هذه السلبية عند وضع تعريف للعامل والفلاح وتحديد الشروط اللازمة للترشح, مع التصدي للسلبيات التي ظهرت عند التطبيق العملي, والتي اساءت للنظرية لكن هذا مجاله يكون في القانون وليس إلغاء المبدأ عند تعديل الدستور. 5 وأخيرا فإن الأحوال في مصر ولعقود مقبلة لاتحمتل المزيد من الانقسامات والفتن, فلا ينبغي والحال كذلك هز الاستقرار, وتفكيك الترابط الاجتماعي, واستثارة غالبية الشعب المصري وتأليب طبقاته, بل يجب تشجيعها حتي تقدم علي الاستفتاء الشعبي المقرر إجراؤه علي التعديلات الدستورية. لذا فإننا نري أن الافضل ترك هذا الأمر لمرحلة زمنية تالية, أخذا في الاعتبار أننا إذا اجرينا معاملا احصائيا لمعدل التغيرات الدستورية في مصر, لتبين أنه يتم تعديل الدستور بمعدل مرة كل8 سنوات, حيث تم خلال ال90 عاما الأخيرة بداية في دستور1923 اجراء12 تعديلا دستوريا بما فيها تعديلات اعوام1980 و2005 و2007 ثم التعديلات الأخيرة.