بمجرد صدور حكم محكمة الجنايات بإحالة أوراق الرئيس المعزول «مرسي» و122 آخرين من قيادات الجماعة الارهابية الى مفتى الجمهورية، فى قضايا جنائية بحتة «والمسماة اعلاميا» باقتحام السجون والتخابرمع جهات ومنظمات خارجية، حتى سارعت بعض الدول وفى مقدمتها تركيا وإيران والاتحاد الاوروبى وآخرين، بأنتقاد الحكم الجنائى بعبارات قاسية وإتهامه «بالتسييس» وهو أمر متوقع حتى قبل صدور الحكم، من هذه القوى والتحالفات الدولية لاعتبارات مصالح خاصة بها فقط، دون الاعتبار الى ان المحكمة ظلت 16 شهرا لنظر هذه القضية ووفرت كل الضمانات لاجراء محاكمة عادلة للمتهمين، لادراكها برد الفعل من هذه القوى التى لاتريد خيرا للشعب المصري.. بل أجزم أنه حتى لو جاء الحكم مخففا لصدرت نفس البيانات طالما كانت الاحكام القضائية لا تعبر عن رغباتها وأهدافها ..
وحول هذه الاتهامات المرسلة والفريات المغرضة لهذه الدول والتحالفات ومنها الاتحاد الأوروبى ضد القرارات القضائية التى صدرت السبت الماضى يرد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولى العام قائلا إن هذه القوى اتخذت موقفا معاديا لارادة الشعب المصرى منذ بداية ثورتى 25 يناير و30 يونيو واتهامها بعد الحكم على قيادات الإخوان للمشرع المصرى بسن تشريعات قاسية عقوبة الاعدام»، فالمشرع المصرى نائبا عن الشعب المصرى هو الذى سن هذه القوانين والتشريعات لتلبية حاجة مجتمعية مشتركة، وهنا فقد أقحم الاتحاد الاوروبى آنفه فى شأن داخلى محض للدولة ذات السيادة والسلطان، خارقا بذلك أقدم الأعراف العالمية منذ ابرام معاهدة «ويستفاليا عام 1648» وهوسيادة الدول، وتنظيم مرفق القضاء فى أى دولة ذات سيادة هو شأن داخلى محض تنظمه الدولة وتحدد ولايته واختصاصه وتضمن إستقلاله فى دستورها وتشريعاتها المختلفة، ودون أية أملاءات أوضغوط أجنبية، فالمساواة بين الدول كبيرها وصغيرها، يمنع سائر الدول من التدخل فى شأن داخلى محض، باستثناء حالة حصرية وهى حالة انكار العدالة، والتى تخرج عن الحالة المصرية الحالية تماما. اتهامات المعزول وجماعته جنائية ويضيف الدكتور أيمن سلامة أن جميع المتهمين من جماعة الاخوان المسلمين ومن بينهم الرئيس «المعزول شعبيا» المتهم محمد مرسى لم توجه لهم أية اتهامات سياسية حيث إن الاتهامات الجنائية والأحكام الجنائية التى صدرت بحقه لم تتضمن اتهاما سياسيا واحدا، فلم تنتهك الهيئة القضائية آية أتفاقية دولية لحقوق الانسان، فضلا عن أن الصفة الرسمية لأى متهم لا تحصنه أمام المحاكم الجنائية بموجب الدستور المصرى والدساتير الأجنبية، اختصاص مصر الدولة صاحبة السيادة بالتشريع هو اختصاص مطلق، حيث تصدر الدولة السيدة التشريعات والأنظمة المناسبة والضرورية لتنظيم شئونها والمحافظة على كيانها وسيادتها، لذا فتضمين أو عدم تضمين عقوبة الاعدام فى النظام التشريعى المصرى هو شأن سيادى داخلى مصرى أصيل ومحض وحصري، مادام لم يتعارض مع القانون الدولي. ولايوجد ميثاق فى القانون الدولى العام أو القانون الدولى لحقوق الانسان يحظر على مصر الدولة السيدة أن تضمن عقوبة الاعدام ضمن تشريعاتها الوطنية، طالما تغيى المشرع المصلحة المجتمعية المشتركة للجماعة المصرية فضلا عن أن السلطة القضائية فى مصر كسائر دول العالم لا تطبق الا التشريعات المختلفة التى تصدر عن البرلمان المصري، أى أن الاختصاص الجنائى للدولة ذات السيادة - مصر - وممارسة الدولة له يعد المظهر الأهم لسيادة الدولة على إقليمها، حيث إن الجرائم الجنائية تخل بالنظام العام فى الدولة، لذا فالاختصاص الإقليمى لمصر تستأثر به دون تدخل أو أقحام للنفس من أية دولة أجنبية أخري، ولقد سمحت مصر ولاتزال تسمح للسفراء والقناصل للدول الأجنبية بحضور المحاكمات الوطنية للمتهمين الأجانب فى مصر ومنهم على سبيل التدليل المتهم محمد سلطان فى القضية المعروفة بخلية ماريوت. اتهام مصر بتوقيع عقوبات جماعية على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، لايعدو إلا أن يكون جهلا فاضحا وتطاولا كالحا فعبارة «عقوبات جماعية» تزيد مغرض وفرية ممجوجة، ليس لها من سند ولامتكأ، «العقوبة الجماعية» هى التدابير الجماعية التى تفرضها أطراف النزاع المسلح، أو دولة الاحتلال على أشخاص على نحو حاط بالكرامة الانسانية، عن أفعال لم يفعلها هؤلاء الاشخاص وهل ينازع جاهل بأن سياق الملاحقة الجنائية لقيادات الجماعة فى مصر هو سياق الاحتلال أو سياق النزاع المسلح، هل قام القضاء المصرى باصدار أحكام قضائية باتة مبرمة حازت قوة الأمر المقضى به، بحرمان المتهمين من الطعام أوالماء أو المدد اللازم لبقائهم وحياتهم . مصر لاتطبق القضاء الاستثنائى أن القاضى فى مصر كسائر القضاة ليس عليه حد أقصى من المتهمين أو حد أدنى من الضحايا المجنى عليهم، ولكن الحد الأقصى والأدنى للعقوبة ليس للقاضى أية صلة به، لكنه مجال محفوظ للمشرع ولا يملك حياله القاضى أى أهلية أوتصرف، وليس عليه إلا تنفيذ إرادة المشرع الممثل للجماعة المصرية. لايوجد فى جمهورية مصرالعربية أى قضاء استثنائى فمصر لم تنهج النهج الأوروبى على وجه الاطلاق، فالقضاء العسكرى شأنه شأن أى قضاء خاص مثل محاكم الأحوال الشخصية، ومحاكم الأحداث، والمحاكم الاقتصادية لذلك فالقضاء العسكرى فى مصر ليس قضاء استثنائيا، لكن القاضى العسكرى فى مصر هو قاض طبيعى بالنسبة للجرائم التى تندرج تحت ولايته، وذلك بموجب الدستور والتشريعات الوطنية، فالقضاء العسكرى فى مصر منشأ بقانون كما تتطلب المواثيق الدولية لحقوق الانسان وقانون هيئة القضاء العسكرى يتضمن معايير المحاكمة العادلة للمتهمين وفقا للمواثيق الدولية لحقوق الانسان كما أن اختصاص القاضى العسكرى بالقضايا التى ينظر فيها اختصاص موضوعى وليس شخصيا، بغض النظر عن شخصية