منذ مدة قصيره سمعنا عن تهديد الفلاحون بعدم زراعة القطن مرة أخرى ، بسبب عزوف الشركات المحلية عن شراء القطن المصري وتدني نسبة الطلب العالمي عليه إلى 3% مما كدث القطن لدي الفلاحين لعدم استطاعتهم تصريفه وتسويقه وذلك بعد استدانتهم لتغطية التكاليف الباهظة، التى تنفق على الفدان. مصانع النسيج فى مصر تعتمد على القطن قصير التيلة المستورد وليس القطن طويل التيلة الذي يزرع بمصر لسبب بسيط وهو أن سعر طن القطن قصير التيلة يقدر بحوالي 600 جنيه، بمعنى أنه أقل من نصف سعر طن طويل التيلة المصري، الذي بيع الطن منه العام الماضي ب 1300 جنيه .ولذا تدخلت الحكومة وقتها واشترت القطن طويل التيلة من المزارعين بمبلغ ال 1300 جنيه للطن، واعتقدت حينها ان الحكومة تعمل على دعم القطن المصري كما هو معمولا به في الدول الاجنبية لكنني كنت أشك في اعتقادي هذا لأن الحكومة بدأت في اعتماد سياسة تخفيض الدعم على الكهرباء والبنزين تمهيدا لإلغاءه على مدار السنوات المقبلة ، ولذا لا يمكن إقدامها على تقديم كل هذا الدعم سنويا للقطن وجاء قرار الإدارة المركزية للحجر الزراعي بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بوقف استيراد الأقطان من جميع مناطق الاستيراد العالمية لكافة الجهات والشركات، مع استثناء الرسائل المشحونة قبل 4 يوليو الجاري ليقطع الشك باليقين لدي وقالت وزارة الزراعة أن القرار يستهدف حماية الإنتاج المحلي من القطن وحل مشاكل تسويقه، وأنها تعمل حالياً على وضع اللمسات الأخيرة بالخطة الخاصة بحل جميع مشاكل القطن، بجانب إعادة تأهيل مصانع الغزل والنسيج لاستيعاب القطن المحلي وتحويله إلى صناعات تغطي الإنتاج المحلي وتعطي للمنتج قيمة مضافة.
ولكن الحقيقة ان ما اعطته الحكومة باليمين للفلاحين تعمل حاليا على ان تاخذه بالشمال من شركات ومصانع الغزل والنسيح المحلية وطبعا هم بدورهم سيحملونه على المواطن الغلبان في رفع اسعار الملابس الجاهزة . وهناك احتمال آخر وهو أن تلجأ شركات ومصانع الغزل والنسيح المصرية إلى شراء الأقمشة المستوردة وبهذا لا يحققوا للحكومة مرادها في شراء القطن طويل التيلة المصري المكدث وستزيد أسعار الملابس الجاهزة ايضا في هذه الحالة لأن أسعار الأقمشة المستوردة سعرها أعلى مرارا من سعر القطن الخام المستورد . وأميل إلى تصديق لجوء الشركات والمصانع المحلية لشراء الأقمشة المستوردة أكثر من شراءهم للقطن طويل التيلة المكدس لأن المصانع المصرية تعتمد على انتاج القطن قصير التيلة ولن تتكلف عبئ تغيير إعادة تأهيل مصانعها وتدريب عمالها لإنتاج القطن طويل التيلة وتتحمل فوقها فرق سعر القطن المحلي عن المستورد الذي يصل إلى الضعف ، عوضا عن اختيار بديل شراء الأقمشة المستوردة .
صحيح ان القطن المصري ليس له مثيل في الجودة على مستوى العالم ولكن نحن أمام أمر واقع فالطلب علي القطن المصري طويل التيلة نظرا لارتفاع تكلفة زراعته ضئيلا للغاية ، فالطلب العالمي عليه لا يتعدى 3% من اجمالي الطلب على باقي الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة ؛ إذا الحل ان الحكومة طالما لن تقدم دعم حقيقي للقطن المصري فعليها ممثلة في وزارة الزراعة مساعدة المزارعين على التوسع في زراعة القطن قصير ومتوسط التيلة ولكنها عوضا عن ذلك وتماشيا مع المثل الشعبي المعروف " نقول ثور يقولوا إحلبوه " فوزارة الزراعة قامت بزراعة 250 الف فدان ينتج مليون و750 الف قنطار قطن طويل التيلة !! [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي